تنشر جريدة “أكاديرإينو” بتعاون مع جريدة “le12.ma” طوال الشهر الفضيل، ربورتاجات وبورتريهات حول أشخاص وأمكنة من سوس العالمة، كان لها الأثر في أحداث ووقائع يذكرها الناس ويوثقها التاريخ.

 في حلقة اليوم يأخذكم هذا الربورتاج في رحلة ممتعة داخل المنتزه الوطني “إيريكي”.. إنها تجربة فريدة لاستكشاف سحر سوس ماسة.

 

* سامية أتزنيت

في مسار بين الواحات والصحراء بامتياز، على مدى سبعة أيام لهواة السفر على الطريق، والتجوال لأيام في أحضان الطبيعة، تعد رحلة لاستكشاف المنتزه الوطني إيريكي بأكمله، فرصة مناسبة، وخطة سانحة يمكن وضعها للاستجمام بين واحات سوس ماسة.

 

مُتنزه فريد من نوعه

 

في مسار يمتد لمئات الكيلومترات، صوب أبواب الصحراء، متيحا فرصة العثور على المنحوتات الصخرية، والاستمتاع بها، وزيارة الواحات الخلابة مثل واحات جبل باني، والنوم في مخيمات وسط الكثبان الرملية، وعبور بحيرة جافة لعدة كيلومترات.

يكتشف هذا المقال المتنزّه الوطني “إيريكي”، الذي يحتل المسافة بين نهر درعة، وسفوح الجنوب، من جبال الأطلس في إقليمي زاكورة وطاطا.

أحدث متنزّه إيريكي في عام 1994، في جزء من استراتيجيّة تعزيز السّيّاحة في جنوب المغرب، والتي قد تصبح في نهاية المطاف وسيلة مهمّة لتعزيز وتطوير المناطق الصّحراويّة.

يتّسع المتنزه لمساحة 123 ألف هكتار. ويتميز بالمناظر الطّبيعية الصّحراوية المعتادة في جنوب المغرب. بغطاء نّباتي منوع بين سهوب مشجّرة، والسّافانا من أكاسيا راديانا.

وتتمّ تغطية موائل الكثبان الرّملية بشكل أساسي بواسطة الأثل، فإعادة تأهيل الأراضي الرّطبة في بحيرة إيريكي، أحد الأهداف الرّئيسيّة لإنشاء المتنزّه.

 

إمكانات سياحية وبيئية مهمة

 

تشكّل بحيرة إيريكي محطة للعديد من الطّيور المهاجرة مثل طيور النّحام الوردي والغرة والإوز البري، وفضاء لإدماج حيوانات صحراوية منقرضة من المنطقة، مثل المها والظّبي لولبي القرون وغزال مها أبو عدس، والنعام أحمر الرقبة. ويعيش بالمنتزه وحيش متنوع، من الضأن البربري، وغزال دوركاس، وابن آوى، وثعلب الصحراء، وطيور الحبارى الأفريقي، فضلا عن الزواحف مثل أفعى القرناء (ذات القرون)، والوَرل، والحرباء، والوَزَغيات، وأنواع أخرى من الأفاعي، وبعض الأنواع المنقرضة التي أ ُدر ِجت  لاحقا مثل غزال المَها. والأكيد أنه فضاء طبيعي للترحال والرعي لرحل محاميد الغزلان.

ويمنح هذا المتنزه الوطني إمكانات سيّاحيّة وبيئيّة مهمّة، بمناظره الطبيعية الغنية والتراث الثقافي للمنطقة التي تكون وسيلة للتنمية الاقتصادية المحلية للمغرب، خصوصا وأن عددا قليلا من العائلات استقرت داخل المتنزّه، فيما يشكل القسم الأكبر من ساكنتها من البدو الرحل. وينحدر معظم هؤلاء من محاميد الغزلان، يمارسون الانتجاع على طول فكيك وطانطان.

وتعدّ منطقة إيريكي المكان الرّئيسي لرعي قطعان مواشي وإبل الرحل، بسبب إمكاناتها الجيّدة وتوفرها على غطاء نباتي صحراوي ممتاز. وتتم حماية النّباتات والحيوانات في المنطقة المغربية السّابقة في الصّحراء، لتعزيز السّيّاحة البيئيّة في جنوب المغرب، وهي من ضمن الأهداف الأخرى لمنتزه إيريكي الوطني.

ومن يمكن بلوغ المتنزه في رحلة، تستغرق سبع ساعات انطلاقا من مدينة أكادير، باستخدام سيارات الدفع الرباعية التي خصصت لها مسارات محددة في رحلة الاستكشاف هاته.

 

تخييم تحت نجوم السماء

 

يمكن للسائح المتواجد بمدينة أكادير زيارة المنطقة بالاتجاه صوب “أقا إيغان”، ثم الانعطاف يسارا عند التقاطع مع الطريق الوطنية رقم 12، نحو “تيسنت-فم زكيد” للوصول إلى المنتزه الوطني “إيريكي”.

ستترك بعد ذلك الطريق المعبد، لتسلك مسارا حجريا بمحاذاة “جبل مادور” الكبير والصغير للوصول إلى البحيرة الواقعة بين مدينتي “فوم زكيد” و”امحاميد الغزلان”، وينبغي القيام بحجز مخيم مؤقت في المنتزه الوطني لقضاء الليلة هناك.

وفي اليوم الموالي، يمكن التوجه صوب “عرق شكاكة” حيث تقع بعض الكثبان الرملية التي يبلغ ارتفاعها خمسين إلى ستين مترًا. ويمكن التخييم هناك في منطقة التخييم كثبان شكاكة.

يزخر المنتزه أيضا بأماكن مناسبة للتجول مشيا ليوم أو لأيام وليال. ففي قلب هذه الطبيعة المحمية الزاخرة بمناظر فاتنة، هناك ست أنشطة يمكن مزاولتها عند استكشاف المنتزه مثل التجول مشيا لاستشعار الطبيعة عن قرب، زيارة المناطق النائية في رحلات سفاري أو على متن مركبات كواد، خوض تجربة الطوارق بطواف المسارات على ظهور الجمال، وقضاء ليلة وسط الصحراء تحت سماء مشعة بالنجوم، ومن ثم وزيارة أطلال ماقبل التاريخ ومنها “موقع آيت واعزيق” الشهير.

بعد ذلك يمكن التوجه نحو امحاميد الغزلان عبر مسار بين الكثبان الرملية والأثل، وستحتاج في هذه الرحلة لاستعمال السيارات الرباعية الدفع والاستعانة بأحد المرشدين. في امحاميد ستجد الطريق المعبد من جديد وتستغرق الرحلة من خمس إلى ست ساعات.

يبقى المنتزه الوطني إيريكي مفتوحا على مدار السنة، غير أن مناظر الوحيش الاستثنائية لا تتأتى للزائرين إلا في موسم الأمطار. ويُستحب بشدة اصطحاب مرشد محلي، لأنه قد تحدث مشاكل مثل أن تعلق عربات السيارات في الكثبان أو الوحل خلال الأيام الممطرة. فيما تكون باقي رحلات السفاري والاستكشاف مناسبة تماما لموسمي الربيع والصيف وبدايات فصل الخريف.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *