الرباط -م. سليكي-ع. لشكر

 

أكد رئيس مجلس المستشارين، حكيم بن شماش، اليوم الجمعة، أن “جزءا كبيرا من الحقيقة ضاع وطمس في خضم الجدل والنقاشات التي رافقت متابعة الصحافيين الأربعة”، على خلفية التسريبات التي وقعت من داخل لجنة تقصي الحقيقة في الصندوق المغربي للتقاعد.

وقال بن شماش، في ندوة صحافية عقدها في مقر مجلس المستشارين، إن “ردود الأفعال التي صاحبت أطوار المتابعة عرفت تغييب الحقيقة، بل طمسها وتشويهها، بحسن نية أحيانا، وبسوء نية في أحيان أخرى، إما بسبب عدم الإحاطة بكل جوانب القضية وحيثياتها أو بسبب استهداف مقصود، نابع عن الرغبة في تصفية حسابات سياسية ضيقة”.

وأضاف بن شماش، خلال هاته الندوة الصحافية، التي استقطبت منابر إعلامية مختلفة، ورقية ورقمية، أن “الجدل حول هذا الملف لم يخل من مغالطات مرتبطة بعدم فهم مكانة لجان تقصي الحقائق، التي أفرد لها المشرّع مكانة خاصة في إطار قانون تنظيمي يعدّ ثاني أسمى إطار تشريعي، بعد الوثيقة الدستورية”.

وتحدث بن شماش بهذا الخصوص عن “الطابع السري الذي يخوله القانون التنظيمي لجلسات لجان التقصي (المادة الـ11) وكذا العقوبات الحبسية والمالية المنصوص عليها والتي تؤطرها المادة الـ14 من القانون التنظيمي”.

حقيقة الدعوى القضائية

و جدد رئيس مجلس المستشارين تأكيده أنه لم يرفع شكاية مباشرة ضد الصحافيين الأربعة، بالمعنى القانوني للشكاية، مُبرزا أنه “توصل بتقرير موقع من كل أعضاء لجنة تقصي الحقيقة حول الصندوق المغربي للتقاعد، والذين يمثلون مختلف الحساسيات السياسية والنقابية الموجودة في مجلس المستشارين، يؤكد وجود تسريبات”، ما ألزمه بإحالة التقرير على وزير العدل آنذاك، “انسجاما مع مقتضيات القانون التنظيمي، الذي ينص وجوبا على إحالة الملف على الوزير الوصي من قبَل رئيس المجلس، وإلا عُدّ معرقلا لعمل اللجنة”.

ووضح بن شماش، في هذا الإطار، أن القانون التنظيمي للجان تقصي الحقائق لا يوفر له هامشا مُوسعا على مستوى سلطته التقديرية، وأنه كان أمام خيارين، إما المواجهة المباشرة ضد الجهات التي سربت الخبر، وهي المنابر الإعلامية المعنية بالمتابعة، وبالتالي وضع شكاية مباشرة لدى رئيس المحكمة، أو مراسلة وزارة العدل في الموضوع، مؤكدا أنه رفض وضع شكاية مباشرة واختار المسلك الثاني، أي إحالة التقرير على وزير العدل قصد التحقيق في الموضوع.

 

لست خصما للصحافة

و نفى بن شماش ما جرى تداوله “بطريقة مغرّضة ومضللة” في بعض وسائل الإعلام، التي وضعته في الصف المناهض لحرية التعبير والصحافة، مؤكدا أنه “كرس حياته للحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان”، ومؤكدا أنه سبق أن أدى ثمن دفاعه عن الحريات.

وأبرز بن شماش أنه منذ أن تمت إحالة الملف على القضاء وهو يفكر في السبل الكفيلة بطيه وعبّر، في العديد من المناسبات، عن استعداده لتبني كل الخيارات الداعمة لمعالجة الملف، مشيرا في هذا الصدد إلى توصله باتصال هاتفي من رئيس النقابة الوطنية للصحافة المغربية، وكذا استقباله لرئيس المجلس الوطني للصحافة رفقة وفد عن المجلس، إذ قدّم لهم عرضا بشأن كل ما يتعلق بحيثيات الملف، وأبدى حسن نيته، بل حرصه على معالجته.
وأكد بن شماش “صعوبة اعتماد آلية التنازل في ملف الصحافيين الأربعة، طالما أن الدعوى ليست مدنية، بل عمومية”، كما أنه لم يقم برفع الدعوى مباشرة، ولا وجود لمقتضى قانوني في القانون المؤطر لعمل لجان تقصي الحقائق يتضمن حالة التنازل.

تعرّضت لإساءات ظالمة

نفى حكيم بن شماش وجود أية “خلفية سياسية أو انتقامية من الصحافة أو الصحافيين”، مؤكدا أنه “صديقٌ للصحافيين وليس خصما لهم”، ومبرزا أنه تصرف في إطار ما يسمح به القانون ولم يخرج عن ذلك.

وأقر المتحدث ذاته بأنه “تعرض للعديد من الإساءات في حق شخصه، ولكل أنواع السب والقذف لكنه قاوم ولم يبد رغبة في متابعة “من ظلوا يستهدفونه بكيفية مُمنهَجة في بعض المنابر”.

المغرّق الكبير يورط الصحافيين

هي ندوة صحافية لم تتح لممثلي وسائل الإعلام الوقوف على المرافعة القانونية التي دافع من خلالها بنشماش على لعب رئاسة مجلس المستشارين، والحالة هاته، دور “ساعي البريد”، بقدر ما “عرّت حقائق أخرى اختلط فيها ربما السياسي بالقانوني، فكانت المحصلة متابعة وادانة الصحفيين الأربعة”..

لقد تكشف أمام اعين ممثلي وسائل الإعلام خلال هذه الندوة كيف انتهز مصطفى الرميد، القيادي البارز في حزب العدالة والتنمية، وكان حينذاك وزيرا للعدل  فرصة إحالة رئاسة مجلس المستشارين، على نظره كرئيس ايضا للنيابة العامة (كبير المغرقين) تقرير لجنة تقصي الحقائق في ملف صندوق التقاعد، المذيل بتوقيع جميع أعضاء اللجنة من فرق أحزاب ومجموعة نقابات ..، قصد اتخاذ المتعين بشأن تسريب جلساتها، ليأمر دون تردد بتعميق البحث القضائي في هذه النازلة، ما انتهى بإدانة الصحافيين الأربعة، بينما كان بالإمكان تفعيل رئاسة النيابة العامة برئاسة الوزير الرميد وقتها لمسطرة الحفظ.. فلماذا كان الإصرار على خلاف ذلك؟ لماذا؟..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *