*طلحة جبريل

 

أعود  اليوم مجدداً، كما وعدت، إلى موضوع تأثير الشبكات الاجتماعية. المؤكد أن ملايين، إن لم أقل ملايير، سواء كانوا قراء أو مستمعين أو مشاهدين، أصبحت الشبكات والمنصات الاجتماعية نافذتهم التي يحصلون من خلالها، على سيل جارف من المعلومات،ليس ذلك فحسب بل كذلك مواد ترفيهية.

هنا أفتح قوساً وأقول إذا كانت الصحف ورقية وإلكترونية تصارع للبقاء في ظل منافسة غير متكافئة مع الشبكات الاجتماعية، فإن بعض الفنون التثقيفية والترفيهية، مثل المسرح أب الفنون، تكاد تصل إلى حد الاحتضار بسبب هذه الشبكات، وهذا موضوع يطول شرحه، لكن آمل ألا يترسخ الاعتقاد بأننا نعيش عالماً تشكله هذه الشبكات الاجتماعية.

استعين بأفكار الباحثة السويسرية “فيتوريا ساكو”،التي سبق وإلتقيت بها، وكانت قد أنجزت أطروحة دكتوراه متميزة في جامعة نوشاتيل السويسرية عن تأثير شبكات التواصل الاجتماعي على الممارسة الصحافية.

في حوار نشره موقع “سويس أنفو” تقول فيتوريا ساكّو ” تيسّر شبكات التواصل الاجتماعية مهمّة الوصول إلى الحقيقة على الجمهور. صحيح أن بلوغ الخبر والمعلومة قد بات أسهل من قبل، ولكن أصبحت هناك ظاهرة ما يسمى “الإفراط المعلوماتي”(Over-information). وبالتالي يتعذر علينا أن نعرف ما يحظى منها بمصداقية. الأفراد ليس لديهم الوقت، وفي بعض الأحيان لا يمتلكون أدوات المعرفة للتحقق من المعلومة، حتى لا يسقطوا في محيط متلاطم من المعلومات.

 هنا يكون دور الصحافة المهنية دوراً محورياً، واستناداً إلى التجربة وقواعد المهنة، يستطيع الصحافي المحترف إضفاء الجانب المهني على تلك المساهمات (الكتابات)، والتمييز بين الموثوق منها والمفتعل الكاذب”.

ما تقوله فيتوريا ساكّو هو أفضل دفاع عن دور الصحافي المهني. تقول هذه الباحثة أيضاً “الصحافي الناشط في المنصات والشبكات الاجتماعية يعيش توتراً. من الناحية النظرية، من ينشط في الشبكات الاجتماعية يفترض أن يشارك بإلحاح في النقاشات والتعبير عن مواقفه ووجهات نظره بشأن ما يثار في هذه الشبكات والمنصات، ولكن أخلاقيات المهنة، وفي بعض الأحيان قواعد العمل المهني، تتطلب من الصحافي أن يظلّ محايداً، وبالتالي على الصحافيين مساعدة الناس في الحصول على معلومات ذات مصداقية، لكن الصحافي لم يعد “حارس البوابة” أو “حارس المعلومة”.

تعتقد الباحثة السويسرية، وهذا اعتقاد اختلفت معها بشأنه تماماً، إن الصحافي لم يعد هو من يُنتج الخبر لأنه متاح على شبكة الإنترنت، ولكنه هو من يؤكّد مصداقيته أو ينفيها” .

كان رأيي الذي سمعته مني أنه لا بد من ربط تدفق المعلومات بالعمل الميداني وارتفاع سقف الحريات، إذ في ظني أن السلطة، أي سلطة في أي مكان، لا تضيق بنشر الآراء، لكن ضيقها كله ينصب على نشر المعلومات.

وما تزال للحديث بقية.

*كاتب صحفي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *