عبدو المراكشي

 

شاعت هذه الصّورة وتناقلتها العديد من المنصّات والمواقع والصفحات خلال الفترة الماضية. صورة يمكن أن نقول إنها تلخّص المغرب بدون كلام كثير. في الوقت الذي كان رئيس حَكومتنا الموقرة يتهيأ لتصنّع ابتسامته الصفراء، مزيَّنة بمتطلبات العمل، من مساحيق التّنوفيقْ والتكلّف والتصنع وإظهار عكس الباطن من أجل التقاط سيلفي إضافي مع أحد “المداويخ” إياهم، الذي سيتّخذ الصّورةَ المتكلَّفة قاعدة بصرية لتطبيلات ومدائحَ لا تنتهي للظل “العالي” في صفحات المداويخ على مواقع التواصل “الواطي” بمعطيات الواقع التي لا يُعلى عليها.. في تلك اللحظة بالذات، التي كان المداويخ يلتقطون “سيلفي” ضاحك (على الشعب طبعا) ساقت الأقدار سيدة مُسنّة من أبناء هذا الشعب، الذي استمرأ البعض الضحك عليه ولا يزال.

سيدة مسنّة، أنهكتها سياسات الترقيع والارتجال والكذب. سيدة يحيق بأمثالها أن تكون في أي مكان، تنعم فيه بأيامها الأخيرة وقد وُفّرت لها ظروف عيش كريم تليق بمن في مثل عمرها لولا أنْ.. لولا أنّ حَكومتنا المسكينة يقودها أقوام ما فتئوا يتفنّنون في إفقار هذا الشعب المسكين ويزيدون أبناءه بؤسا على بؤسهم.. سيدة سيقول المتبسّمون في تكلّف من أجل التقاط “السّيلفي الضاحك” إنها ظهرت في الوقت الخطأ؛ بينما ظهرت، في الحقيقة، في الوقت والمكان الصحيحين، ساقتها أقدارٌ ساخرة إلى هذا المكان تحديدا وفي هذا التوقيت بالضّبط لكي “تَفرش” هذه “اللقطة” الإضافية من لقطات الطنز على هذا الشعب بصور ومَشاهد متبسّمة في نفاق مقزّز ومُفارق لواقع “الحال”.

ففي الوقت الذي ظهر رايْس الحَكومة سعد الدين العثماني محاطا بحراس معبده الشداد الغلاظ ليأخد سيلفي إضافيا في “مغربه” الجميل ظهرت سيدة ساقتها هذه الأقدار السّاخرة من الساخرين منا لكي تفضحهم وتَستبدّ بالمشهد وتصير نجمتَه الحقيقية، وليس هذا الرئيس الصّوري الباهت لحَكومة “محكومة” كما يصفها المغاربة.. سيدة ظهرت من حيث لا أحد يدري كي تصير صورة داخل صورة؛ صورةً بلا توابل الإيتكيتْ والابتسامات المغلَّفة بمساحيق النفاق والطنز والتّبوهيلْ من أجل مواصلة مراكمة الامتيازات والمصالح الذاتية والقبَلية على ظهر هذا الشعب، الذي ساقت الأقدار هذه السّيدة المتسولة وهي في أرذل العمر، وكأنما لتمثّله في هذا المشهد السريالي ولتصحّح واحدة من تلك الصور المغلوطة التي يحاول “البّاجْدة”، مسنودين بجيوشهم الإلكترونية من “المداويخ”، منذ استولوا على الحكومة عبر دغدغة مشاعر المغاربة بشعارات رنّانة تكفي هذه اللقطة لتمحوَها وتنسفها كلها في لحظة وتُصيّرَها نسيا منسيا وتلخّص كل “الإنجازات” و”المعجزات” بدون كلمات.

الواقع يُعلى ولا يُعلى عليه.. فْهمتيني ولاّ لا أسّي البكماني؟!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *