*محمد سليكي
بين تاريخ التاسع والعشرون من عام 2016 والرابع من مارس 2022، سيحقق حزب التجمع الوطني للأحرار، على عهد رئيسه عزيز أخنوش، مالم يحققه الحزب منذ نشأته في أكتوبر من عام 1978 على يد رجل الدولة أحمد عصمان.
لا بل، لا أبالغ إن قلت إن حزب الأحرار، على عهد عزيز أخنوش، كذب جميع التكهنات، وهو يحقق العلامة الكاملة بلغة “الكوايرية”، عندما أطاح بـ “الكاو” بحزب العدالة والتنمية في معركة انتخابات 8 شتنبر2021، وقاد حزبه عن طريق صناديق الإقتراع نحو رئاسة الحكومة بأغلبية مريحة، وحفز الناخبين على الثقة في الانتخابات، فكان أن تجاوزت نسبة المشاركة الخمسين في المائة (50%).
بلوغ هذه الإنجازات لم يكن هدية من السماء أو محض صدفة، بقدر كان محصلة طبيعة لمجهود سياسي شيد على برامج القرب والإنصات، ومخاطبة المغاربة على قاعدة “أغراس أغراس”، وهي برامج شرع عزيز أخنوش منذ ترأسه لأول اجتماع للمكتب السياسي في نونبر من عام 2016، في تسطير خطوطها العريضة، وتنزيل أهدافها الكبرى.
لقد أطلق أخنوش، على برامج ولايته الأولى كرئيس لحزب التجمع الوطني للأحرار شعار “مسار الثقة”، لإدراك الرجل بأن الداخل الحزبي والمشهد السياسي في حاجة إلى إستعادة ثقة المواطن، وأن من ربح ثقة المغاربة، هانت عليه معارك مقارعة الخصوم..
“إشتغلوا إشتغلوا، إنكم تكتبون التاريخ وتبنون الوطن”، كانت هذه واحدة من العبارات السياسية العميقة التي كان يتحدث بها أخنوش، الى باقي شركائه من المناضلات والمناضلين في إعادة بناء حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي تسلمه من يد سلفه صلاح الدين مزوار، على شكل جسد بأطراف شبه مشلولة.
قبل، نزول أخنوش، وقيادة حزبه الجديدة، الى الميدان، لإقناع المغاربة، بأن حزب الأحرار، هو بديل التغيير، شرع في إعادة هيكلة التنظيم، مركزيا و جهويا وإقليما ومحليا، وإطلاق مبادرات تأسيس التنظيمات الموازية، والثقة في كفاءات الشباب والنساء خاصة تلك القادمة من المغرب العميق.
نجح مشروع أخنوش، بسرعة في بناء حزب منظم ومتكامل، وأعاد التوهج والجاذبية لحزب الأحرار، وأعاد التجمعيون الغاضبون الى عش الحمامة، وضاعف من الإنخراطات وأصبح الحزب رقما صعبًا في المعدلة الحزبية، بل أضحى إسم على مسمى :”حزب التجمع الوطني للأحرار”.
أذكر أنه في لقاء تواصلي، لعزيز أخنوش، مع مناضلات ومناضلي حزب الأحرار في طنجة عام 2017، سيقول الرجل كلمته للمستقبل و سيمضي للإنتقال بمشروع مسار الثقة من الداخل الحزبي الى المجتمع المغربي.
لقد قال أخنوش وقتها للتجمعيات والتجمعيين: “الحزب لمن يقطع الصباط مع المواطنين في المدن والقرى والجبل”.
كانت رسالة الرئيس واضحة، وأن حزب الأحرار، في نسخته المخملية التي تسكن مخيلة البعض قد إنتهت، وأن حزب أحرار جديد لمرحلة جديدة تلوح في الأفق، وأن التموقع في هياكل الحزب، رهين بالعمل مع المواطن بشعار “أغراس أغراس”، دون غيره..
بقدر ما لقي هذا الكلام، ترحيب قواعد واسعة داخل الحزب، أزعج فئة إنتفاعية ضيقة لم يلتفت إليها أحد، وظلت على هامش، لأن الجميع إلتف حول مشروع أخنوش، خاصة البرنامج التواصلي 100 يوم 100 مدينة صغيرة ومتوسطة، الذي كان أضخم برنامج تواصلي مباشر لحزب مغربي منذ الاستقلال.
رغم الضربات تحت الحزام التي تلقاه الحزب والانتقادات التي انزلقت الى الكذب والتضليل من قبل بعض خصومه السياسيين، بغرض إفشال برنامج 100 يوم 100 مدينة، إلا أن أخنوش، كان يدير مراحل البرنامج بحنكة سياسية، وكاريزما رجل الدولة، والقائد الحزبي المقدام، الذي لا يستمتع بطعم الانتصارات ما لم تعترضها صعوبات.
لم يكن برنامج 100 يوم 100 مدينة، عند قيادة الأحرار، مجرد لقاءات تواصلية، أو فرص لإشراك ساكنة المدن الصاعدة في صناعة برامج تأهيل مدنهم، وغيرها، بقدر ما كان الهدف هو إكتشاف طاقات محلية، تتمتع بالكفاءة والمروئة والغيرة الوطنية، من أجل تزكيتها في انتخابات 8 شتنبر بألوان الأحرار، ومنحها ثقة المشاركة السياسية في تدبير الشأن المحلي.
وكذلك كان.
لقد تمدد مسار الثقة في المجتمع، وأضحى حزب الأحرار بديل المغاربة من أجل التغيير، ما قاد عزيز أخنوش الى قيادة فريق حزب الأحرار، الى تحقيق الريمونتادا في شباك خصوم حزبه في انتخابات 8 شتنبر، عندما تصدر تلك الانتخابات، وأطاح بغريمه العدالة والتنمية، وحطمت نسبة المشاركة في انتخابات تتويجه، رقما قياسيا تجاوز 50 بالمائة.
ولئن الفريق المنتصر لا يقبل التغيير والإستبدال، فإن المؤتمرون في المؤتمر السابع لحزب التجمع الوطني للأحرار، سيجددون الثقة في أخنوش رئيسا لولاية ثانية، ينتقل خلالها الرجل بحزبه الذي يقود حكومة دعم ركائز الدولة الإجتماعية، من شعار “مسار الثقة”، الى شعار” مسار التنمية”.
والأكيد أن الانتقال من “مسار الثقة” حيث إنتصر الحزب، إلى “مسار التنمية” حيث يكون الفائز هو الوطن، لن يتأتى إلا بوجود رجل دولة متفائل إجتمع فيه ما تفرق في غيره من كفاءة وإنسانية ووطنية، إسمه عزيز أخنوش، على رأس الحزب الأول في المغرب.
وهنا أستحضر ما جاء في برقية التهنئة التي بعث بها جلالة الملك إلى عزيز أخنوش بمناسبة إعادة إنتخابه رئيسا لحزب التجمع الوطني للأحرار حين قال جلالته:” فخصالك الانسانية وكفاءتك، فضلا على ما عهدناه فيك من روح المسؤولية والتشبث المكين بثوابت الامة ومقدساتها، ستشكل، لامحالة، دعامات أساسية لنجاحك في مواصلة النهوض بمهامك الحزبية على أحسن وجه”.
إنتهى النطق الملكي السامي.