توفيق الناصري
أطلق مجموعة من النشطاء المغاربة على مواقع التواصل الاجتماعي، حملة ضد مضايقات حراس السيارات الذين يعملون بشكل عشوائي في شوارع وأزقة المدن المغربية.
وما زاد الطين بلة، هو وقوع جريمة قتل هزت مدينة فاس خلال أول أيام عيد الفطر، راح ضحيتها شاب عشريني بعد نشوب خلاف بينه وبين حارس سيارات، حول “إتاوة” ركن دراجة نارية.
وأفادت مصادر محلية أن الخلاف راجع إلى إرغام الحارس الضحية على دفع مبلغ ركن دراجته النارية بموقف يحرسه الجاني، الشيء الذي رفضه الهالك مما أدى إلى عراك بينهما انتهى بمقتل صاحب الدراجة النارية.
وسم “ماتحضيش طوموبيلتي”
أعادت هذه الجريمة مطالب نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي بتخليص شوارع المدن المغربية من “أصحاب البدلات الصفراء”، إلى الواجهة، إذ ارتفعت أصوات تدعو إلى عدم إعطاء أي “بقشيش” مقابل ركن السيارات، مستنكرة عدم تدخل السلطات المعنية لردع هؤلاء الذين نصبوا أنفسهم حراس مواقف سيارات بأساليب غير قانونية وفرضوا أنفسهم بالقوة على المواطنين.
وأطلق النشطاء حملة تحت وسم “ما تحضيش طوموبيلتي” بمعنى “لا تحرس سيارتي”، شاركه آلاف المواطنين المغاربة، مطالبين بوضع حد لابتزاز ما أصبح يسميه البعض بـ”بوصفير” وهو التهاب الكبد بالعامية المغربية، كوصف قدحي لأصحاب السترات الصفراء.
وليست هذه المرة الأولى التي ينتفض فيها مغاربة على مواقع التواصل ضد “الكارديانات” أو “مول الجيلي” إذ تم إطلاق حملات سابقة تحت هاشتاغ “عيقتو” أي “بالغتم كثيرا” و”سير عري على كتافك” بمعنى “شمّر على ذراعيك واشتغل”، احتجاجا على جشع بعض الحراس الذين لم يعودوا يكتفون بما يمنح لهم من بقشيش، رغم عدم توفرهم على أي ترخيص.
احتواء “الحراس” دون تشريدهم
في هذا السياق، قال عادل تشيكيطو، رئيس العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان، إن ظاهرة حراس السيارات الذين ينصبون أنفسهم حماة للشوارع، أصبحت تؤرق أصحاب السيارات وتكدر مزاجهم، فما إن تركن سيارتك لبضع دقائق لقضاء غرض ما، حتى ينتصب أمامك حارس، يفرض عليك خدمته، ويطالبك بأداء مقابل مادي.
وتابع الفاعل المدني، في تصريح لـ”سكاي نيوز عربية”: “هناك أيضا من يمارس الابتزاز على أصحاب السيارات، عبر التلفظ بكلام جاف يحمل وعيدا، أو عن طريق الإيحاء بأن له سوابق عدلية، لإثارة الفزع في نفوس بعض السائقين لا سيما النساء”.
تشيكيطو، سجل في معرض حديثه، أن “اجتثاث هذه الظاهرة صعب جدا، لأنه يتطلب قرارات جريئة، من بينها إدماج هؤلاء الحراس عبر منحهم فرص شغل في التنظيف أو مهن أخرى، لأنه لن يكون من الممكن إيقاف الظاهرة بين ليلة وضحاها، لأن معظمهم من أسر متواضعة وإيجاد البديل لهم ليس بالأمر اليسير”.
أول مصدر إزعاج للمغاربة
في خضم الحملات التي يشنها مواطنون على الإنترنيت، كشفت دراسة حديثة نشرها المركز المغربي للمواطنة، بخصوص الممارسات الأكثر إزعاجاً للمواطنين المغاربة في الفضاء العمومي، عن كون “حراس السيارات” أكثر ما يضايق المغاربة.
نتائج الدراسة خلصت إلى أن مضايقات حرّاس السيارات هي الممارسة الأكثر إزعاجا للمواطنين في الفضاءات العمومية بنسبة 17,2 في المئة، يليها رمي الأزبال في الأماكن غير المخصصة لها بنسبة 16.5 في المئة، ثم احتلال الملك العمومي بنسبة 9,14 في المئة، فاستعمال الألفاظ النابية في الأماكن العمومية والتحرش بالنساء، في حين أن مضايقات المتسولين والتدخين في الأماكن العمومية يأتيان في المرتبتين السادسة والسابعة.
نقاش في البرلمان
من منصات التواصل الاجتماعي انتقل النقاش إلى البرلمان، حيث كشف النائب البرلماني، عمر الأزرق، أن العديد من شوارع وأزقة المغرب تعج بأعداد مهولة لحراس السيارات، بعضهم بطريقة عشوائية وبدون الحصول على رخص لمزاولة هذه المهنة.
وقال البرلماني عن حزب التجمع الوطني للأحرار (أغلبية)، في سؤال كتابي موجه لوزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، إن العديد من سائقي السيارات يقفون على سلوكيات لا أخلاقية من لدن هؤلاء الحراس، تصل في بعض الأوقات إلى ابتزاز المواطنين وإجبارهم على الأداء باستعمال القوة.
وتساءل النائب البرلماني عن التدابير التي تعتزم وزارة الداخلية اتخاذها لمحاربة ظاهرة فوضى انتشار حراس السيارات بدون رخص.
وكان نور الدين بوطيب، الوزير السابق المنتدب لدى وزير الداخلية، في جوابه عن سؤال “غياب إطار تنظيمي لمهنة حراسة السيارات”، خلال جلسة بمجلس النواب، أوضح أن مسؤولية تدبير هذا الموضوع تعود إلى الجماعات صاحبة الاختصاص القانوني، مشيرا إلى تحرك السلطات الإقليمية بمعية مختلف المتدخلين من أمن وطني ودرك ملكي وسلطات محلية من أجل “اتخاذ التدابير وتكثيف المجهودات بغرض مواجهة كل فعل من شأنه أن يخل بتنظيم السير والجولان بشكل عام”.