*كراتشي/ عامر لطيف/ الأناضول
انتخب البرلمان الباكستاني، الإثنين، زعيم المعارضة السابق شهباز شريف رئيسا للوزراء خلفا لعمران خان.
وشهباز (70 عاما) هو الشقيق الأصغر لرئيس الوزراء الأسبق نواز، وشغل المنصب بعد أن صوّت النواب الأحد لصالح حجب الثقة عن “خان”.
لعب شهباز، المتعافي من مرض السرطان، دورا محوريا في إطاحة المعارضة بـ”خان”، وسيؤدي اليمين الدستورية مساء الإثنين ليصبح رئيس الوزراء الثالث والعشرين.
ولد شهباز في 23 سبتمبر 1951 لعائلة كشميرية تتحدث البنجابية بمدينة لاهور (شمال شرق).
عائلة شريف
تنحدر عائلة شريف من منطقة أنانتناغ بإقليم كشمير الخاضع للإدارة الهندية، واستقرت أوائل القرن العشرين بمدينة أمريتسار بولاية البنجاب شمال غربي الهند.
في 1947، هاجرت العائلة إلى لاهور، بعد إعلان باكستان والهند كدولتين مستقلتين.
أنشأ والده محمد شريف، وهو رجل صناعة من الطبقة المتوسطة العليا، مصنعا صغيرا للحديد والصلب بضواحي لاهور.
تلقى شهباز تعليمه المبكر بمدرسة “القديس أنتوني الثانوية” بلاهور، ثم التحق بجامعة “الكلية الحكومية” المرموقة في المدينة، وحصل على بكالوريوس في الآداب.
وانضم مع شقيقه الأكبر نواز إلى شركة عائلته أوائل سبعينيات القرن الماضي.
وفي 1974، خضعت مصانع العائلة لسيطرة الدولة، بموجب سياسة التأميم لرئيس الوزراء حينها ذو الفقار علي بوتو.
لكنها أعيدت إليهم في 1977، بعد الإطاحة بحكومة بوتو عبر انقلاب قائد الجيش آنذاك الجنرال ضياء الحق.
تزوج شهباز ثلاث مرات، ولديه حاليا زوجتين، وأنجب أولاده الأربعة من زوجته الأولى “نصرت” التي تزوجها عام 1973.ذ
ونجله الأكبر ووريثه السياسي حمزة هو زعيم للمعارضة في جمعية البنجاب، ومرشح لمنصب رئيس وزراء الإقليم.
عالم السياسية
دخلت عائلة شريف عالم السياسة أوائل ثمانينيات القرن الماضي، عندما كانت باكستان تُدار بموجب أحكام عرفية.
انضم نواز إلى مجلس الوزراء الإقليمي باعتباره أصغر وزير مالية تحت رعاية حاكم البنجاب آنذاك الجنرال غلام جيلاني.
وبسخرية، يعتبر معارضون أن عائلة شريف “نتاج الأحكام العرفية والجنرال جيلاني”.
انتخب شهباز عضوا بمجلس البنجاب عام 1988، وبالجمعية الوطنية في 1990.
وأُعيد انتخابه بجمعية البنجاب عام 1993، وشغل منصب زعيم المعارضة حتى 1996.
ولأول مرة، تم انتخابه رئيسا لوزراء البنجاب عام 1997، لكن حكومته استمرت لمدة تزيد قليلا عن عامين فقط.
فقد أطاح قائد الجيش آنذاك الجنرال برويز مشرف بحكومة نواز في أكتوبر 1999.
وتمت محاكمة نواز وشهباز بتهمة اختطاف طائرة تجارية كان مشرف بين ركابها.
وفي أبريل 2000، قضت محكمة بسجن نواز مدى الحياة لإدانته بإصدار أمر باختطاف الطائرة، فيما جرى لاحقا تبرئة شهباز ومتهمين آخرين.
في العام التالي، وبموجب اتفاق توسط فيه العاهل السعودي حينها الملك عبد الله بن عبد العزيز، غادرت عائلة شريف إلى المنفى بمدينة جدة السعودية، حيث عاشت ست سنوات.
