*حسن البصري 

 

خلافا للاعتقاد السائد في الوسط الرياضي، فإنني أكاد أجزم بأن زوجات المدربين الأجانب لسن سعيدات، رغم أن جوازات سفرهن تجعل منهن سائحات فوق العادة، ونقط العبور في المطارات تعاملهن معاملة الديبلوماسيات بكل ما يقتضيه المقام من رفق زائد وابتسامات وعبارات ترحيب وختم على السريع وسليفيات. 

لا ينتبه كثير من متتبعي الشأن الكروي إلى دور زوجات المدربين الأجانب في صنع القرار، إن قرارهن الأخير هو الذي يعجل باللقاء والفراق، حتى في ظل وجود وكيل أعمال تنتهي مهمته خارج البيت لتبدأ مفاوضات أخرى في السرير يود الوكيل لو يملك القدرة على اختراقها، لكن البيوت أسرار.

بالرغم من إصرارها على عدم الظهور في وسائل الإعلام، إلا أن ديجانا خاليلودزيتش زوجة الناخب الوطني وحيد خاليلودزيتش عنصر مؤثر في حياة المدرب البوسني، فقد كانت وراء رفض عدد من العروض التي انهالت عليه حين حصل الطلاق بينه وبين اتحاد الكرة الجزائري.

طبعا لا يد لديجانا في إبعاد زياش عن تشكيلة زوجها، فهي لا تستخدم الفيتو حين يتعلق الأمر باختيار العناصر الوطنية، رغم أنها تعرف أدق تفاصيل الدوريات الخارجية ونجومها، وهي عكس كثير من زوجات المدربين نادرا ما تقضي وقتها في السفر بين مواقع التواصل الاجتماعي كما تفعل مدربات الخواجات، لأنها تهتم بعنصرين أساسيين في تشكيلة أسرتها وهما ابناها فانيا وفانيو، دون أن يعرف أحد سر تسمية هذا الثنائي.

لكن حضور فيفان ديي، زوجة هيرفي رونار المدرب السابق للمنتخب المغربي، كان مؤثرا في مسار الفريق الوطني، هذه السيدة السينغالية التي تحرص على أن يكون المعسكر الحقيقي لهريفي هو سكنها السياحي في منتجع سالي.

تعترف فيفان ديي أرملة برونو ميتسو المدرب السابق للمنتخب السينغالي، بسقوطها في شراك رونار، الذي استطاع بخطته المحكمة ممارسة بريسينغ عاطفي متقدم أن ينهى مقامها في تشكيلة الأرامل.

 لقد حل هيرفي يوما بدكار لتقديم العزاء لفيفان في فقدان زوجها المدرب، وقبل أن يعود إلى فرنسا، ترك لها فوق الطاولة سيرته الذاتية وعرضا جادا معبرا عن رغبته في تدريبها على حب جديد وقدرته على جعلها تستبدل ثوب الحداد الأسود بآخر تقليعات الموضة، مقدما ضمانات لتأهيلها لمنافسات عالمية ومرافقتها إلى منصة التتويج.

وضعت فيفان شرطا جزائيا يقضي بفض ارتباط الثعلب مع زوجته الزامبية، والحيلولة دون لجوئها لغرفة المنازعات بالفيفا، فأصبحت قطعة أثاث في معسكرات ورحلات المنتخب المغربي.

لمدربي منتخبنا حكايات مثيرة مع زوجاتهن، فقد كانت زوجة المدرب اليوغوسلافي فيدنيك عاشقة للتزلج على الجليد، وأصرت على أن تحتضن إفران كل معسكرات الفريق الوطني، هناك كان زوجها يحمل غيتارته ويغني لها أحلى الألحان. 

أما المدرب الفرنسي هنري ميشيل، فقد كانت زوجته اللبنانية روبي خليل تنتقي عروض التدريب التي تطرق بريده، كما تنتقي ملابسه، ويذكر المصريون أن الزوجة كانت ترفض مقام هنري في القاهرة حين اشتد عليه اللغط، ولأنها تحمل صفة ملكة جمال سابقة، فإنها لا تخلف الموعد مع مباريات انتقاء ملكات الجمال من حب لملوك إلى حب رشاد.

لم يكن المدرب إيريك غيريتس يعرف الاسترخاء، كان دائم التفكير في الكرة، لذا قالت زوجته بنبرة ساخرة: “حين يدخل إلى بيته مساء يتعامل معي وكأنني لاعبة كرة قدم”. 

أحيانا تحرض بعض الزوجات على متابعة مباريات الفريق الوطني، وأحيانا يجلسن في الصف الأول للمقصورة الشرفية، لكن الحضور والغياب يبقى رهين الأحوال الجوية للمنتخب، إذ ينسحبن من المشهد الكروي عند كل نشرة إنذارية ذات اللون البرتقالي.

في كرة القدم ليس حتما “وراء كل عظيم امرأة”، فوراء كل مدرب طاقم تقني يجعله محمولا على الأكتاف، أو مهزوما مكسور الوجدان.

*كاتب -صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *