عبد الرزاق بوتمُزّار

 

اليـومُ الـسـ6ـادسّ

أخيرا، انتهت أصعبُ أيام الأسبوع: الأحد -الثلاثاء.. عملٌ كثير في الانتظار. من حُسنِ حظي أنْ كنا قد أنجزْنا القسمَ الأكبرَ من عـدد الاثنين من المُلحق الرّياضي. رغم ذلك، كلماتٌ كثيرة في الانتظار. خـُذ غلـّتـَك اليومية مِن الحُروفِ وغـُص في أماكنَ وشخوصٍ وأحداث. انعزلْ عـنِ العالَم واقرأ قبْل القـُرّاء. آلافُ الكلماتِ تتراقص أمام العينين، عارضة عشرات الموضوعات. فوق ذلك، لا عصيرُ “المحامي” في الانتظار ولا سيجارة الصّباح حتى..

من الأحد إلى الثلاثاء كما حمارِ النّاعورة: عليهِ فقط أن يواصل دورانه حول بئر الماء. كسكرانَ أو خارجٍ للتـّو من دوخةِ مُخدّر أو بنجٍ قـويّ، أحِسّ أعضاءَ جسدي وقد فقدتْ نسبة كبيرة من علاقتها بالعالم. فقط كلماتٌ وكلمات تتوالى أمام العينين، في سلسلة ممتدّة، وعليك أن تـُركـّز، ما أمكنـَك التركيز، كي تـُساعدَ في بلوغ المعنى والشّكلُ جميل..

وكلّما تقـدّمت عقارب السّاعة إلى الأمام داخَ الـرّأسُ أكثـَرَ فأكثر وألحّ النـّومُ فـي طرْق الجفنين.. طنطنة عجيبة في أذنيكَ لا يسمعُها غيرُك. والصّحـو والنّوم يتصارعان من أجل الاستفراد بالجسد المُنهـَك. لكنْ لا مَفرّ، أنـْهِ عملَك ومُتْ بَعْـد ذلك، إنْ شئتَ!..

رغم أنني أمضي الثلاث ساعات ونيف التي تقطع فيها دابّـة الخليع الحديدية المسافة بين مراكش والدّار البيضاء نائماً، في أغلب الأحوال، فإنّ ذلك لم يكـنْ يشفع لي فـي تأخير تحرّش النـّوم بعينيّ، خصوصاً فـي النـّصف الثـّاني من النهار.. عجلة اليوميّ لا ترحم، لا تـتوقـّف، فدُرْ، حمار النـّاعورة، ودُر، ثمّ دُر، ساهمْ فـي إنتاج مقـروء اليوم المُوالي عند ناصيّةٍ شارعٍ لا يقرأ (تعود إلى الـذاكرة صورة صحف الوطنِ المسكينـة وهي “تتبهدلُ” بين أيدي زبائن المقهى الشّاسعة) عن استحقاق، مهنـةُ المتاعبِ أنتِ..

أخيراً، ينقضي اليومان. بقية الأيّام تبدو “عادية” أمامَ ضغط الثـّلاثيّ الأحد -الثّلاثاء. لك أن تفتح نـافذتك، عـلى الأثير، وتتواصلَ مع المُتواصلين فـي الافتـِراض، والعـالـَمُ إلكتـرُون. الصّحـافـة مهنـة المتاعب؟ ومهنـة الجَمال، أيضاً، والابتكار والتـّجديد. الصّحافة تَخصّصٌ وتبادُل..

فـي الإلكترون، العالـَمُ ضاجّ بالأحداث والـوقائع، السّرياليةِ خصوصاً.. سُرياليّة إلى الحـدّ الـّذي لا يُمكنُ أن يتصوّرَ خيالُ أمهـرِ المسحـُورين بنظرياتٍ (غربية في معظمها) مُترهّلة، تصلـُنا (في الغالب) بعد انقضاء شروط وجودها..

اسقـُطي، القاهرة، كي تـُذبَح دمشقُ وتـُفجّـَرَ بغـدادُ وتتغوّلَ طرابلس وتـُفخـَّخَ تونـُس، والقـادمُ أصعب..

الإلكترُون عالَم مشطـور جزءَيْن، أحدُهما أزرقُ -يسعُ بقيّة الألوان- يُشاركُ فيه “الآخَرون” صورهُم الجميلة. يستعرضون إنجازاتِهم. يتبادلون صور مجالسهم العائليّة، لحظاتِهم السّعيدة.. ثمّ جزءٌ ثـانٍ، أحمرُ قانٍ، فيهِ يقتـُل “العـُرْب” بعضهُم البعض و”يُغـرّدون” بلـون الدّماء..

صور الأشلاء والأجسادِ المسجّاة، مذبوحة، مُتفحّمة أو قنَصها رصاص غادر؛ دماءٌ فـي كـُلّ الأحوال.. في هذا الجزء من عالَم الافتراض يُقترَف الجُرم ويُمثـَّل بجُثـّة فكرٍ مُتقـرّح لا يقبـل الاختلاف، رغم أنّه يتغنّى به في اللـّيل كما فـي النّهار!

اهرُبْ من كـُلّ هذا إلى نصـوصٍ مُنتقاة. تسلـّلْ إلى صفحـةِ هذا الصّديقـ(ة) أو تلكَ وعـُد إلى عالَم الكلمات. اخترْ لحديقـةِ صفحتـك نصّـاً مِـن هنـا، صورةً مِـن هُناك. اكتب تعليقـاً، اضغَط “جيــJ’aimeـم” أو “وزّعْ” هذي المُشارَكة أو تلك. ابقَ عـلى تـواصُل.. افتح صفحتـَك عـلى الأثير وقـُل.. أنـ@ـا إلكتـْرُون، إذن أنا موجـُود!؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *