حسن البصري

كان روجي ميلا سباقا لتهنئة المنتخب المغربي بعد فوزه على غانا، حاول طي صفحة الخلاف بعد أن دشن “الكان” بهجوم مرتد على المغرب ومصر، ويعلن نفسه هدافا للدورة.

قال روجي إن حواره مع قناة “تي في 5” واتهامه لبلادنا، زلة لسان لن تتكرر. وأثنى على المغرب كرة وشعبا.

قال ميلا بعد أن استوعب حجم الزلة: “المغاربة لم يفهموا قصدي”، وراح يبحث عن قشة يتمسك بها إلى أن تمر السيول، ويقضي الله أمرا كان مفعولا.

بنفس النبرة اعتذر صامويل إيطو من رئيس الفيفا إينفانتينو، وطلب الصفح إعلاميا. لكن إذا كانت الدولة الكاميرونية ملتزمة بغسل الأموال وتجفيف منابعها، فهي مطالبة أيضا بغسل مثل هذه الأقوال المسيئة لضيوف هذا البلد، وإلجام الأفواه التي تفتح تلقائيا كلما اقتربت من الميكروفون.

هكذا تستقبل اللجنة المنظمة ضيوفها، تهاجمهم تتهمهم بالعنصرية، وتحذرهم من الجلوس في صالون ضيوف الشرف، ثم تلتمس منهم العذر، هذا ضرب في الصميم لأعراف وتقاليد الضيافة.

يبدو أن شلة إيطو بصدد التأسيس لتقاليد جديدة، منصة شرفية لنجوم الكرة، ومنصة دنيئة للقائمين على شأن الكرة، بلا مراحيض ولا مرطبات ولا حسناوات.

في لحظة حماس، نسي ميلا فضل المغرب عليه، وتبين أن الرجل من فصيلة آكلي النعمة وشاتمي الملة، وهو الذي كلما حل ببلادنا عاد إلى قواعده غانما. ولأن المغاربة يكرمون الضيف فقد ظل مواطنه عيسى حياتو يتردد على مصحة في الرباط متخصصة في تصفية الدم دون أن يطالبه أحد بأداء الفاتورة.

في سنة 2007 حل ميلا ضيفا على برنامج القدم الذهبي، أجريت معه حوارا صحفيا في مقهى السقالة، واقترحت عليه زيارة مؤسسة خيرية، ضربنا موعدا في صباح اليوم الموالي فرافقني في سيارتي إلى دار رعاية الأيتام بتمارة، على امتداد الطريق ظل يشيد بالمغرب وأمن المغرب وكرة المغرب.

قال في كلمته أمام النزلاء، إنه يرأس جمعية خيرية في الكاميرون اسمها “قلب إفريقيا”، وكشف عن حياة الفقر التي عاشها في طفولته، وداعب الكرة في الخيرية ووعد بإرسال كمية من العتاد الرياضي ونصح الأيتام بالتوفيق بين الدراسة والرياضة، وشرب ما تيسر من شاي ومكسرات، ثم عندنا إلى الفندق، وظل النزلاء ينتظرون شحنة القمصان.

في آخر زيارة له للمغرب صيف 2017، زار روجي ميلا بيت ظلمي قدم العزار رفقة أبيدي بيلي لأرملته، وقال إن المغرب ينجب الأساطير، ثم مسح دموعه وانسحب.

علمت أن روجي أصبح سفيرا للنوايا الحسنة فضربت كفا بكف وقلت في قرارة نفسي ربما المقصود “النوايا السيئة”، وآمنت بالقدر المعكوس الذي جعل القافلة تنبح والكلب يسير.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *