إعداد: عبدو المراكشي

هي أسماء كثيرة حلّقت بعيدا عن أرض الوطن لتصنع تاريخها في المهجر. من الرياضة إلى السياسة، فالثقافة والبحث العلمي والاقتصاد وعلم الاجتماع.. أسماء لمعتْ في شتى الميادين، فرّقتها الجغرافيا ووحّدها اسم المغرب.. ونقدّم لكم لمحة عن بعضهم في هذه الفسحة الرمضانية.

 

بعدما تناولنا، في الحلقات الثلاث الأولى، أسماء مغاربة من الجيل الأول والثاني أضاؤوا سماء المهجر، نتوقف اليوم في محطة سياسية مغربة من الجيل “الأخير”. وبعد الرياضة والأدب والفن، ننتقل إلى السياسة، وضيفتنا سياسية شابة كتب تاريخا سياسيا جديدا للمرأة فى فرنسا.

نعم، إنها نجاة بلقاسم، المهاجرة المغربية، التي صارت وزيرة للتربية في فرنسا، مغربية أمازيغية ولدت في 1977 في الناظور. وفي 2012 عُيّنت وزيرة لحقوق المرأة وناطقة رسمية باسم الحكومة الفرنسية بئاسة فرانسوا هولوند. فماذا بين المحطتين، محطة المغرب، حيث رعت الأغنام حافية القدمين، وبين محطة فرنسا، حيث أدركت المجد وحققت ذاتها سيدة مغربية تُرفع لها القبعات؟!..

ولدت نجاة بلقاسم يوم 4 أكتوبر 1977 في قرية “بنى شيكر” (شرق). كانت الطفلة الثانية في ترتيب إخوتها السبعة. وفى 1982 هاجرت إلى فرنسا وعمرها لا يتجاوز 4 سنوات رفقة والدتها وشقيقتها الكبرى، ليلتحقوا برب الأسرة الذى كان مهاجرا ويعمل فى فرنسا.

نشأت نجاة بلقاسم فى منطقة “أبفيل”، ثم فى مدينة “أميان” ودخلت كلية “سيزار فرانك”، ثم حصلت على الجنسية الفرنسية وهى فى الـ18.

فى 1995 ستحصل بلقاسم،على شهادة البكالوريوس فى علم الاجتماع الاقتصادي، وفى 2000، ستتخرج من معهد الدراسات السياسية فى باريس وبعد الحصول على شهادة فى القانون فى جامعة بيكاردى فى أميان.

بعد ذلك، بدأت الحياة المهنية لهذه المهاجرة الشابة والمجتهدة. وبدأت نجاة بلقاسم حياتها المهنية محامية فى مكتب محاماة فى باريس، حيث قضت مدة ثلاث سنوات. ثم عملتممستشارة لسيجغولين رويال خلال حملتها فى الانتخابات العامة الفرنسية في 2007، وأيضا فى مارس 2009 في الانتخابات التمهيدية الاشتراكية للرئاسة فى 2011.

فى 16 نونبر 2011، صارت بلقاسم المتحدثةَ باسم فرانسوا هولوند، مرشح الحزب الاشتراكي للانتخابات الرئاسية 2012. ومن 2004 إلى 2008 عملت مستشارة إقليمية لمنطقة “الرون ألب” عن السياسة الثقافية. و 2008 إلى 2013، نائبةً لعمدة مدينة ليون. وكانت، حتى دجنبر 2011، عضوا فى مجلس الجالية المغربية في الخارج.

شغلت نجاة بلقاسم منصب وزيرة لحقوق المرأة والناطقة الرسمية باسم حكومة جان مارك إيرولت، برئاسة فرانسوا هولاند منذ 16 ماي 2012 حتى 2 أبريل 2014. وفي هذا التاريخ ستعين وزيرةً لحقوق المرأة والشباب والرياضة فى حكومة مانويل فالس، لتصبح أصغر الوزراء سنا في فرنسا.

ثم عُينت، فى 26 غشت 2014، وزيرة التربية الوطنية والتعليم العالي والبحث فى حكومة فالس الثانية، لتصبح أول امرأة تشغل هذا المنصب فى تاريخ الجمهورية الفرنسية.

هي قصّ تحد عاشتها نجاة بلقاسم، في رحلة شاقة ومتعبة بدأتها راعيةَ أغنام وختمتها وزيرًة ناجحة في سماء فرنسا؛ قصة واحدة من شابات وشباب المغرب المحبطين ممّن بحثوا عن هوياتهم بعيدا عن أرض الوطن.

في خضمّ ذلك، اهتمّت الصحافة الفرنسية كثيرا بسيرة نجاة بلقاسم، إلى درجة أن الصحفيين فيرونيك بيرنهايم وفالنتين سبيتز ألّفا كتابا عنها سمياه “نجاة فالو بلقاسم: غزالة في بلد الفيلة” تطرّقت فيه لأصلها وتحدثا عن المنطقة التي ولدت فيها وتناولا مسارها الاجتماعي والدراسي والسياسي. كما توقفا عند صبرها ونضالها وطموحها في “طريق مسكون بفيَلة لا ترحم”.

كما ألّفت نجاة بلقاسم ثلاثة كتب ناقشت فيها وضع التعددية في فرنسا وتكافؤ الفرص ووضعية المهاجرين. كما ردت في هذه المؤفات على بعض دعوات الجبهة الوطنية اليمينية المتطرّفة وأفكارها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *