le12.ma -ومع

 

تحل، غدا الثلاثاء، الذكرى الـ63 لتأسيس القوات المسلحة الملكية، التي تشكل مناسبة لاستحضار المراحل البارزة والإنجازات الكبرى والتضحيات الجسام التي بذلتها هذه المؤسسة العتيدة خدمة للمصالح العليا للأمة.

ويتعلق الأمر أيضا بمناسبة مثلى للاحتفاء برجال ونساء القوات المسلحة الملكية، الذين عملوا بتفان، منذ إحداثها في 14 ماي 1956، من أجل الدفاع عن الوحدة الترابية للمملكة وتعزيز التضامن الوطني والدولي والحفاظ على السلم في العالم. فبعد استقلال المملكة، حرص الملك الرّاحل محمد الخامس على تمكين المملكة من جيش عصري ومهني، وهي المهمة التي استكملها بعده الملك الرّاحل الحسن الثاني، الذي عمل على إحكام تنظيم القوات المسلحة الملكية وتعزيز تسلحها وتجهيزاتها.

وبعد اعتلائه العرش، سهر الملك محمد السادس، القائد الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية، على تطوير هذه المؤسسة وتحديث عتادها وتنمية مواردها البشرية وقدرتها على التدخل، قصد جعلها ترقى إلى مستوى الجيوش الأكثر تطورا في العالم.

واليوم، تشكل القوات المسلحة الملكية مبعث فخر لكافة المغاربة وحلقة جوهرية في الوحدة الوطنية وسفيرا مثاليا يمثل المملكة حيثما نادى الواجب عناصرها.

وقال الملك، في الأمر اليومي الموجه للقوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى الـ62 لإحداثها، “إننا نحن جميعا واعون بما لهذا الحدث من رمزية ودلالة راسخة في الذاكرة التاريخية الوطنية،ة تجعلنا نستحضر من خلاله كل سنة، بإجلال وإكبار، ذكرى صاحبي الجلالة الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني طيب الله ثراهما، اللذين كان لهما الفضل في مكرمة وضع اللبنة الأولى والأساس المتين للجيش المغربي عقب إحراز الاستقلال ومواصلة مسيرة بناء وتطوير قدراته ليكون الدرع الواقي والحصن المنيع من أجل الدفاع عن حوزة الوطن وحمى مقدساته”.

وأكد الملك أنه “سيرا على هذا النهج السليم ونبراسه القويم، وإيمانا من جلالتنا بضرورة مسايرة قواتنا المسلحة لمتطلبات العصر والمستجدات العلمية والعسكرية في مجالات الأمن والدفاع ومداركهما، حرصنا على تسخير كل الإمكانات اللازمة والموارد المادية والبشرية الضرورية لرفع مستوى تجهيزاتكم العسكرية وصقل كفاءاتكم وقدراتكم المعرفية، وفق رؤية مندمجة ومتكاملة في بلورة خططها وغاياتها، حفاظا لجيشنا على وتيرة متنامية تدعم طاقاته البشرية وتضمن تحديث بنياته التحتية وتجهيزها بالمعدّات والخدمات التقنية المطلوبة”.

ولبلوغ هذه المقاصد، يضيف الملك، “أصدرنا أوامرنا بإعداد وتنفيذ هذه المناهج والخطط، بالتركيز النوعي الذي ينشد ملاءمة برامج التكوين والتدريب في كافة مجالات الأمن والدفاع ويراعي التكامل التام مع ما يوافق خصوصياتنا الوطنية وتقاليدنا العسكرية وما تقتضيه مواجهة التحديات الراهنة من مستلزمات الكفاءة والتميز، لإعداد وتأهيل العنصر البشري، المتشبث بقيمه الوطنية والدينية الأصيلة والمدرك لتاريخه العسكري العريق الحافل بالأمجاد والبطولات”.

وتُوج دفاع القوات المسلحة الملكية عن الوحدة الترابية بعدد من الأعمال المشهودة، لا سيما الإسهام في تأطير المشاركين في المسيرة الخضراء المظفرة وبناء الجدار الأمني قصد ضمان أمن وطمأنينة الأقاليم الجنوبية للمغرب.

ويتجاوز مجال تدخل القوات المسلحة الملكية الحدود الوطنية للمساهمة في عمليات أممية لحفظ السلام والأمن، كما وضح الملك في الأمر اليومي المشار إليه. وفي هذا الصدد، قال الملك إن “انخراط المملكة المغربية منذ نشأة قواتنا المسلحة الملكية في الجهود الأممية لتحقيق الاستقرار وزرع قيم التعايش السلمي بين الشعوب، خصوصا في إفريقيا، هو نموذج آخر لتشبثنا بهذه القيم التي ما زالت تحمل مشعلها كل من تجريداتنا العسكرية المنخرطة في عمليات حفظ السلام بالكونغو الديمقراطية وإفريقيا الوسطى”.

ولا أحد يجحد التضحيات الجسام التي يبذلها “القبعات الزرق” المغاربة في إطار جهود الأمم المتحدة، لا سيما أعمالهم الشجاعة ضمن بعثة الأمم المتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في جمهورية إفريقيا الوسطى “مينوسكا”. ففي 22 شتنبر 2017، تعرض جندي من كتيبة القوات المسلحة الملكية ضمن بعثة “مينوسكا” لجروح بليغة، خلال تبادل لإطلاق النار مع المجموعة المسلحة “أنتي بالاكا”. وفي بداية أبريل 2017، حقق جنود القبعات الزرق المغاربة تميزا مشهودا خلال تنفيذهم بنجاح في قرية كومبو (شرق) عملية تحرير خمسة عشر رهينة من أيدي مجموعة مسلحة تنتمي إلى حركة التمرد الأوغندي.

وجرى إرسال عدة وحدات عسكرية إلى أجزاء مختلفة من العالم للمشاركة، على الخصوص، في يوليوز 1960 ضمن القوة الأممية الاستطلاعية التي كانت تروم ضمان السلام في الزايير (جمهورية الكونغو الديمقراطية الحالية) والتي كانت آنذاك مسرحا لحرب أهلية، ثم بعد ذلك في 1977 و1978 في هذا البلد، حيث كانت الحكومة في ذلك الوقت في قبضة تمرد في مقاطعة “شابا” (جنوب). كما قام المغرب، في إطار الأمم المتحدة بنشر وحدات في البوسنة والهرسك (1996) وكوسوفو (1999) قبل المشاركة في بعثة الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في هايتي “مينوستا” المكلفة باستعادة الشرعية في هذا البلد.

هي أمثلة كثيرة تدل على المهنية الجلية والتفاني الذي لا نظير له لقوات حفظ السلام المغربية في إطار بعثات الأمم المتحدة في الخارج، خصوصا في إفريقيا، والتي حظيت بإشادات من قبل السلطات العليا للمنظمة الأممية، لا سيما مساعد الأمين العام في عمليات حفظ السلام والممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة لكوت ديفوار ورئيس عملية الأمم المتحدة لحفظ السلام في هذا البلد.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *