*الدكتور إدريس الكنبوري

ما حدث أمس بملعب مولاي عبد الله بالرباط من أعمال شغب وفوضى وضرب وجرح وإتلاف للممتلكات العامة له معنى واحد؛ وهو غياب التأطير والتربية.

صحيح أن أعمال الشغب تقع في كل ملاعب العالم؛ ولكن ما يقع في ملاعب الدول المتحضرة هو فائض العنف وليس العنف الخام.

ينتج فائض العنف عن الغرائز الحيوانية لدى الفرد في مجتمع له أسس ومؤسسات للتأطير والتربية والتوجيه، أما العنف الخام فهو خلاصة الغرائز الحيوانية وغياب هذه المؤسسات معا.

لذلك لا يجب التذرع بأن هذا يحصل في كل مكان. هذا تبرير للتخلف وتراجع القيم وغياب التأطير. المواطن في هذا البلد أصبح عاريا أمام منظومة للتفاهة تشجع لديه العنف الخام وثقافة القطيع. والنتيجة هي إنتاج مواطن ساخط على كل شيء يعتبر الدولة عدوا والممتلكات العامة غنيمة حرب والأحزاب السياسية خصما.

لقد صنعنا الإعلامي المتواطئ والمسؤول المرتشي والمثقف الدمية، وهذا هو المشروع الذي نجحنا فيه.

ما حصل داخل الملعب يمكن أن يحصل خارجه، والرهان على الأمن وحده، وقد رأيناه في الصور يتراجع إلى الخلف، ليس رهانا سليما. لا بدمن الأمن التربوي والأمن الإعلامي والأمن الثقافي. الإعلام المغربيولنسمه إعلاما في غياب البديلهو إعلام يعزز العنف والتفاهة ويوقظ غريزة العنف لدى المواطن من خلال إحلال les faits divers الفارغة محل الإخبار والتحليل، والمثقف عندنا دمية تتحرك بخيوط رقيقة ولديه سقف  لا يتجاوزه، أما رجل السياسة فهو عند مخيال الناس لص متنكر يؤدي دورا في مسرحية ضحاياها جمهور بلا رسالة.

هذا يوجد عندنا نحن فقط، أما عنف الملاعب فيوجد في كل مكان.

*مفكر مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *