احتدم الصراع في الأصالة والمعاصرة، بين عدد كبير من القياديين، بعضهم شكل تيارا خاصا به، والبعض الآخر انتخب لجنة تحضيرية للمؤتمر الرابع، وطالبوا باستقالة حكيم بنشماش، الأمين العام، الذي طعن رفقة آخرين في شرعية التحضير. ولتسليط الضوء على ما يحدث في الحزب، أجرينا الحوار التالي مع  بنشماش.

 يوجد الأصالة والمعاصرة على حافة الانهيار، ويحملك قادة الحزب المسؤولية في ذلك، ماهو ردك؟.

” غير صحيح ما يروجونه، لأن الحزب يوجد على عتبة انطلاقة جديدة، وانبعاث جديد بأسس جديدة قوامها المسؤولية. إن شئت الدقة نحن أمام إعادة تعريف المسؤولية، والاحتكام إلى الشرعية والمؤسسات وقوانين الحزب، ولكن أيضا نرسخ التخليق.  لذلك قررنا أن نقول للمغاربة الحقيقة بدون تزويق. نحن مصممون على تنقية باب الدار وجنبات البيت. وأظن أن هذا يسائل كل الأحزاب، إذ من غير اللائق أن نستمر في خداع أنفسنا وخداع المغاربة”.

ما هي إستراتيجيتكم وما الهدف من ورائها؟

“التمس من الجميع إعادة قراءة خطابات جلالة الملك والأسئلة التي طرحها على الطبقة السياسية والتي في معظمها لم يتم الإجابة عنها.  و”ما عندناش الوجه نمشيو للانتخابات”، ولا أن نتفرغ للتحديات التي تواجه البلد بأحزاب تنخرها الأمراض من كل نوع، وهناك الانتهازية، والكذب، والأنانيات الضيقة، والعض بالنواجذ على الريع السياسي، والشعبوية، والعدمية، وتبخيس المؤسسات. والحزب يستعيد شجاعته الأخلاقية والسياسية ويعلن للمغاربة بأنه مصمم على إصلاح نفسه، ومداواة أمراضه وخوض معركة التخليق بالاحتكام إلى القانون، ولا شيء غير الضوابط القانونية والأخلاق السياسية بمعناها النبيل”.

 اتهموك باتخاذ قرارات انفرادية غير قانونية في حق مؤسسي الحزب من قبيل تجريد أحمد اخشيشن من منصب الأمين العام بالنيابة؟

” أخشيشن عليه أن يخجل من نفسه وأن يفهم، هو وغيره، بأن عهد الكذب، والنفاق، والاستقواء بالمؤسسات، والظهور بمظهر الحمل الوديع، و”سوبر” زعيم قد ولى، أو هو في طريقه أن يذهب إلى الأبد. واخشيشن أنا من عينته بمقتضى اختصاصي الحصري، ومن حقي أن أعفيه، وقد شرحت الأسباب، وقلت بأن لدي أسبابا أخرى أنا من يختار توقيت الإفصاح عنها”.

 اتهمك محمد الحموتي  بالتعسف حينما سحبت منه تفويض رئاسة المكتب الفدرالي، ماهو تفسيرك؟.

” ما قلته عن اخشيشن ينطبق على محمد الحموتي. فوضت له رئاسة المكتب الفيدرالي، وقررت أن أسحب منه التفويض. أين المشكل؟  هل تريد أن أكون شاهد زور؟ سمح محمد الحموتي لنفسه بترؤس اجتماع اللجنة التحضيرية للمؤتمر بعد أن رفعه الأمين العام، وتحدى المؤسسات، والقوانين، والأعراف بشكل لا يحدث حتى في أحزاب الدول الأكثر تخلفا، والحمد لله أن الفيديو فضح اللعبة القذرة، وقد تابع المغاربة مسرحية بئيسة ومنحطة لعملية السطو، أو محاولة السطو التي جرى فيها استعمال أساليب التزوير والمناورات، على حزب أسسته قامات كبيرة، وانخرط فيه مناضلون شرفاء بمسارات غنية، ومتنوعة وبحلم جميل بعث شعاع أمل واعد، وهم يريدون اليوم اغتياله غير عابئين لا بالتحديات التي يجابهها الوطن، ولا بآمال من وثق بالحزب، وبعدها تقول لي لماذا سحبت التفويض من  الحموتي؟.

 اتهمك القيادي عبد اللطيف وهبي، بأنك فشلت في تدبير الحزب وانشغلت بتصفية الحسابات مع من يختلف معك، ماهو ردك؟

” انا درست الفكر السياسي لطلبتي، وأعرف جيدا المدرسة السفسطائية ولا وقت لدي للسفسطة”.

 ماهو ردك على اتهامات أعضاء اللجنة التحضيرية بأنك خرقت القانون، حينما أحلت ملفها على لجنة الأخلاقيات؟

“خرقت القانون لأنني أحلت الملف على لجنة الأخلاقيات، نعم هذا ما يقولونه. وهنا أرفع الراية البيضاء”.

 (مقاطعا) يقولون إنك اتخذت هذا القرار بعد أن انهزمت ديمقراطيا وانتخابيا في وضع محمد بنحمو، رئيسا للجنة التحضيرية، عوض سمير كودار، الذي تم التصويت عليه ورفع فوق أكتاف الباميين؟

“نعم رفع فوق الأكتاف، وكان ينتشي بلحظات النصر العظيم . وبدون تعليق، والملف معروض على لجنة التحكيم والأخلاقيات . ولديها التسجيل الكامل بالصوت والصورة، وأحترم المؤسسات  ولن أرد على الخزعبلات، ومرة أخرى ” ما عندي بو الوقت لقد راسلت الداخلية لمنع اختطاف المقرات”.

 راسلت وزارة الداخلية لمنع أي تحرك لما اعتبرت نفسها لجنة تحضيرية، أليس هذا ممارسة سلطوية وديكتاتورية في منع خصومك من عقد اي اجتماع؟ لماذا تستقوي بالداخلية؟

” هذه اللجنة باطلة، ولا سند أو شرعية قانونية لها، وأستغرب أن يسارع بعض مسؤولي الحزب ” الكبار ” إلى إرسال رسائل تهنئة لمن قيل إنه ” رئيس اللجنة”، والملف المرتبط بها، معروض على أنظار لجنة التحكيم، والأخلاقيات حسب قوانين وأنظمة الحزب، ولا يحق لها أن تعقد أي اجتماع “ورئيسها” تم تنصيبه في إطار عملية تزوير فضحها الفيديو المنشور، وعندما راسلت وزارة الداخلية فإنما قمت بذلك ليس من باب الاستقواء بها، ولكن لأن واجبي ومسؤوليتي القانونية، والأخلاقية، والسياسية تقتضي حماية الشرعية من عبث العابثين . ولو كنت أتدخل لمنع المختلفين من عقد الاجتماعات، لكنت طالبت بمنع اجتماع مراكش، الذي تم الترخيص له في ظروف غامضة باسم ” نداء المستقبل”، علما بأن هذا النداء لا هو بجمعية، أو مؤسسة، أو منظمة”.

اعتبر الأمناء والمنسقون الجهويون في تسع جهات بأن قرارك الرامي إلى سحب صلاحيتهم، يعد باطلا لأن المجلس الوطني عدل النظام الداخلي،  ويستمرون إلى غاية عقد مؤتمرات جهوية، كيف ترد على ذلك؟.

” مع احترامي وتنويهي بما قام به بعض هؤلاء الإخوة، من مجهودات، وتضحيات لفائدة الحزب، وفي ظروف صعبة، فإن ادعاء عدم قانونية القرار الذي اتخذته أمر عار من الصحة بالمطلق. ولم يسبق للمجلس الوطني أن عدل المادة التي استندت عليها لا في الدورة 22، ولا 23، ولا 24. وصحيح أن جدول أعمال الدورة 22، تضمن نقطة تتعلق بتعديل بعض مواد النظام الداخلي، في إطار التفاعل مع مذكرة أصدرها الأمين العام السابق تتعلق ” بقواعد مؤقتة لتدبير الفترة الانتقالية للمنسقين الجهويين، لكن بما أن الدورة 22 كان موضوعها المركزي الذي هيمن على أشغالها، هو استقالة إلياس العماري، فإن هذه التعديلات لم تقدم أصلا حتى تتم المصادقة عليها.وبعد ذلك، وهذا مذكور في البيان الختامي ومنشور، تشكلت لجنة وأعدت مشاريع تعديلات تهم 53 مادة من النظام الداخلي، من بينها المادة 69 التي استندت عليها في قرار إعلان شغور الأمانات الجهوية، غير أنه لم يتم لا تقديم، ولا توزيع، ولا عرض هذه التعديلات، ناهيك أن يكون قد صادق عليها المجلس الوطني، لا في الدورة 22، أو 23، أو 24 باستثناء المادة 53 المتعلقة بتشكيلة المكتب السياسي التي تم تعديلها في الدورة التي كانت مخصصة لانتخاب المكتب السياسي.وأريد أن أرفع هنا التحدي وأدعو رئيسة المجلس الوطني، لنشر، وتعميم محضر الدورة التي يقولون إنه جرى فيها تعديل هذه المادة. وبالمقابل أضع التسجيلات الكاملة لدورات المجلس الوطني 21، و 22، و23، و 24، أمام أنظار مناضلات ومناضلي الحزب للتأكد من الحقيقة، والعبرة ليست بالكلام، ولكن بالمستندات والوثائق”.

