عمر عماري

يشعر الإنسان بالحزن والاحباط جراء إنتخابات بئيسة حدثت بالأمس بجماعة الشراط.

إنتخابات لا طعم ولا لون لها، باستثناء انها وقعت في شهر مبارك عظيم.

إخراج بئيس لمسرحية عنوانها مثير وجذاب لكن فحواها تافه ومقرف.

أقول انه من الصعب جدًا أن يجلس أحدهم فوق كرسي كان يعتليه شخص اسمه أحمد الزيدي.

قال لي رحمه الله في احدى مقاهي حي اكدال سنة 2009, وكنت يومها انوي الترشح للانتخابات الجماعية، وكادت أن تدمع عيناه: أنا يا عمر ماعنديش خليفة يخلفني في الشراط.

أجبته: أنت اللي بعدتي عليك الناس اللي في المستوى. وتترشح معاك غير اللي بغيتي..

 وكان من الأخطاء القاتلة لأحمد الزيدي وابنه من بعده إنهما يقصيان كل من فيه رائحة العلم والثقافة والنباهة. وكانت سياستهما الممنهجة هي تجهيل وتفقير المكتب الجماعي طوال 30 سنة. حتى جف الضرع وغاضت الأرحام ولم يعد بالإمكان أن نجد خليفة لأحمد الزيدي.

بعدما تأكد الراحل من أني سأترشح لانتخابات 2009  قال لي رحمه الله: ما رأيك يا عمر أن تكون لي خليفة من الآن. وأظن أنه أمسك بقلم وورقة وبدأ يكتب لي شروط الخلافة. وأضاف: سأنتظرك غدا على الساعة السابعة صباحا، وكان يوم أحد.

ذهبت مسرعا بشروط الخلافة إلى صديق مقرب، وكان يساريا وسبق أن اشتغل مع الزيدي في الحزب وفي الانتخابات (ماكنت اروي هذه الحكاية لو لم يكن هناك شاهد عليها).

جلس صديقي العزيز بجانبي في مقهى بديور الجامع بعد أن امسك بدوره قلما وورقة من أوراق الزبدة المعروفة. وبدأ يدرس ويناقشني في شروط الخلافة واحدا تلو الأخر حتى انتهى إلى نتيجة مفادها:  شوف صديقي عمر لا يمكن قطعا أن تثق في وعود الزيدي، انه يستدرجك ليقضي عليك في النهاية. وحكى لي وقائع كثيرة لا وقت لسردها الآن.

سمعت نصيحة صديقي، وعند السابعة صباحا رن الهاتف لأجيب الزيدي وبدون مقدمات: معذرة سي احمد لن اقبل بشروطك.

 اعترف بعد هذه المدة أنه من الصعب جدا أن تكون سياسيا مثل احمد الزيدي رحمه الله.

وجاء رده سريعا، بالعمل لا بالقول، وهو أنه أقصاني من الترشح سنة 2009 بطريقة محترفة، لم تترك وراءها أثرا. ويشهد على هذه الواقعة أيضا صديق لي وهو عضو الآن بالمجلس الجماعي لشراط. ومنذ ذلك التاريخ وأنا من المغضوب عليهم في بلدتي العزيزة.

الشاهد عندنا من هذه القصة ليس القول بأني الخليفة المنتظر لشراط. لا بالمطلق. لقد قررت منذ هزيمتي في انتخابات 2015 ألا أترشح أبدا لأي انتخابات كيفما كانت. ولم يعد يشرفني أن أكون حتى عضوا في مجلسها. وإنما بالمقابل سأبقى محبا لبلدتي، ساكنا فيها، فاعلا فيها، مدافعا ومترافعا عنها بقلمي وبأشياء أخرى.

آه يازمان.. عشنا حتى ولينا تنقولو وافينك يا الزيدي..

——–

ملحوظة: لم أكن أترحم في السابق على احمد الزيدي. لكني الآن أترحم عليه وأدعو له بالمغفرة والرحمة في هذا الشهر الفضيل. الله يسامح عليه وعلينا..

*كاتب /صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *