*طلحة جبريل
أنقل إليكم اليوم بعض الأخبارعن الصحافة الورقية، اعتماداً على أرقام وهي بطبيعتها جافة رغم أن لها قدرة على البيان لا تضارعها فيها وسيلة أخرى من وسائل التعبير، لكن قبل ذلك أقول بصراحة بأنني لا أعرف حالياً تفاصيل أوضاع الصحف الورقية، وماذا يدور في كواليسها، لكن حتماً أدرك أنها تعاني لأسباب يمكن يكتب عنها صحافيون يوجدون داخل قاعات التحرير.
كنت شخصياً قد غادرت قاعات التحرير قبل خمس سنوات، لكن قطعاً لم أغادر الصحافة ولن أغادرها قط ، إذ هي ليست مهنة بل هوية، ولا يوجد عاقل يمكن أن يضحي بهويته. كانت سنوات من الفراق لقاعات التحرير ولم تكن سنوات من القطيعة،لأنني كنت على الأقل شاهداً ومتابعاً.
عشت صحافياً ولم أعمد يوماً إلى تظليل ذلك، تعاملت مع الواقع ولم أتبع الأساطير والخرافات. كنت وما زلت أعتقد بأن الصحافة هي المادة الصحافية الجيدة، ومن أجل ذلك يستحق أي صحافي اللقب. ثم أقول بوضوح إن العمل اليومي في قاعات التحرير في كل زمن له ناسه الأجدر بملاحقة الأحداث وعرض الأفكار وليس من اللائق أن يتلكأ أحد على العصر وأزمنته.
حدثت للصحافة عملية تجريف كما هو الشأن في بعض المجالات، لذلك غادرها بارزون ليس إلى مهنة أخرى بل إلى الإنزواء وبعضهم نحو دهاليز السياسة . آخرون من الورق وطياته إلى مواقع القرار والوزارة، وما تعنيه وما تتطلبه.
يقال الآن إن الشبكات الاجتماعية أصبحت الأكثر “تاثيراً” بل وبات التدوين والتغريد ومقاطع الفيديو، لها شأن آخر إلى حد أن كثيرين يزعمون أنها هي“الإعلام” . هذه مزاعم وستبقى مجرد مزاعم.
الآن ماذا تقول الأرقام؟
اكتفي بنموذجين من أميركا وفرنسا.
في أميركا أرتفع رقم مبيعات النسخة الورقية من “وول ستريت جورنال” إلى 2.2 مليون قارئ يومياً، ووصل رقم توزيع”نيويورك تايمز” إلى 831 ألف نسخة يومياً، وعدد قراء النسخة الإليكترونية إلى أربع مليون و665 ألف قارئ. بلغ عدد قراء تطبيقات يومية “وول ستريت جورنال” على الهاتف 21 مليون قارئ، وارتفع عدد قراء النسخة الورقية بنسبة 27 بالمائة في الشهر الماضي.
بلغت مبيعات النسخة الورقية من “واشنطن بوست” اربعمائة الف نسخة يومياً ، بزيادة 12 بالمائة ، في حين يقترب عدد قراء النسخة الإليكترونية من مليون ونصف مليون قارئ .
في فرنسا عرفت صحف “لوموند “و”ليفغارو” و”لكيب” و “ويست فرانس” ارتفاعات متتالية في مبيعات طبعاتها الورقية ، كان ذلك بعد عام 2019 ، كالتالي : توزيع لوموند أزيد من 445 ألف يومياً، لوفيغارو أزيد من 347 ألف، لكيب أزيد من 214 ألف ثم ويست فرانس وهي صحيفة أقليمية أزيد من 629 ألف يومياً.
ثم يحدثونك عن “المؤثرين”.
*كاتب وصحفي