يونس التايب
لن أكون مصيبا إذا جادلت أيا كان، هذا الصباح، في حقيقة واقـع ما أصابنا من ارتباك بسبب زيادة ساعة من طرف شركات الهاتف النقال.
كما ليس من الإنصاف أن ألقي اللوم على الحكومة، هذه المرة، أو أحملها وزر ما لم تقم به، اللهم فقط التذكير بأن لها دورا، عليها أن تقوم به عبر القنوات المؤسساتية المعتمدة، لتنبيه الشركات المعنية حتى تتفادي هذه “الزلة التقنية” مستقبلا، و تُجنب الناس ما تُحدثه لهم من بلبلة، و من إعاقة للتواصل، و من خلخلة طفيفة في برمجة أمورهم، في يوم أحد جميل نستحق فيه ألا يزعجنا أحد ولا حتى “هواتفنا الغبية”، بعد يوم سبت مغربي كان حضاريا بامتياز وحمل صورا جميلة و راقية.
ولأن “الزلة التقنية” لهذا اليوم، هي في نهاية المطاف خفيفة الأثـر، و حتى نكون موضوعيين، ما رأيكم في أن نبحث عن ذلك الجزء الذي يخصنا من المسؤولية ؟ ألم يحن الوقت لنُحمل أنفسنا، بسلوك مواطن و واع، شيئا من مسؤولية أثر هذا “الخلل”، و غيره مما تعرفون، في نهاية المطاف؟ أليسا منطقيا أن نعترف، بداية، أن لا شيء يدفعنا إلا ما أصبحنا فيه من وضعية “الانصياع الكلي” لهوى “هواتفنا”، و رهن حياتنا لمزاجيتها و برمجياتها و منطلقات هندستها التي لا نعرف خباياها الحقيقية و مراميها؟ أين أضعنا “ساعاتنا القديمة”، غير المرتبطة بشبكات “ذكية”؟ لماذا أهملناها دون أن نشعر، و أصابنا الافتتان بالهواتف الجديدة؟ ألم تكن ساعاتنا القديمة جميلة ولم تخُن أبدا، و لم تُـقصر يوما في واجبها تجاهنا؟ لماذا تناسيناها و تركناها جانبا، و استبدلناها ب “هواتف” ثبت “إخلالها بمقام المسؤولية” كلما اختلت بداخلها وظيفة تقنية لا دخل لنا بمنطقها الدفين؟ أليس من الواجب أن نقر أننا كنا نحن الخائنين لسابق عهدنا مع “الساعة القديمة” ؟ ألسنا نحن من نسي العهد و تنكر لسابق استمتاعنا بالزمن الجميل الذي كانت تمنحنا إياه؟
المهم، قدر الله و ما شاء فعل، وكان ما كان، و حدث اختل ذكاء الهواتف، وما علينا إلا أن نتعاطى بابتسامة إيجابية مع ما حدث، و محاولة قراءته بشكل جيد، ولو من باب تجنب أن نقهر أنفسنا كل مرة بحديث ما لا يسر، و نترك للأمل حظه في أن يظل حيا فينا.
ما رأيكم أن نعتبر “زيادة ساعة”، هذا الصباح، هي في الحقيقة فأل خير علينا؟ ما رأيكم أن نعتبر أنها تحمل رمزية التقـدم في مدى الزمن، و تجاوز الذات و تحقيق الغلبة عليها؟ ما رايكم لو أخذنا فسحة من الوقت لنفكر قليلا في إمكاناتنا كشعب عريق و مثابر و ذكي، في أن نسبق زمننا بكل تجلياته السلبية، و ننطلق إلى الأمام بقناعة حقيقية هذه المرة، و عهد ثابت على أننا سنبني الأفضل لأننا نستحقه؟
ما رأيكم أن نعتبر أن ما حدث من “زلة تقنية” لن يتكرر، و أن علينا أن نعمل على تصحيح ساعاتنا، والعودة إلى جادة يقيننا بأننا ساعتنا الأصيلة هي تلك التي ثبتناها على أفضل حائط في منازلنا، كما فعل ذلك آباؤنا، أو حملناها معنا أينما حللنا كما كانوا يحملونها؟ أليست تستحق منا وقفة تجديد عهد الوفاء ما دام لم نسجل أنها خانتنا أو أخلت يوما بالتزاماتها تجاهنا؟
أنا شخصيا أميل إلى تفضيل هذا السلوك الإيجابي، الذي يجب أن يدفعنا، بصفة عامة، ألا نغرق في بؤس ما لا يعجبنا، و أن نحرص على إبقاء تفاؤلنا بقـدرتنا الجماعية على التقاط الفرص الاستثنائية التي تحل بنا، وأن نسعى إلى أن نكون بحال أحسن.
ولكن علينا، أن نقبل الاعتراف بأن الشرط لبلوغ ذلك، هو أن نجعل من ثقافة تحمل المسؤولية أساس كل شيء، لأن لكل منا جزء يتحمل مسؤوليته في كل شيء يحدث، و خصوصا في ما لا يعجبنا في واقعنا.
علينا أن نكف عن الاعتقاد أن مسؤولية الخطأ هي دائما في سلوك الآخـر. كلنا مسؤولون عن أفعالنا، سواء منها الإيجابي أو السلبي المقيت.
نحن من نستطيع تحديد طبيعة الساعة التي نريد أن نحياها. و تبقى الساعة لله على كل حال..
*باحث في الحكامة الترابية
#فلاش_باك
#المغاربة_والساعة