لماذا استعنت بولاة الجهات، لدفعهم إلى منع المنسقين الجهويين بينهم رؤساء جهات من عقد أنشطة، ألا يضر بالوضع التنظيمي للحزب؟

“نعم، اتخذت قرارا في حق المنسقين التسعة بإعفائهم من مهامهم على رأس الأمانات الجهوية، وكان من الضروري من الناحية القانونية أن أراسل وزارة الداخلية، وهذا إجراء قانوني، عاد، وليس استقواء بولاة الولايات وعمال العمالات. وأحد هؤلاء وهو منسق جهة البيضاء سطات، شرع في اتخاذ قرارات طرد في حق مجموعة من خيرة شباب الحزب على مستوى الجهة، لا لشيء سوى أنهم يقومون بواجباتهم النضالية، وبأنشطة وفعاليات رمضانية . وبعض المنسقين اتخذوا مواقف وقرارات  ليس بصفتهم الشخصية، ولكن باسم الأمانات الجهوية، التي اصطفت الى جانب المحاولة الانقلابية على الحزب والتمرد على قوانين وأنظمة الحزب.ومن جهة أخرى، فإن التنظيمات الحزبية في ثلاث جهات على الأقل جرى اختطافها، وتم تحويلها الى قلاع محروسة، وإغلاق مقرات الحزب، التي نؤدي فاتورة كرائها، ودفع أجورها من ميزانية الحزب، وأغلقوا الأبواب في وجه الشباب والنساء والكفاءات، ولدينا تقارير موثقة تؤكد أنه على مدى شهور، لم تقم بأي نشاط لا تعبوي، ولا تواصلي، ولا تأطيري، بل لم يتم تسجيل حتى مجرد اجتماع لما يفترض أنه أمانات جهوية ، ولا شيئ من ذلك حدث”.

 اتهمك وهبي بالتنسيق مع إلياس العماري، الأمين العام السابق لنسف المؤتمر الرابع بل وإحراق الحزب، هل فعلا تنسق معه، أو ينسق مع خصومك في الحزب؟

“لم يسبق لي على الإطلاق أن نسقت معه. هذا كذب وبهتان. عودنا وهبي على “التشيار” آسف لهذه الكلمة. وآخر مرة التقيت فيها إلياس العماري كانت في لندن قبل 3 أشهر تقريبا. وكانت جلسة إنسانية، وأخوية، ولم نتحدث فيها عن الحزب إطلاقا.  أما هل ينسق مع الآخرين؟ الله اعلم “.

من أفشل مبادرة ” نداء المسؤولية” لقادة مؤسسين لرأب الصدع داخل الحزب، أو الذين أطلق عليهم قادة الحزب ” الباءات الخمس”، بيد الله، بنعدي،، بنحمو، بلحاج، الباكوري؟.

” هذه التسمية قدحية، وعيب أن نخاطب قادتنا بهذا الأسلوب المنحط . هذا الذي نصبوه رئيسا للجنة التحضيرية كشف عن أسلوب رديئ في مخاطبة قامات من العيار الثقيل. ثم من قال إن ” نداء المسؤولية” فشل ؟ كل هذه الدينامية التي نحن فيها تندرج في سياق إعادة الاعتبار، لروح المشروع الذي خالطته الشكوك، في سياق إعادة الاعتبار للمسؤولية، وإعادة تعريف معنى المسؤولية داخل الحزب، جنبا الى جنب مع معركة التخليق، والاحتكام الى القوانين ولقواعد الشرعية المؤسساتية”.

إذا قرر الآخرون عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني لإعفائك من مهامك، أو حتى عقد مؤتمر في الأشهر المقبلة، ماذا سيكون موقفك؟

“مرحبا. نعم أنا ورفاقي وأظن كل أو جل أعضاء برلمان الحزب، مع عقد دورة استثنائية للمجلس الوطني. وليس لدي ما أخاف منه. أدعو رئيسة المجلس الوطني الى الحضور لاجتماع المكتب السياسي، لترتيب توقيت وجدول أعمال هذه الدورة. والحزب لديه الشرف أن يفتح باب المكاشفة والمحاسبة أمام الملأ. مستعد لكل شيئ، ما عدا مسألة واحدة لن أقبلها وهي أن  أسمح بالسطو على الحزب. وواجبي الأخلاقي والسياسي، هو الحرص على أن أسلم مشعل القيادة لمن يستحقها، وليس لمن يحبك المؤامرات والمناورات، والتدليس، والتزوير. وأكثر من ذلك على الجميع، أن يفهم بأننا ملتزمون، بقرار المجلس الوطني المتعلق بعقد المؤتمر الوطني الرابع في موعده القانوني. ومن يقول إن حكيم بنشماش  والإخوة والأخوات ” طلعو للجبل” من أجل ألا ينعقد المؤتمر، أو من أجل الكرسي فهم واهمون وخاطئون، ولا يعرفون المعدن الذي أتحدر منه.وفي انتظار ذلك ستقوم لجنة الأخلاقيات بعملها، وستستأنف مؤسسات الحزب عملها بينها المكتب الفدرالي، وكذا فريقنا البرلماني الذي أحييه، لحرصه على الوحدة الحزبية وعدم الزج به في معمعة هذه المشاكل. والحزب قادم وسينبعث بقوة بصمود مناضلاته، ومناضليه ومنتخبيه” .

 لكن ما يحدث الآن في الحزب عكس ما ترغب في حصوله كيف تفسر الأمر؟

” إن ما يحدث وسط الحزب، هو حتمية لا مفر منها، ومن المؤكد أن ارتداداتها ستطول مجمل الحقل الحزبي والسياسي. وسيسجل التاريخ أن حزب الأصالة والمعاصرة، الحديث النشأة، يتشرف بتدشين انتفاضته الداخلية، لإحياء وإبراز فكرة السياسة بمعناها النبيل القائم على المسؤولية، والصدق، والتخليق، واحترام القوانين لانقبل أن يتحول الحزب الى قلاع انتخابوية، توصد الأبواب في وجه المواطنين . ولا يمكن أن نستمر في التعامل مع الشباب، بمنطق تأثيث المشهد، ولا يمكن أيضا أن ننجح في إشراك الشباب بمنطق أن نضع لهم السلم للصعود إلى مواقع القرار، وحين يصلون يحرقون، أو يأخذوا معهم السلم لمنع الآخرين من أخذ حقهم المستحق في تحمل المسؤولية. هذا هو بالضبط عنوان الاصطفاف والفرز الذي يجب أن يذهب الحزب في اتجاهه”.

كثر الحديث في كواليس أجهزة الحزب عن ضياع أموال أو سوء تدبير من قبل قياديين، قيل إنهم يحظون بحماية ما، ما هو رد فعلك؟

” هذا الموضوع في غاية من الحساسية، ومن تتوفر فيه ولو قسط من المسؤولية عليه أن يلجأ  إلى المؤسسات، كما فعلت  رئيسة لجنة المالية والشفافية، بالمجلس الوطني حينما راسلت الأمانة العامة، وطلبت تمكينها من البيانات والوثائق المتصلة بالميزانية، حسب ما صرحت به أثناء اجتماع اللجنة التحضيرية، وقاموا بإخفاء مراسلتها، وعدم إخباري بها على مستوى الإدارة المركزية للحزب، وكل شيء بأوانه وتأكد أننا لن نسكت عما يروج في الكواليس, إذا ثبت أنه صحيح”.

أجرى الحوار: أحمد الأرقام صحفي بجريدة”الصباح” نعيد نشره في le12.ma، لكل غاية مفيدة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *