إعداد: عبدو المراكشي

هي أسماء كثيرة حلّقت بعيدا عن أرض الوطن لتصنع تاريخها في المهجر. من الرياضة إلى السياسة، فالثقافة والبحث العلمي والاقتصاد وعلم الاجتماع.. أسماء لمعتْ في شتى الميادين، فرّقتها الجغرافيا ووحّدها اسم المغرب.. ونقدّم لكم لمحة عن بعضهم في هذه الفسحة الرمضانية.

 

ضيفة حلقة الليلة بيضاوية بيّنت أن المغربي/ة قادر على أن يكون “شْديد”/ة في كل المجالات، من السياسة إلى الأدب والفن والرياضة و… الفلك.

تخصّصت مريم شديد (11 أكتوبر 1969) في علم الفلك في مرصد “كوت دازير” القومي الفرنسي. وتعمل أستاذة في جامعة نيس في فرنسا.

 

وتعدّ هذه الباحثة المغربية “أول عالمة أنثى تصل إلى القطب الجنوبي”. وكانت شديد ضمن فريق عمل علمي مهمّته وضع منظار فضائي لقياس إشعاع النجوم في القطب المتجمد الجنوبي.

ترعرعت مريم شديد، وهي ثاني أصغر فرد في أسرتها (الأبوين وستة إخوة) في الحي الشعبي درب السلطان، حيث كان والدها حدادا في أحد أحياء الدار البيضاء فيما كانت أمها منجذبة إلى الطبخ والخياطة.

هي المرأة الوحيدة التي وصلت إلى القطب الجنوبي المتجمد. واختيرت عضوا في المنظمة الدولية “أوربيان سوتيرن أوبسرفاتوري”، ضمن العلماء العاملين في أكبر مرصد فلكي في العالم.

تحدت مريم ظروف الأسرة المادية سافرت إلى فرنسا. وهناك حصلت على دبلوم الدراسات العليا المعمقة حول عالم الصورة في العلوم الكونية في جامعة “صوفيا إنتيبوليس” في 1993، ثم على الدكتوراه في 1996 في جامعة “بول ساباتيي” في تولوز، بميزة “مشرّف جدا”..

ظلت مريم شديد، وهي بعدُ طفلة، تتطلع إلى السماء وإلى النجوم وإلى لمعان النجوم والألوان، قبل أن تصير واحدة من أهم علماء الفلك في المغرب، بل في العالم أجمع. وعن طفولتها قالت الباحثة في مرصد “كوت دازير” القومي الفرنسي والأستاذة في جامعة نيس الفرنسية، في حوار: “كنت مهتمة كثيرا بكل هذه الأشياء، ولاحظ أخي مصطفى ذلك وأهداني كتابا جميلا غيّر مسار حياتي”.

أحبت مريم، منذ صغرها علوم الرياضيات والفيزياء وكذلك الفلسفة والعلوم الطبيعية وخاصة الجيولوجيا، إلى جانب عشقها لعلم الفلك.

في 1992 ستغادر إلى فرنسا، وتحديدا إلى نيس، حيث ستبدأ خطوة الألف ميل في مسارها العلمي والمهني. واضطرت من أجل إتمام دراستها بدون منحة إلى العمل موازاة مع دراستها.

وبدأت تحضير أطروحة الدكتوراه في جامعة نيس في 1994، قبل أن تلتحق بالمركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي مهندسةً فلكية.

إلى جانب كونها أول عالمة فلك في العالم استطاعت أن تصل إلى القطب المتجمد الجنوبي، عُدّت مريم شديد أول طالبة عربية تنجز الدكتواره في أكبر مرصد وطني في فرنسا.

رغم الشّهرة التي حققتها وسطوع سمها في وسائل الإعلام، اعتزت شديد دوما بالانتماء إلى درب السلطان وإلى أحياء المغرب الخلفية. وفي هذا السياق قالت يوما «كنت أصعد إلى سطح المنزل وأراقب النجوم، كأنها تحدّثني. كان هناك حب كبير بيني وبين السماء ولا يزال”.

وكانت 1988 سنة محورية في حياة مريم شديد، ابنة درب السلطان. فبعد أن أنهت مرحلتها الثانوية بتفوق، وعندما لم تجد أي جامعة مغربية تمكنها من دراسة الفلك، الحلم الذي عاش بين جوارحها، قررت مريم أن تخط لنفسها مسارا تعليميا خاصا بها، فالتحقت بكلية العلوم في جامعة الحسن الثاني بالدار البيضاء.
ورغم أنها لم تحصل على منحة وكانت عائلتها فقيرة، فقد كان حبها للعلم وللعلوم قادرا على أن يكسر كل حاجز يقف أمامها وأمام هذا العلم والتعلم. فكان أن غادرت المغرب في أكتوبر 1992 إلى فرنسا.

وبعد مسار تكويني ومعرفي تكرس في العديد من البحوث والاكتشافات غير المسبوقة عالميا، حصلت مريم شديد في 1996 على دكتوراه في النجوم وزلازلها بمرتبة “الشرف”.

كتبت الصحف الفرنسية عن أطروحة مريم باعتبارها أول دكتوراه تنجَز في مرصد وطني في فرنسا وأول مغربية تحصل على دكتوراه في علم الفلك..

إنها مريم شديد، أول عالمة فلك تصل إلى قلب القطب المتجمد الجنوبي لتراقب النجوم على مدى ثلاثة شهور، في مغامرة علمية تناقلت خطورتَها العديد من القنوات العالمية. وقد ظهرت فيها ابنة درب السلطان وسط ثلوج القطب المتجمد حاملةً العلم المغربي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

التعليقات
  1. فعلا ما شاء الله و تبارك الذي في يده الملك فعلا يا عبدو أنا أحييك من هذا المنبر على مقالك هذا و أنا متأكدة أنا إذا رأت مريم شديد هذا المقال سوف تحييك و شكراً لك يا أخي