عادت الأسرة إلى باكستان عام 2007، وانتُخب شهباز رئيسا لوزراء البنجاب لولاية ثانية عام 2008 وأكمل ولايته في 2013، ثم أعيد انتخابه حتى 2018.
وفي 2018 انتُخب عضوا بالجمعية الوطنية وشغل منصب زعيم المعارضة حتى 11 أبريل من ذلك العام.
كما تم اختياره رئيسا للرابطة الإسلامية الباكستانية (جناح نواز) عام 2017، بعد استبعاد نواز من قبل المحكمة العليا.
وبصفته رئيس وزراء البنجاب، اكتسب شهباز سمعة كمسؤول إداري فعال وصارم في مواجهة البيروقراطية.
اتهامات بلا إدانة
يُنظر إلى شهباز على أنه “رائد لاهور”، إحدى المدن الباكستانية المتقدمة، حيث يُعرف بتطويره نظام الاتصالات ووسائل النقل حتى في المناطق الصغيرة والريفية.
وقال تيسير مصطفى، وهو صحفي والمستشار الإعلامي لشهباز، في حديث للأناضول، إن شهباز “ليس عبقريا، لكنه مجتهد جدا”.
فيما قال المحلل السياسي البارز في لاهور سلمان غني، للأناضول، إن شهباز “يعرف كيف يتعامل مع البيروقراطية وكيفية إدارة الحكومة”.
واعتبر أنه “الخيار الأفضل” لمنصب رئيس الوزراء بين السياسيين الحاليين.
وتابع: “يتمتع بخبرة سياسية وعلى دراية جيدة بفن الحكم، ولديه سجل حافل بالحكم”.
واستدرك غني: “لا نتوقع حدوث معجزة بالنسبة للاقتصاد، لكنه بالتأكيد سيحدث فرقا فيما يتعلق بالحوكمة التي كانت أضعف نقطة في حكومة عمران خان”.
ويواجه شهباز وولديه مع نواز قضايا فساد، وهم ينفون صحة هذه الاتهامات، ويعتبرون أنها “مُسيسة”.
وسبق أن قضى شهباز عامين بالسجن خلال الحكومة السابقة، وتم الإفراج عنه بكفالة، ولم يتم حتى الآن إثبات أي تهمة بحقه في المحاكم.
ومؤخرا، برأته الوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة بالمملكة المتحدة في تحقيق بشأن غسل أموال بدأ بناء على طلب الحكومة السابقة.
ميل لتركيا والصين
دعا شهباز إلى تحسين العلاقات مع الولايات المتحدة الأمريكية، واعتبرها “حاسمة” بالنسبة لباكستان.
وهذا خروج ملحوظ عن علاقات “خان” الفاترة مع واشنطن، التي يتهمها بتدبير الإطاحة به.
وبحسب غني، فإن “شهباز يميل نحو الصين وتركيا، حليفتا باكستان منذ فترة طويلة”.
وتابع: “شهباز ملهم بالنضال الصيني، سواء في ساحة المعركة أو في مجال الاقتصاد، كما أن الدبلوماسيين الصينيين معجبون بعمله الدؤوب وطريقة حكمه”.
وخلال فترة ولاية نواز عام 2015، تم توقيع مشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، وتبلغ تكلفته 64 مليار دولار، كجزء من “مبادرة الحزام والطريق” الصينية.
وأضاف غني أن “شهباز حاول إتباع النموذج التركي لتطوير البنجاب خلال ولايته الأخيرة”.
وتشارك شركات تركية وصينية في إنجاز مشاريع بالبنجاب بدأت خلال حكم شهباز.
كما أُطلقت أسماء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان والرئيس السابق عبد الله غُل ومدينة إسطنبول على أماكن عديدة مهمة بلاهور.
وتابع غني أن شهباز قال مرارا إن “تركيا والصين هما الدولتان اللتان دعمتا باكستان دائما في جميع القضايا، ولا سيما (قضية) كشمير” المتنازع عليها مع الهند.