بلال بلحسين
إن المراقب لما يجري في هذه المدينة ليصيبه الذهول لما آلت إليه، ولسان حال حمامتها يقول “ألمزوق من برا آش خبارك من داخل؟”.. والحقيقة أن مظهر المدينة الأنيق وطبع أناسها الرقيق لا يرجع الفضل فيه لأي مسؤول بقدر ما يعود لواقع المدينة المتحضر وتاريخها الأصيل، ثم إلى احتكاك سكانها، حتى وقت قريب، بحضارة المستعمر، الذي خلف من العمران والمعمار ما يعجز عنه مهندسو اليوم.
تحولت تطوان خلال السنتين الأخيرتين إلى مدينة شبح بعدما كانت شوارعها الرئيسية تنبض بالحياة، فلا الأسواق كالأسواق ولا الرواج التجاري عصب الاقتصاد المحلي يعود لسابق عهده.. أغلقت المحلات ولا من يشتري، لتعود فكرة الهجرة تراود أغلب شباب المدينة المنسيين في أحياء جبل درسة والبربورين والإشارة والباريو وجامع مزواق والمدينة العتيقة وسانية الرمل والكاريان وكويلما وكرة السبع…
هوامش هي الخزان الحقيقي لأصوات المتنفعين من بؤس ساكنيها في كل موعد انتخابي، ليعودوا إلى اللحن نفسه مع كل استحقاق، وكأن داء فقدان الذاكرة ألمّ بالساكنة أو كأن هؤلاء المتنفعين لا حياء لهم ليعودوا إلى الصرير نفسه.
توقفت أغلب التظاهرات الثقافية االفنية بالمدينة، بل صارت تقتل أصحابها من على منابر الكلمة.. وحتى الفريق الأول بات يستجدي البقاء في قسم الصفوة، وهو العريس قبل سنوات..
مشاريع توقفت أو أقبرت، كوادي مرتين والملعب الكبير، وأخرى لا قيمة تنموية تحسب لها غير وضع “العكر على الخنونة”.. الكثيرون من المنتخبين في مجالس المدينة مجرد أرقام، ومنهم من تحولوا من حال إلى أحسن حال، بينما هذه المدينة أحوالها تسوء بكيفية تنذر و لا تبشّر.. فإلى أين يقودنا هذا الوضع؟!