إعداد: عبدو المراكشي

هي أسماء كثيرة حلّقت بعيدا عن أرض الوطن لتصنع تاريخها في المهجر. من الرياضة إلى السياسة، فالثقافة والبحث العلمي والاقتصاد وعلم الاجتماع.. أسماء لمعتْ في شتى الميادين، فرّقتها الجغرافيا ووحّدها اسم المغرب.. ونقدّم لكم لمحة عن بعضهم في هذه الفسحة الرمضانية.

 

هو واحد من فكاهيي فرنسا من ذوي الأصول المغربية. من ابن لأحد مهاجري ضواحي المدن الفرنسية، سيصير جمال الدبوز واحدا من أشهر نجوم الفكاهة والسينما في فرنسا.

عاش جمال الدبوز مراهقة صعبة، قبل أن يحترف الفن من أوسع الأبواب ويقدم أعمالا حققت إيرادات خيالية.

ازداد جمال الدبوز يوم 18 يونيو 1975 في باريس. ابن أسرة مغربية مهاجرة واجهت أوضاعا صعبة لتلبية حاجات ستة أطفال، منهم جمال، الذي عرف بشغبه وسلوكاته “الجانحة” التي سببت له إصابة خطيرة في ذراعه في 1990.

كانت علاقته مع المدرسة “متوترة”، قبل أن يكتشف -صدفةً- عالم الفضاء المسرحي في مدرسته.

وهو يتجول بين ممرات المدرسة، بعد طرده من الفصل ستقوده قدماه إلى قاعة المسرح،والتي كانت تحتضن مجموعة من الأطفال يتدرّبون بإشراف المؤطر التربوي والفني ألان دوجوا “بابي”، الذي سيصبح الأب الروحي والمعلم الدائم لجمال. وقال دوجوا عن ذلك “لم أصدق أنه موهوب بتلك الدرجة. لقد أمتعنا جميعا بلغته السّاخرة العبثية وبحركاته الميمية المتنافرة، حتى حسبنا أننا أمام الكوميدي الشهير شارلي شابلن”…

هكذا إذن اكتشف جمال المجال الذي سيفتح له آفاق حياة جديدة بعد الحادثة المأساوية، ففي 17 يناير 1990، وبينما كان يهم بعبور سكة القطار رفقة صديقه صدمه القطار ففقدَ ذراعه اليمنى. أمّا صديقه ففارق الحياة.. وعن ذلك قال جمال “حينما استفقت من العملية، وفي اللحظة التي أخبرني الطبيب بأنني لن أتمكن منذ اليوم على الاعتماد على ذراعي اليمنى، طلبت منه قلما وحاولت الكتابة باليد اليسرى”…

سنة بعد ذلك، تفتقت موهبة جمال الدبوز، الذي أحرز أولى جوائزه المهمة في 1991 “النجمة الذهبية للمسرح الارتجالي”. وفي 1995 منحه جون فرانسوا بيزو وجاك ماساديان فقرةً يومية على إذاعة “نوفا”. ثم دشّن مساره تلفزيونيا على قناة “باريس الأولى”، ليصير في وقت قصير “الفتى المدلل” لقناة “كنال بليس”. وفي هذه القناة الشهيرة قدّم عرضه الفردي الأول الذي بوّأه صدارة نجوم الفكاهة في فرنسا.

في السينما، وإثر تجارب غير موفقة، حقق ظهورا قويا في فيلم “زونزون” للوران بونيك (1998) ثم في فيلم “السماء، الطيور.. وأمك” لجمال بنصالح في العام نفسه. ثم توالت النجاحات مع الفيلم الذي حطم أرقاما قياسية في القاعات الفرنسية “أستيريكس وأوبيليكس: مهمة كليوباترا” لألان شابات (2001). ثم جاء عرضه الفردي “100% دبوز” الذي بدأ جولته نهاية 2003، ليكرس نفسه في قمّة فن السخرية في فرنسا.

مثّل الدبوز في أعمال هوليودية، قبل أن يشارك في 2005 في فيلم “الأهالي” (أنديجين) مع سامي نصري ورشدي زم وسامي بوعجيلة، والذي أحرز فيه الممثلون جائزة مشتركة هي سعفة أحسن تشخيص رجالي في مهرجان “كان” السينمائي.

وحاز الفيلم شهرة واسعة لتناوله موضوعا حسّاسا يتمثل في دور الجنود المتحدرين من شمال إفريقيا في تحرير فرنسا من النازية. وعاد الى أضواء كان في 2010 مع رشدي زم وسامي بوعجيلة والمخرج رشيد بوشارب في فيلم “خارج القانون”ك الذي تناول حرب الجزائر.

رغم كل هذه الشهرة والأضواء، يحافظ دبوز على علاقاته ببلده الأم المغرب، الذي ينظم فيه كل عام (في مراكش تحديدا) مهرجانا ضخما للضحك يستقطب نجوم الفكاهة الفرنسية والمغربية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *