*الدكتور- إدريس الكنبوري

 

إقدام وزارة الثقافة والشباب والتواصل على سحب جائزة الكتاب من الذين نالوها برسم العام الماضي بدعوى أنه لا يجب حصر الجائزة في القيمة المالية، بعد مطالبة الحاصلين عليها بحقوقهم المالية، هي خطوة مفاجئة غير مسبوقة وفي نفس الوقت تعكس شجاعة الوزير الوصي على القطاع، لأن من شأنها أن تعيد فتح نقاش جدي حول القيمة الاعتبارية للكاتب في المغرب وموقع الكتاب في سياسة الدولة.

الاهتمام بالقيمة المالية للجائزة لا يطعن في مصداقية المؤلفين، وعلى عكس ما يظن البعض فإن هذا الاهتمام يعكس حالة الثقافة في بلادنا. فالكاتب في المغرب هو الأقل استفادة مما يكتب، مقارنة مع الناشر والموزع، إذ بينما يزداد الناشر والموزع ثراء يزداد الكاتب فقرا، رغم أنه العنصر الأساسي الذي يدير العجلة والنواة الرئيسية في صناعة الكتاب، وأعتقد أن القيمة المالية للجائزة ولأي جائزة أخرى هي فقط نوع من التعويض عن الهامش الضائع للكاتب لدى الناشر، ومن حق الكاتب أن يهتم بالقيمة المالية للجائزة كما يهتم الناشر بسرقة القيمة المالية لمنتوجه.

أنا شخصيا نشرت أكثر من عشرة كتب لحد يوم الناس هذا، لكن لم أتقاض فلسا واحدا مقابلها، وبينما يعاد طبع  هذه الكتب أو بعضها من طرف الناشرين في المغرب ومصر ولبنان أظل أراقب من بعيد دون أن أجد غطاء قانونيا يضمن لي حقوقي المالية. ومثلي كثيرون هم ضحايا الناشرين في كل مكان.

وإذا كان الوزير الوصي على القطاع، المهدي بنسعيد، قد تحلى بهذه الجرأة في سحب الجائزة لأول مرة في تاريخها، فإننا نطالبه بالتحلي بنفس الجرأة في إعادة النظر في الدعم المقدم إلى الناشرين. لقد سبق لي أن طلبت من أحد الوزراء في الحكومة السابقة بأن يمنح الدعم للمؤلف لا للناشر، لأن دعم الناشر في وضعنا الحالي هو بمثابة اتفاق ضد الكاتب أو تواطؤ مع الناشر عليه، بحيث أن الناشر يستفيد مرتين، من الدعم الذي تقدمه الوزارة ومن مبيعات كتاب المؤلف معا، دون أن ينال هذا الأخير شيئا.

القضية الأخرى هي جائزة المغرب للكتاب نفسها. هناك انتقادات توجه إليها تخص مثلا لجنة القراءة، حيث يلاحظ البعض هيمنة توجه سياسي أو ايديولوجي معين؛ وعدم التدقيق في القراءة. 

نتمنى أن تكون هذه مناسبة لإصلاح قطاع مهم في بلادنا يرتبط بالرأسمال الرمزي والحضاري للمغرب.

*كاتب و مؤلف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *