إعداد: عبدو المراكشي
هي أسماء كثيرة حلّقت بعيدا عن أرض الوطن لتصنع تاريخها في المهجر. من الرياضة إلى السياسة، فالثقافة والبحث العلمي والاقتصاد وعلم الاجتماع.. أسماء لمعتْ في شتى الميادين، فرّقتها الجغرافيا ووحّدها اسم المغرب.. ونقدّم لكم لمحة عن بعضهم في هذه الفسحة الرمضانية.
من الناظور انطلقت رحلة أحمد لعوج، الذي سيصير رئيس بلدية كوكلبرغ في بلجيكا.
ربما لم يكن كثيرون منا ليسمعوا عنه لولا هذه “الطلقة الطائشة” التي تفجٌرت مؤخرا بعد تلقيه تهديدا بالقتل..
ب
كان أحمد لعوج، الذي ولد في في 8 دجنبر 1969 في لييج البلجيكية من أبوين مغربيين، الابنَ الخامس في هذه العائلة الريفية. هاجر الأب إلى بلجيكا في مطلع الستينيات (1962) قبل أن تلتحق به زوجته وأولاده في 1969.

وعن ذلك قال أحمد لعوج، في حوار صحافي “عشت في منطقة كانت مليئة بالمهاجرين. كان هناك مغاربة وإيطاليون، وأتراك.. نشأت في تعددية وفي بيئة الطبقة العاملة وكان بيننا تضامن قويّ”.
تلقى تعليمه الإبتدائي والثانوي في معهد فليرون وفي “روايال أتينيوم جوبيل”. في 1987 التحق بكلية الحقوق في جامعة لييج. وحصل على الإجازة في القانون -تخصص القانون الاقتصادي والضرائبي.

كانت 1993 بداية الحياة المهنية لأحمد لعوج كإطار في وزارة المالية. وفي 2000 انضم إلى معهد إميل في منصب مستشار في قضايا الضرائب. وبعد أربع ستوات (2004) سيعين مديرا لديوان وزير الوظيفة العمومية والرياضة، كلود إردكنس.
انتخب لعوج مستشارا في بلدية كوكيلبرغ منذ 2006 وشغل منصب نائب رئيس الحزب الاشتراكي في بروكسيل منذ 7 فبراير 2013، وهو مستشار في مجلس الشيوخ منذ 20 يوليوز 2010. ونشط كثيرا في المجال الثقافي والجمعوي، ما أهّله لرئاسة المركز الثقافي “فضاء ماغ” (مختص في ثقافات شمال إفريقيا والبحر الأبيض المتوسط).
بحكم اهتمامه بالقضايا القانونية والإدارية، درس القانون في جامعة لييج. ثم اكتشف ميله إلى الحساب ومجال الضرائب القانونية والمالية العامة. عُين مفتشا للضرائب بعد اجيتاز مباراة توظيف في وزارة المالية. وموازاة ذلك، فرض نفسه في المشهد السياسي البلجيكي. فقد عيّنه إيليو دري روبو، رئيس الحزب الاشتراكي البلجيكي، مستشارا سياسيا.
في 2006، عينه كويكلبيرغس كمستشار في البلدية. وفي 2010، أصبح السيناتور نائب رئيس لجنة المالية والاقتصاد في مجلس الشيوخ البلجيكي. ثم صار، في 2014، عضوا في البرلمان الاتحادي، قبل انتخابه رئيسا لأكبر حزب معارض في بلجيكا…
ظلّ أحمد لعوج، رغم ترعرعه في بلجيكا، متشبثا بأصوله المغربية. وفي هذا الإطار اكتشف عددا من المدن المغربية خلال قضائه عطلا في المغرب، وتحديدا في طنجة ومراكش وفاس والدار البيضاء والرباط. وقال في حوار “نحن متشبثون بأصولنا وفي الوقت نفسه نشارك في النضال من أجل مواطنتنا في بلجيكا، في الوقت الذي نعيش أزمة اقتصادية وصعود القومية والتصريحات المعادية للأجانب والعنصرية.. لهذا، أنا بلجيكي ولكنْ لا أنكر أصولي التي أفتخر بها كثيرا وأعتزّ”.
يعترف أصدقاء هذا المغربي، الذي تقلد منصب رئيس فريق أكبر تكتل حزبي فرنكوفوني في البرلمان البلجيكي، بسمو أخلاقه ومهنيته وتمكنه من الملفات، خاصة المتعلقة بالضرائب والميزانية.
هي قصّة أحمد لعوج أحد أكثر الريفيين تأثيرا في بلجيكا، لكنّ المؤسف في الأمر أن هذا السياسي تلقى، مؤخرا، تهديدات بالقتل عبّر تطبيق ميسنجر في فيسبوك.
وطبعا، ليست مثل هذه الطلقات الطائشة ما سيوقف هذا المغربي الناظوري عن مواصلة مساره الموفق في سماء بروكسيل…
