رئاسة التحرير

لم تكد تمر نصف سنة على انتخاب بنشماش أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة خلفا لإلياس العماري، حتى بدأت معاول الهدم الداخلي للحزب تفعل فعلها داخل التنظيم.

لقد انكشفت عورة بعض الجبناء الذين ظلوا يكتمون أصواتهم طيلة فترة ما قبل بنشماش، خوفا ورهبا، ولم تنفتح شهيتهم للكلام والضجيج إلا أخيرا، بينما افتضح أمر بعض النفعيين الذين شرعوا في وضع الأشواك في طريق الأمين العام للحزب في وقت مبكر.

لم يتركوا للرجل حتى الوقت الكافي لتنفيذ مخططه الإصلاحي الرامي إلى تأهيل الحزب والمضي به قدما نحو آفاق رحبة يستعيد بها عافيته ووهجه ويدخل به غمار الاستحقاقات الحاسمة المقبلة، ليس أقلها محطتي الانتخابات الجماعية والتشريعية.

فبعد مرور سنة على انتخابه أمينا عاما للحزب، أصبحوا يطالبون برأسه، تحت الذريعة الجاهزة “أزمة تنظيمية”، والحقيقة أنها”إزمة إنتهازية” كما قال حكماء “البام” في نداء” المسؤولية”.

في ظل الأحداث المتوالية لم يعد خافيا على أحد أن الأمر لا يتعلق لا بأزمة تنظيمية ولا بسوء تدبير لشؤون الحزب، بل إن في الأمر (إن)، كما تقول العرب.

وعلى عكس القيادات الحزبية الكثيرة التي لا تتوفر على رؤية متكاملة للنهوض بالأداة الحزبية، قدم بنشماش، مشروعا متكاملا لإعادة وضع الحزب على سكته والانطلاق به نحو تعزيز صدارته في المشهد السياسي والانتخابي.

لقد اشتغل الرجل، بمنطق المناضل الحزبي والأكاديمي، إذ سهر الليالي ليخط بيديه مشروع خارطة طريق يمتد من 2018 إلى 2020 ، بسط فيه رؤيته للنهوض بالحزب خلال المرحلة المقبلة، وعرض المشروع على المناضلات والمناضلين  لمناقشته وإغنائه وتفعيله، لكن (لا حياة لمن تنادي)..معتقدا أنه يتحدث إلى الديمقراطيين.. و الحقيقة أن السواد الأعظم من الباميين، ألفوا سياسة “الكثير من العصا وقليل من الجزرة”، حتى صار البعض منهم، للأسف، يعتقد أن التدبير التشاركي للقرار الحزبي، هو عنوان ضعف وهوان لمرحلة أمين عام يسمى بنشماش..

وعلى ذكر بنشماش، وجب الاشارة الى أننا داخل le12.ma  لا ندافع عن شخصه كما قد يعتقد البعض فليذهب إلى الجحيم إن لم يكن في مستوى قيادة إرث الشرفاء، بقدر ما نترافع على حزب تمغرابيت والمبادئ الذي أسس عليها.

قلت كان المشروع الذي اختطته يد بنشماش طموحا وجديرا بأن يُعيد القوة إلى التنظيم، ويعيد مشروع الحزب إلى روح المشروع، فهو يرتكز على حماية المشروع المجتمعي الديمقراطي الحداثي من مخاطر الإسلام السياسي والتوجهات الشعوبية واحتواء أزمات التمثيلية والوساطة.

وكان طموح بنشماش كبيرا في تقوية الأداة التنظيمية للحزب وتعزيز إشعاعه في المشهد السياسي الوطني وتقوية تنافسيته في الحقل الانتخابي، لكن بعض ” مناضلي الحزب” كان لديهم رأي آخر، لم يكترثوا للمشروع  وروح المشروع فقط، بل ملأوا الساحة ضجيجا، معتقدين أن الضجيج بإمكانه أن يتستر على حقيقة ما يحركهم، وهم الذين صاموا عن الكلام دهرا.

لطالما ظل الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، يعتقد أنه يحاور مناضلين في مستوى المسؤولية الملقاة عليهم، ليكتشف أنه كان يصيح في الخلاء وأنه كان يحاور الأشباح، فلا أحد اهتم بمشروعه ولا بخارطة طريقه، قلة فقط من المناضلين من تفاعل مع المشروع بالجدية المطلوبة، أما الفئة العريضة منهم،  فقد كانت أعينهم مثبتة على أشياء أخرى، ولما تبين لهم أن بنشماش أصبح عائقا، انفضوا من حوله وانتفضوا ضده ليروجوا لمقولة الأزمة التنظيمية التي تخفي مآرب أخرى.

ولمن له ذاكرة، ضعيفة، يكفي تذكيره بأنه خلال انتخابه أمينا عاما للحزب في الدورة الاستثنائية للمجلس الوطني للحزب في 27 ماي من السنة الماضية (2018)، أكد بنشماش في تصريحات أدلى بها إلى الصحافة، أنه بإمكان حزب الأصالة والمعاصرة أن يواصل القيام بأدواره والإسهام في التفاعل مع القضايا الجوهرية المطروحة على البلاد، من خلال استثمار الإمكانيات الكبيرة التي يزخر بها الحزب، وأعلن أنه سيتم الاشتغال على قاعدة برنامج واضح يرتب الأولويات ويوزع الأدوار والمهام بين هيئات ومناضلي الحزب من أجل تقديم أجوبة لانتظارات المواطنين، لكن كل ذلك تبخر وتم دكه دكا، بفعل تعاطي البعض مع الحزب بمنطق انتهازي ونفعي محض.

نسي عدد ممن شربوا أخيرا حليب السباع، وشرعوا أفواههم التي كانت إلى وقت قريب لا تفتح إلا عند طبيب الأسنان، فضل الوطن قبل الحزب عليهم، في تغيير وضعهم الاجتماعي من “بؤساء”، داخلوا “البام” بـ”الايركاط” واليوم يركبون “الكاط كاط”..وأشاء آخرى..

هؤلاء الانبطاحيون، وهم كثر للأسف ومنهم من هم في محيط بنشماش نفسه، جرفتهم “اللهطة” إلى حد الاندحار إلى حافة الاعتقاد أن الحزب” بلا مواليه” أو أنه أصبح يتيما، وأنه بإمكان أي تافه رمت به موجة التدافع الانتخابي، أن يتحكم في حزب بلور فكرته مهندس هيئة الإنصاف والمصالحة، الرجل الرمز، الراحل إدريس بنزكري، وتبناها وقتها رجل وطني إسمه فؤاد عالي الهمة، وعدد من شرفاء هذا الوطن، حتى إنتقلت الفكرة  من مشروع لحركة لكل الديمقراطيين، إلى حزب يسمى الأصالة و المعاصرة.

على هؤلاء و غيرهم أن يصبوا على رؤوسهم أول”قاروة ماء بارد” يلقون عليها بصرهم الأعمش، حتى يستفيقوا من حلم، كان في مخيلتهم هرما من الخيال فهوى بين أيديهم على أرض الواقع، خاصة عندما تناهي إلى علم “جهابدتهم ربما” الأخبار القادمة من الدار البيضاء، والتي لا تسر الكثير منهم.

وإذا كان العديد ممن هرولوا اليوم إلى خيمة” الإدريسي” بطنجة، لا علم لهم بتلك الأخبار البيضاوية، يكفي أن نهمس في آذانهم لنقول:” راه معروف شكون لي مشى لكازا في هذه الأيام  المباركة”.. و كلامي مع “مواليه”.. إيوا نوض على سلامتك آسي..

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *