حسن البصري

لم ينتبه رئيس الرجاء البيضاوي لسيدة رافقت المدرب البلجيكي مارك فيلموتس من أول جلسة تفاوض، كان أنيس يعتقد أنها مجرد زوجة مدرب تتقاسم معهم الابتسامة والملح والطعام وتنعم بنكهة الشاي ورائحة الطاجين، قبل أن يكتشف أن كاتريان لامبيتس ليست مجرد زوجة بل محامية ووكيلة أعمال مدرب قيل إنه “عالمي”.

وددت لو قرأ رئيس الرجاء حوارا أجراه فيلموتس مع صحيفة بلجيكية، قال فيه: “زوجتي هي الرأس وأنا مجرد قدمين”، ليعرف أن كاتيران ليست مجرد رفيقة عمر مدرب.

رئيس الرجاء محامي في هيئة الدار البيضاء، لكنه وجد نفسه في مرافعة حقيقية أمام المحامية كاتريان، حين دعاها رفقة زوجها لجلسة انفصال ودي، ارتدت بذلتها السوداء وغيرت تقاسيم وجهها ثم ضربت الطاولة بقبضتها مصرة على التقيد بالشرط الجزائي الرهيب.

سكت فيلموتس وتكلمت زوجته التي تملك خبرة واسعة في استدراج الرؤساء نحو الشرط الجزائي، فهي التي جعلته يراكم الأموال مدربا كان أو مستقيلا.

قيل، والعهدة على الصحف البلجيكية، إن هذه المحامية لا تملك إلا زبونا واحدا اسمه فيلموتس ولا تحتاج من أجله لكاتبة أو مساعدا أو مكتبا. لكنها سليلة عائلة “الشرع”، والدها كاي لامبيتس كان محاميا ورئيسا لفريق سانت ترون، وشقيقها الأكبر ورث المكتب عن والده ونصب نفسه محامي العائلة.

 للأمانة الفكرية، فإن كاتريان ليست محامية زوجها فقط، بل هي أيضا موكلة عن ابنها مارتن حين وقع عقد انضمام لنادي ستاندار دو لييج البلجيكي، ومنذ زواجها من فيلموتس سنة 1996 أقسمت على أن تكون الدراع القانوني للأسرة، ومن غير المستبعد أن يحمل عقد الزواج شرطا جزائيا رهيبا يجعل الفراق أمرا مستحيلا.

لم تصمد قرابة الملح والطعام طويلا، فالنتائج السلبية للمدرب كفيلة بتعطيل نكهة طاجين عشقه فيلموتس، ففي مفاوضات الانفصال تحضر القهوة السوداء ونسخة من العقد وآلة حاسبة، وعند الفراق يعز الرئيس أو يهان، لذا كان من الطبيعي أن يدفع الرجاء الثمن غاليا ليس عند التعاقد فقط بل في لحطة الطلاق أيضا، لأن مؤخر الصداق بلغ 390 مليون سنتيم تدفع بالعملة الصعبة، تحيا الحكامة.

انتظر الرجاويون مدربا عالميا فصدقوا الرئيس أنيس حين بشرهم بمدرب يجيد قطف الألقاب قبل أن تينع ويحين موسم قطافها، لكنهم اكتشفوا أن للمدرب زوجة قائمة على ودائعه، تقضي نصف أوقات فراغها في التسوق والنصف الثاني في كتابة نماذج شكايات للفيفا والطاس والجامعة.

روج أنيس لخرافة المدرب “العالمي”، ابتلع الرجاويون الطعم الانتخابي، وحين غابت الانتصارات قال: “الشرط الجزائي أهون لي من الحراك”.

من المفارقات الغريبة في تدبير شأن الفرق المغربية، أن يحاسب اللاعب عن مردوده الأسبوعي، والمدرب عن نتائجه، بينما لا يحاسب الرئيس عن قراراته التي يتكبد الفريق من أجلها أكبر الخسارات ويدخل نفق الخصاص.

 هناك فئة من المدربين العالميين تصطاد الرؤساء المغفلين، فتحصل من وراء الانفصال على مبالغ يسيل لها اللعاب، اسألوا المدرب الفرنسي روني جيرار، كم كسب من الوداد حين أقيل من منصبه، إنه يتحدث عن مليون دولار.

الهزائم في بطولتنا مدرة للمال شريطة أن تحصن العقد بعقد جزائي، وأن تكون زوجتك محامية أو ابنك وكيل أعمال، وتكون مصنفا في خانة المدربين العالميين القادرين على شد خناق الرؤساء.

نحن اليوم أمام صورة جديدة لحكامة مبعثرة، تحتم علينا تغيير المشهد، والتغيير الحقيقي يبدأ بصندوق الانتخابات في الجموع العامة، والقطع مع تسيير يجعل الرئيس آمرا مطلقا بالصرف، يحاسبه مرة كل سنة حواريوه بالتصفيق.

والحصيلة: مال سائب في حساب مدرب غائب بتوقيع من رئيس تائب.     

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *