عبدو المراكشي: le12.ma

تتواصل تفاعلات تأجيل المصادقة، للمرة الثانية، على القانون -الإطار للتربية والتكوين، ملقية بظلالها على واقع الحال داخل المطبخ الداخلي لحزب “البيجيدي”، الذي تُظهر المؤشّرات التي تتسرب منه أنه يعيش وضعية انفجار وشيكة.

وقد ظهرت التوترات والانقسامات الجديدة داخل حزب العدالة والتنمية بعد توافق الفرق البرلمانية حول تدريس المواد العلمية والتقنية، ما عقّد مأمورية العثماني، الذي وجد نفسه في موقف محرَج، خصوصا في ظل ضغط بنكيران الذي قد يدفعه إلى التراجع عن الصيغة الحالية من مشروع القانون -الإطار، في نهاية المطاف. وكلنا نعرف تأثير خرجات “المُبعَد” بنكيران الشعبوية المعهودة، مسنودا بجيوش “المداويخ” و”المداويخات”، الذين يروّجون كل ما يتفوه به أو يصدر من تصريحات وكأنه “زعيم” حقيقي فيما الحقيقة أنه أبعد ما يكون من تقديم شيء للمغاربة يستحقّ به نيل شرف الزعامة.

وقد جسّد الارتباكَ في موقف البيجيدي، اليوم الثلاثاء، رئيسُ فريقه النيابي في مجلس النواب، إدريس الأزمي، الذي ألح على طلب تأجيل جلسة التصويت الى حين عودة الهدوء إلى صفوف حزب المصباح.

وقد أشعل مشروع القانون الإطار للتربية والتكوين فتيل خلافات حادة مُنذرة بوقوع الأسوأ داخل الأغلبية الحكومية، بل وحتى داخل حزب العدالة والتنمية، بسبب “الخرجة” البنكيرانية الأخيرة. فقد شهد الاجتماع الذي عقده الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، سعد الدين العثماني، مع فريقه البرلماني، أمس الاثنين داخل مقر الحزب في الرباط، خلافات وانقسامات حادة في صفوف القيادة بشأن مشروع القانون -الإطار للتعليم ولغة التدريس، إذ جدد التيار المعارض لتدريس العلوم بالفرنسية تشبثه بما سموه ثوابت الحزب، ومن ضمنها اعتماد اللغة العربية في تدريس كل المواد، ما أدى إلى توتر الأجواء خلال اجتماع القيادة، إلى درجة أن العثماني حذر من التبعات الكارثية للانقسام الذي يعاني منه التنظيم.

وكان بنكيران قد طلب من فريق حزبه في البرلمان عدم التصويت على مشروع القانون -الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. وقال بنكيران، في تسجيل فيديو بثه الأحد في صفحته الفيسبوكية (سي أن تناولناه في حينه) إن “جهات في دوائر القرار فضلت أن تؤجل طرح القانون -الإطار إلى ما بعد انتخابات 2016”. وتابع أنه استغرب ذلك، لأنه “ماشي معقول، حيت كان من القوانين التنظيمية التي كنا نريد تمريرها في الحكومة ديالي”. وزاد بنكيران أنه تسلم من الملك محمد السادس الرؤية الإستراتيجية حول التعليم، والتي تضمنت تدريس جميع المواد باللغة العربية، مع تدريس لغات أخرى للاستئناس فقط.

وأضاف بنكيران، الذي ظل على عهده من استغلال أول فكرة للظهور وجعل الأضواء تُسلَّط عليه، في إطار “بروفات” لا يعلم أهدافها وغاياتها إلا هو، أن “النص الأخير للقانون والمطروح للتصويت، وبقدرة قادر، الصيغة التي مرّت للمجلس الوزاري والبرلمان ماشي هي هاديك” وحمّل المسؤولية لـ”الذين قاموا على القانون في أول مرة”، مقسما إنه لو كان رئيساً للحكومة لَما مر هذا القانون.

وشدد المتحدث ذاته على أن هناك “لوبي وراء الدفاع عن لغة المستعمر”. وهاجم بحدة نور الدين عيوش، رجل الأعمال وعضو المجلس الأعلى للتعليم، الذي وصفه بـ”رجل الإشهار”. وأضاف أنه يرفض التوافق الذي حصل مؤخراً في البرلمان بين جميع الأحزاب، ووأها العدالة والتنمية، حول التدريس باللغة الفرنسية، واصفا إياه بأنه “إهداء للغة المستعمر”. كما توجّه بنكيران إلى الأمين العام لحزب “البيجيدي”، سعد الدين العثماني، ونوابه قائلا ”هذا التوافق هو مغامرة بالتعليم في بلادنا، وهو خرق للدستور والورقة المذهبية للحزب، التي تؤكد أن من أسباب فشل التعليم في المغرب اللغة الفرنسية”.

وخاطب بنكيران برلمانيي حزبه في التسجيل ذاته قائلا “خليو الأحزاب الأخرى يصوتو على القانون، راهم عندهوم الأغلبية.. ولكن نتوما ليس من حقكم باش تصوتو على هاد القانون نهائياً وسيكون خيانة للمبادئ التي اتفقنا عليها اليوم الأول وضربة قاضية لحزب العدالة والتنمية”. وأشار إلى أنه ”إذا كان من الضروري تْطيح هاد الحكومة وتّبنى حكومة أخرى، ما تكونوش نتوما شهودْ زور على هذا العمل” ، محذراً نواب “البيجيدي” من التصويت على القانون -الإطار.

كما دعا بنكيران رئيسَ الحكومة الحالي، سعد الدين العثماني، إلى ”مغادرة رئاسة الحكومة، لتجنب عار فرنسة التعليم”، مخاطباً إياه بالقول: “واش نتا هو أول رئيس حكومة اللي طاح؟!.. داكشي اللي واجهتو أنا فالبلوكاجْ أهون من هادشي اللي كيوقع أسي سعد”.

فهل هي بوادر أزمة جديدة داخل حزب “اللامبة”، التي صار ضوؤها الواني يتضاءل يوما بعد يوم ولم يعد يستطيع أن ينير حتى عتمة الداخل؟ أم أنّ “الإخوان” سيواصلون، كما العادة، على إخفاء الشمس بالغربال ومواصلة الادّعاء أن كل شيء على ما يرام والعامْ زينْ؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *