*إدريس الكنبوري

 

تابعت الجدل الذي صاحب تصريح اللاعب المصري السابق محمد أبوتريكة  بعد انتقاده تخصيص جولتين من الدوري الإنجليزي الممتاز للتضامن مع “المثليين جنسيا”، وحملة التضامن التي قامت مع اللاعب المصري. وإذا كان هناك من درس يمكن الخروح به فهو أن الرأي العام الواسع في العالم العربي يرفض الشذوذ. إلا أن هناك درسا آخر، وهو أن هناك تيارا عالميا نافذا يسير نحو تكريس التطبيع مع الشذوذ بمختلف أنواعه، الجنسي والفني والسياسي.

الاتجاه المدافع عن هذا التوجه في الغرب، والذي تقف وراءه الأموال والإعلام، واليوم رأينا أكثر الرياضات شعبية تدخل على الخط، صاغ مصطلح “المثلية” مكان الشذوذ الجنسي لكي يدفع الناس إلى التطبيع معه. المثلية معناها الناس أماثل لبعضهم البعض ولا يوجد اختلاف إلا في التوجه الجنسي L’orientation sexuelle.

حتى الستينات من القرن الماضي كان الشذوذ ممنوعا في أوروبا كلها، لكنه كان يجري داخل الكنيسة، لأن الرهبنة التي تفرض الحرمان الجنسي على الرهبان تدفع إلى الممارسة السرية، كما يحصل اليوم في المحاكمات والفضائح في فرنسا وغيرها بين رجال الدين المسيحي بتهم الاغتصاب والتحرش. لكن ابتداء من الستينات والانفجار الجنسي، وانتشار أفكار فرويد في علم النفس التي باتت تعتبر النزوع الجنسي واللذة هي الأصل، وانتفاضة 1968 في فرنسا ثم أوروبا، بدأ الاعتراف التدريجي بالشذوذ وسط خبراء علم النفس، قبل أن يصبح مطلبا للجمعيات والحركات الاجتماعية. وقد بدأ بالذكور، قبل أن يصل إلى الإناث.

الرأسمالية تقول بكل بساطة إن الاستقلال الاقتصادي للفرد يجب أن يكون مصحوبا بالاستفلال الجنسي، أي حرية امتلاك الفرد لجسده، كرأسمال اجتماعي ـ سياسي، لأن الرأسمالية مبنية على أمرين: الاستهلاك واللذة، وهما مرتبطان. لكن وراء ذلك كله يعتبر الشذوذ عدوانا على الطبيعة نفسها. فمعنى الشذوذ أن الرجل يتشبه بالمرأة ويتقمص دورها كموضوع جنسيObjet sexuel ، وفي ذلك اعتداء على المرأة وخصوصيتها، ولو كانت هناك حركات نسائية واعية وحقيقية لكان على رأس أهدافها محاربة الشذوذ لا الدفاع عنه، لأنه إهانة للمرأة ووضعها الذي خصتها به الطبيعة. ففي فلسفة الشذوذ يكمن الصراع بين الجنسين حول من منهما أكثر قدرة على تقديم اللذة. إنها المنافسة الشيطانية.

*مفكر مغربي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *