الكنبوري

*الدكتور-إدريس الكنبوري

الهجوم الذي تعرض له الداعية الأستاذ ياسين العمري بسبب رأيه في مسلسل تلفزيوني والشيخات يعكس حالة الإفلاس الخطير الذي وصلناه في الثقافة والذوق والأخلاق.

تابعت أغلب الردود والمواقف فوجدت أننا وصلنا درجة من الانحطاط ليس فوقها درجة.

جل أصحاب الردود لا يهمهم أمر الشيخة ولا هم يحزنون؛ وإنما قاموا لأن صاحب الرأي داعية إسلامي. إنه الصوت الداخلي المحبوس عندالكثيرين؛ الصوت الكاره للتدين في المجتمع المغربي. وقد التحق البعض بهذه الهجمة عن حسن نية؛ وهم لا يدركون بأنهم يخدمون مخططا أكبر منهم.

ليس الموضوع موضوع دراما أو فن. لو كان هناك رمز إيجابي للفقيه في مسلسل لقام هؤلاء بالهجوم عليه بدعوى أن الدراما لا يجب أن تخدم ايديولوجيا  معينة.

هذه أمور معروفة لكنها للأسف تنطلي على الأبرياء في مواقع التواصل الاجتماعي فيسقطون في الفخ.

الأمر أكبر من الشيخة. أكبر بكثير. نحن مجتمع متسامح تعايشت فيه الشيخة الراقصة مع الشيخ المربى دون مشاكل عندما كانت الشيخات التعبير الوحيد عن الغناء في المغرب؛ لكن الظاهرة تراجعت بشكل كبير مع تطور أشكال فنية جديدة.

قناعة أم تحدي؟. بوطازوت تستعد لدور مهنة “طابو” بعد الشيخة حليمة

واليوم عندما يختار مسلسل تلفزيونيشخصية الشيخة فليس الغرض الدفاع عنها بل خدمة الميوعة والتفاهة.

إن مخرجي المسلسل والذين برمجوه في رمضان يتفقون مع ياسين العمري في أن رمز الشيخة رمز قبيح؛ إنما هو يرفضه وهم يريدون أن يقبل به المغاربة للتطبيع مع الهبوط الأخلاقي.

هي وجهة نظر واحدة لكن في اتجاهين متعاكسين.

انظروا إلى الكاميرا الخفية والالفاظ النابية التي يغطونها بالزعيق؛ مع أن الجميع يفهم المقصود؛ لكي تفهموا أن الموضوع أكبر من الشيخة. إنها سياسة تعرية المغاربة.

المشكلة اليوم أن المثقف المتدين مرفوض؛ وأن التيار الكاسح هو تيار التحلل والتفاهة والسخافة.

إنها صورة كاذبة لمغرب مصطنع تلعب فيه الاقلية دور الأغلبية في مسلسل؛ جميع الممثلين فيه يؤدون دور الشيخة.

*مفكر مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *