فاطمة علي

 

بسبب قلقهم على مصير أبنائهم، التأم أولياء أمور الطلاب العائدين من أوكرانيا، الخميس، في وقفة سلمية أمام مقر وزارة التعليم العالي والابتكار بالعاصمة المغربية الرباط، مطالبين بإيجاد حل استعجالي لأولادهم وبناتهم وإدماجهم في مختلف الجامعات والمعاهد العليا المغربية.

أمهات وآباء تكبدوا عناء الطريق وقدموا من مختلف مدن المملكة من أجل هدف واحد، وهو إيصال صوتهم إلى الوزارة الوصية وباقي المتدخلين والفاعلين، لتسريع وتيرة الإدماج في المؤسسات العمومية تفاديا لمصير مجهول أو “سنة بيضاء”.

وكانت علامات الحزن بادية على وجوه الأمهات اللواتي بكين حرقة وحزنا على ما آل إليه أبناؤهم جراء اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا.

في هذا الصدد، تقول فاطنة، أم مكلومة قدمت من مدينة الدار البيضاء: “لم أستوعب لحد الآن ما حدث، ابنتي تدرس في السنة الثانية بكلية الطب وبسبب تأخر القبول بإحدى الجامعات، فإنها تعاني حالة اكتئاب”.

واسترسلت الأم، في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “ابنتي رفضت المجيء معي والمشاركة في الوقفة بدعوى أنها فقدت الأمل وتردد باستمرار: ماما ضاع مستقبلي”.

المتحدثة فاطنة ليست الأم الوحيدة التي تعيش ابنتها وضعا صعبا بسبب تأخر إجراءات القبول بالجامعة، بل المصير نفسه يعانيه كل الطلاب العائدين من أوكرانيا رغم اختلاف التخصصات.

وبالقرب من عمود كهربائي وقف (محمد.ح) يمعن النظر في المشاركين في الوقفة، تارة يلتف يمينا وأخرى شمالا، عله يرى أحد المسؤولين لإعلان حل مشكل هؤلاء الطلبة.

وقال الأب محمد، الذي قدم من مدينة وجدة (شرق المملكة)، إنه يتمنى أن يكون جواب المسؤولين إيجابيا ومفرحا للطلبة الذين فقد أغلبهم الأمل في متابعة دراستهم بالمغرب.

ورغم حزنه على مصير ابنته، واصل الأب حديثه مع موقع “سكاي نيوز عربية”: “ابنتي باتت تعاني وضعا نفسيا صعبا لأنها سئمت الانتظار، كان لديها أمل بعد عودتها من أوكرانيا وسماع إعلان الجهات المسؤولة عن إدماج هؤلاء الطلبة العائدين في الجامعات والمعاهد”.

وتابع الأب بمرارة: “نريد من الجهات المعنية أن تطمئن الأمهات والأباء بالمصير الدراسي لهؤلاء الطلبة حتى لا يظل مجهولا”.

وقبل أن يتمم محمد كلامه قاطعته والدة حمزة السهيلي قائلة بصوت مرتفع: “منذ أكثر من شهر ونحن ننتظر رد وزارة التعليم العالي، لكن لحدود الآن لم يتبين لنا أي شيء، والمصير مجهول”.

وتقول أم حمزة بنرفزة: “نطالب الوزارة الوصية بإخبارنا بالحلول المقترحة لإنقاذ أبنائنا من الضياع”، ورددت “أبناؤننا لم يعودوا من أوكرانيا بمحض إرادتهم”.

وضع نفسي صعب

وعن الحالة النفسية التي يعانيها أغلب الطلبة، أكد مصطفى مربي، القادم من مدينة خريبكة، أنهم يحتاجون في هذه الفترة التي وصفها بالعصيبة إلى علاج نفسي، أولا بسبب الظروف التي مروا منها منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، وثانيا بسبب تأخر عملية القبول بالجامعات المغربية.

وشهدت الوقفة كذلك مشاركة الطلبة، الذين سئموا طول الانتظار ويتوجهون بدورهم إلى الجهات المسؤولة لإيجاد حل فوري لانتشالهم من الضياع.

وفي هذا الصدد، قالت حفصة، وهي طالبة بالسنة الرابعة طب عام، لـ”موقع سكاي نيوز عربية”، إنه يمكن للجهات المعنية في المغرب أن تتصل بنظيرتها في أوكرانيا حول الدروس وطريقة التنقيط ومعرفة استراتيجة الدراسة في أوكرانيا من أجل إيجاد حل في أقرب وقت.

وأضاف: “أدرس حاليا عن بعد لكن خلال السنة الدراسية المقبلة ستعترضنا مشاكل بسبب عدم إمكانية العودة إلى أوكرانيا”.

ومن أجل إيجاد حلول لهؤلاء الطلبة، يؤكد الدكتور عبدا لله بادو، أستاذ باحث في علم المناعة بكلية الطب والصيدلة في جامعة الحسن الثاني بالدار الببيضاء، أنه بسبب الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، يعيش الطلبة المغاربة العائدون من أوكرانيا وضعية صعبة، تستوجب حلولا في أقرب وقت.

استحضار الجانب الإنساني

وأضاف بادو في تصريح مع لموقع “سكاي نيوز عربية” أن مجموعة من الأصوات تطالب بإدماج هؤلاء الطلبة في الجامعات المغربية.

وعن كيفية تحقيق هذا الإدماج، استحضر بادو، أولا الجانب الإنساني، وثانيا مدى تطابق التكوينات السريرية في الجامعات المغربية (ما بين المستقبلة والأوكرانية)، ثم ضرورة ضمان تداريب سريرية ذات جودة لفائدة جميع الطلبة.

وذهب المتحدث نفسه إلى أن “هؤلاء الطلبة يعيشون خطر سنة بيضاء التي ستضيع على إثرها المجهودات الجبارة التي بدلوها منذ بداية هذه السنة الجامعية”.

الحلول المقترحة

وفيما يتعلق بقبول الطلبة العائدين من أوكرانيا، يشدد بادو على أنه يجب القيام بعمل تقني دقيق لمعرفة ما إذا كان طالب بمستوى السنة الثانية طب في جامعة ما بأوكرانيا يمكنه إتمام دراسته في السنة الثانية بجامعة ما في المغرب، دون وجود أي خلل أو عدم توافق في المواد والوحدات.

ويفسر المتحدث أنه “يجب على الطالب في سنة ما في الجامعة “أ” أن يملك جميع المتطلبات المسبقة منها من أجل القدرة على الإدماج في السنة نفسها بالجامعة “ب”.

وبخصوص الشق الثالث، يقول بادو إنه يهم جانب التكوينات التي تتعلق بالتداريب الاستشفائية داخل المستشفيات الجامعية تحت إشراف أساتذة-أطباء، لضمان تكوين شامل وذي جودة لجميع الطلبة الأطباء مع الأخذ بعين الاعتبار عدد الأساتذة المؤطرين للطلبة، وعدد الأسرة بالمستشفيات الجامعية.

وختم محاورنا كلامه بالقول: “الجميع مع دمج الطلبة المغاربة العائدين من أوكرانيا بالجامعات المغربية، لكن شريطة أن يتم بشكل منطقي حتى لا يؤثر سلبا على التكوينات والدروس التوجيهية والتطبيقية أو التداريب الاستشفائية داخل المستشفيات الجامعية”.

سكاي نيوز عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *