محمد التويجر
ساعة الحقيقة دقت بقواعد منتخب أقل من 23 سنة لكرة القدم، والعمل الموصول المستمر لعامين، وما تخللته من مباريات ودوريات رسمية وودية (عددها 25) ستوضع عشية اليوم في ملعب الشهداء في كينشاسا فوق محك الاختبار، لأن طريق الأولمبياد يمر لزاما بتجاوز الدور الحالي على حساب الكونغو الديمقراطية، التي قست على رواندا في الدور الفائت بخماسية، ثم المقبل لحجز مكان في قاريات مصر، التي تفسح المجال أمام ثلاثي الصدارة لتمثيل القارة الإفريقية في اليابان.
أجواء كينشاسا صارت كتابا مفتوحا، تأسيسا على ما عاشه الرجاء في نهائي كأس الكاف أمام فيتا كلوب متم العام الماضي. وعلى المجموعة ككل -لاعبين وطاقما تقنيا وطبيا- أن تخوض استحقاق غذ بتوليفة تمزج بين إعمال تدبير العقل ومشاعر القلب، دفاعا عن ألوان قميص يعني للعناصر المغربية (لا فرق بين المحلية وتلك التي جاءءت لتعزز الصفوف من خارج الحدود) الكثير… أليس حضور الأولمبياد شهادة ميلادهم الثانية وجواز سفرهم نحو المنتخب الأول؟
حظا سعيدا أيها الأسود
***
إقصاء الرجاء بتلك الطريقة السريالية وإضاعته لقب كأس “كاف” رغم تسوناميها الأخضر في الكونغو، جعلني أستحضر الراحل رشيد البوصيري، الذي لعب دورا كبيرا في عودة الخضر مطلع دجنبر الماضي بالكأس القارية من قلب جحيم كينشاسا.
كيف كان سيتفاعل البوصيري -لو بقي على قيد الحياة- مع ضياع مجد الرجاء الإفريقي في رمشة عين، وعلى حين غرة؟… أكيد أنه كان سيسمي الأمور بمسمياتها، مصوبا سهام نقذه تجاه من فشلوا في تدبير المطبخ الداخلي وسقوطهم في محظور التخلي عن مدرب في عز المعركة.
أكيد أيضا أنه لن يمرر مهزلة بركان بـ”جغمة ماء” والاكتفاء بمنطق “عفا الله عما سلف” و”خيرها في غيرها”…
فريق الرجاء يا سادة واحد من أثافي الممارسة الأساسية في القارة السمراء، وعلى من وجدوا أنفسهم فجأة في دفة قيادته أن يدافعوا عن علامتها المميزة، انطلاقا من هذه المسلمة
***
حركة المهاجم الرجاوي بنحليب المثيرة عقب الإقصاء والتلميح إلى أن المستديرة في القارة السمراء، والمغرب جزء منها، تحولت إلى سوق تخضع لمنطق العرض والطلب، تستوجب لحظة توقف.
ما هي الجهة التي يعنيها بنحليب بإشارته هذه؟ وما هي تلك التي يخولها القانون فتح تحقيق في الموضوع، قصد الوقوف على صدقية اتهاماته واستنادها إلى دفوعات منطقية ج؟ وما نصيب القدم المغربية ومنظوماتها من هذه الاتهامات؟ وأي دور للمكتب المسير والطاقم التقني في تحصين اللاعبين من مثل هذه التصرفات؟
يجب ألا تمر الحركة مر الكرام، هل نكتفي بالقاعدة الفقهية التي تقول إن البينة على من ادّعى أم نغوص في أعماق الخابية للوقوف على محتوياتها؟
***
أن يبعث رونار لائحة المنتخب المغربي المقبل على مباراتَي المالاوي الرسمية والأرجنتين الودية مباشرة من إقامته في السنغال عبر وسائل التواصل الاجتماعي مسٌّ بكرامة الجامعة ورمزية كيانه.. كما أنه سلوك يحمل بين طياته رسائل وإشارات تمرد صامت، سيكون له ما بعده (الإعلام الإيراني يتحدث عن قبوله مبدئيا الإشراف على منتخب أرض فارس مباشرة بعد انتهاء قاريات مصر).
أظن أن أدبيات التعامل كانت تستوجب أن تمر اللائحة عبر القنوات المعتادة، حفاظا على السير الإداري المعتاد واحتراما، أيضا، لجامعة هيأت له ظروفا مثالية للقيام بمهمته.
ولأن الشيء بالشيء يذكر، لا أفهم برمجة ودية أمام الأرجنتين، في عز التحضير لقاريات يختلف أداء منتخباتها تمام الاختلاف عن أسلوب لعب منتخب التانغو بقيادة الزئبق ميسي، ميسي الذي وضع “شروط الخزيرات” مقابل تشريفنا برسم بعض لوحاته المحدودة من حيث الزمن على أرضية ملعب طنجة الكبير.
ميسي “على راسْنا وعينينا”، لكن للمغرب وأبنائه أيضا كرامة يجب أن تصان.
خلاصة القول… أشمّ رائحة “البزنيس” في مباراة 26 مارس، وهو البزنيس ذاته الذي تسبب عدم اتفاق الحيتان الكبرى على عناوينه الأساسية في تأجيل كلاسيكو الغريمين التقليديين الرجاء والوداد على أرض الإمارات، إن لم يكن إلغاؤه.
من فضلكم، أيها السادة: المنتخبات الوطنية خط أحمر!
***
أسرة الكرة البرتقالية على مشارف سنة بيضاء، بسبب استمرار مسلسل التجاذبات بين وزارة وصية ومكتب جامعي يدفع في اتجاه أن الأغلبية متراصة حوله (124 فريقا مقابل جبهة العصيان المشكلة من خمسة أندية).
أخاف أن يمر الموسم حبيس إيقاع حرب البلاغات والدعاوى القضائية حتى يجد أفراد أسرة رياضة، توصف بأنها رياضة المثقفين، أنفسهم يبحثون -بلا طائل- عن سلة بْلا عْنب… وآنذاك سيرددون المثل العربي الشهير “الصيف ضيعت اللبن”، وآنذاك.. “فكها يا من وحّلتيها”.
***
أختم بدعوة المهتمين بالشأن الرياضي المغربي إلى التحلي بروح اعتماد أسلوب المحاججة والنقاش، بدل الانسياق وراء الملاججة والتهديدات الرخيصة، الظاهر منها والباطن.
مناسبة الدعوة ظهور من لم يرُقهم طرح الزميل محمد الرايس حين مداخلته المقتضبة، مساء الجمعة الماضي، في برنامج “على طاولة النقاش” وتقديمه ما يفيد بأن هناك تاريخا مغايرا لسنة 1926، التي يعتبرها عشاق سريع واد زم منطلقا لتأسيس فريق ارتقى سلم المجد بسرعة الضوء.
كلام العقلاء منزه عن العبث وطروحات الرايس يجب مناقشتها ببرودة أعصاب، بعيدا تشنج، أسوة بالدكتور أمين نوارة، رئيس هذا الفريق الفتي، الذي يسير بخطى ثابتة نحو فرض ذاته، عبر أسلوبه المميز في الأداء ووفاء أنصاره المخلصين الذين لم تثنهم ذات عشية كلاسيكو الليغا الإسبانية بين الريال والبارصا عن أخذ أماكنهم في الملعب البلدي للمدينة قصد دعم السريع.
نوارة تعامل مع الموضوع بأسلوب منفتح، لم يؤكد ولم ينف، وعبّر عن استعداده لمناقشة الموضوع والتعمق فيه خدمة للحقيقة والتأريخ… إن كانت 1926 ثابتة فمرحبا بها، وإن كان هناك تاريخ مغاير، فلا بأس في تصحيح الخطأ. وفي كلتا الحالتين، سيبقى السريع واحدا من إضاءات كرة القدم المغربية في السنوات الثلاث الأخيرة، لأنه حقق الصعود من قسم الهواة إلى نادي الكبار بكل يسر. والأكيد أن الالتفاف حول المشروعية ومشروع المدرب -الإطفائي بنعبيشة سيطيل رحلة تميز ممثل السّماعْلة وبني خيران.
كيفما كان الحال… أنا غير داوي…
يومكم سعيد