*طلحة جبريل
المؤكد أن الاهتمام حالياً تستأثر به كرة القدم. تتدفق الأخبار منذ الآن عن المونديال، لذلك أود أن أتحدث اليوم عن كرة القدم في إفريقيا، حديث المهتم وليس المتخصص.
تأملوا تركيبة المنتخبات الأفريقية التي تصل إلى نهائيات كأس العالم، ستجدون أن هناك أربعة عناصر تلعب دوراً حاسماً.
أولاً، احتراف بعض لاعبيها في الأندية الأوربية، إذ يحلم اللاعبون الأفارقة بالاحتراف في البطولة الأسبانية أو الإيطالية أو الفرنسية أو الألمانية، أو الدوري الإنجليزي.
ثانياً، وجود بنيات أساسية في الدول الأفريقية التي اعتادت أن تتأهل، أي ملاعب، ومراكز تدريب، ومعاهد رياضية، وفضاءات خضراء يركض فيها الناس على مدار السنة،. ثم الأهم العناية بالشباب.
إذا لم تتوفر مرافق رياضية وترفيهية، ماذا تتوقعون، أن يغلق هؤلاء الشباب على أنفسهم، ويفكرون في نقد نظريات مالتوس وأنشتاين وآدم سميث.
ثالثاً، يتولى الشؤون الرياضية في هذه الدول، سواء على مستوى إدارات الأندية أو الاتحاد، مختصون وإداريون مؤهلون.
هناك بالطبع من يركض ليتولى رئاسة الأندية الرياضية بحثاً الوجاهة الاجتماعية، وفي بعض الأحيان عن المال.
رابعاً، الدول التي دأبت منتخباتها على التأهل، تعرف استقراراً سياسياً وأنظمة ديمقراطية. لنتأمل المنتخبات التي تأهلت لمونديال قطر هذه السنة، إذ تأهل المغرب والسنغال والكاميرون وغانا وتونس.
المثال الواضح تجسده غانا،التي كادت أن تفعلها في مناسبة سابقة وتصل إلى المربع الذهبي، هي الآن أفضل دولة مستقرة في غرب أفريقيا، وفيها تجربة ديمقراطية تترسخ باستمرار، وهي الدولة التي اختار أن يخاطب منها الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما الأفارقة، تنويهاً بهذه الديمقراطية. صحيح أن الديمقراطية لا تقدم خبزاً للشعوب الجائعة، لكنها على الأقل تعلمها كيف وأين يمكن أن تجد هذا الخبز.
ربما يقول قائل، لكن ساحل العاج (كوت ديفوار) تعرف بعض الاضطرابات والقلاقل، وعلى الرغم من ذلك تقدم عروضاً جيدة وهي دائماً موجودة في نهائيات كأس أفريقيا وتأهلت لكأس العالم مرات، جوابي على ذلك أن ساحل العاج تحصد الآن سنوات الاستقرار السابقة، وسبق أن زرتها عدة مرات وأقول باطمئنان إنها من أفضل دول غرب أفريقيا من حيث البنيات التحتية. ثم إنها صدرت عدداً لايحصى من لاعبيها إلى الأندية الأوربية.
أختم بالإشارة إلى لقاء عابر مع ساندرو روسيا رئيس فريق برشلونة الأسباني الأسبق، وكان ذلك في الدار البيضاء، سألت الرجل الذي كان يقود واحداً من أغنى الأندية في العالم: كيف وصل نادي برشلونة إلى هذا المستوى؟.
أجاب“استثمرنا كثيراً لأن كرة القدم أصبحت استثماراً قبل كل شيء، لكن الأهم أننا أولينا اهتماماً كبيراً بمدرستنا الكروية حيث نبدأ مع الموهوبين الصغار وهم في سن السابعة“.
*أكاديمي في الصحافة والإعلام