الرباط -le12.ma
قال حكيم بن شماش، رئيس مجلس المستشارين، مساء أمس الأربعاء، إن الهزيمة التي لحقت بمتطرفي “داعش” تشكل محطة أساسية تستلزم الوقوف عندها واستنتاج دروسها، مُضيفا أن “فلول داعش حاولوا السطو على الدين الإسلامي الحنيف، عقائديا وسياسيا ورمزيا وإعلاميا، وعملوا على تحريفه عن أهدافه ومراميه، المتمثلة في الإعلاء من شأن الإنسان وفي التعايش والتساكن بين شعوب الأرض وفي التنافس على البر والتقوى بين بني البشر”.
ووضّح بن شماش، في افتتاح أشغال الدورة الرابعة عشرة لمؤتمر اتحاد مجالس الدول الأعضاء بمنظمة التعاون الإسلامي، أن “هذه المغامرة البائسة ونتائجها الوخيمة على صورة الاسلام، مع الأسف، تجعلنا اليوم جميعا وجها لوجه أمام التحدي المتمثل في محو هذه الحصيلة الدموية”. وأكد أنه “لن يتأتى لنا ذلك إلا عن طريق إبراز الوجه المشرق لديننا الحنيف، مع ما يتطلبه ذلك من وضع الإستراتيجيات الملائمة في شتى مجالات التربية والتعليم والإعلام والدبلوماسية وغيرها.
ونبه رئيس مجلس المستشارين إلى أنه “في الوقت الذي يجب علينا أن نتصدى لكل دعاة التطرف والغلو والكراهية وما يترتب عن ممارساتهم وجرائمهم من تشويه لصورة الإسلام والمسلمين، فإن علينا في الوقت نفسه علينا أن نقف سدا منيعا أمام كل تشويه أو هجوم يستهدف الإسلام كديانة سماوية تشكل بعدا أساسيا في هويتنا ويستهدف بالتالي كل معتنقيه في كل بلاد المعمور. وقد تتبعنا كيف تقوم فئات وقوى معينة وأوساط إعلامية في عدد من البلدان بإذكاء النعرات العرقية والتشجيع على مهاجمة الإسلام في سياق حملات ممنهجة، بل هناك من يدعون إلى “تنقية” تلك المجتمعات من تواجد المسلمين”.
وأبرز بن شماش، في هذا الصدد، أن “هذا الارتداد عن المبادئ التي تأسست عليها كل منظومة الأمم المتحدة مقلقة كثيرا ويجب أن يشحذ عزائمنا من أجل الدعوة والعمل على التعايش المبني على الندية والتسامح على أساس احترام القيم والمبادئ الانسانية، التي يستحيل معها قيام واستمرار أي مجتمع دولي الآن أو مستقبلا”.
وتابع بن شماش أن “قدرة بلداننا على إقناع بلدان العالم وأصحاب القرار فيها بشرعية قضايانا في التنمية والديمقراطية، وفي التحرر من نير الاحتلال الإسرائيلي بالنسبة إلى إخواننا الفلسطينيين، يتمثل بالضبط في قدرتنا على تطوير وتعميق المشترك في المصالح والمرامي والمرجعيات بين شعوب الأرض جميعا بلا استثناء.. وبذكر فلسطين، فنحن نرى بالعين المجردة كل يوم كيف أن أبناءنا فيها يعيشون الظلم الفادح، المتمثل في استمرار الاحتلال الإسرائيلي لأرضهم الطيبة، إضافة إلى استمرار احتلال أجزاء أخرى من الوطن العربي الإسلامي كلبنان وسوريا”.
وأكد المتحدث ذاته أن “الظلم الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني لم يعد يردعه رادع، إذ وصل منطق الاحتلال إلى حدود إقامة الجدار العازل المشؤوم، ما أجج ولا يزال الاحتجاجَ المشروع لأبناء الشعب الفلسطيني”.
ووضح رئيس مجلس المستشارين أن “هذه الوضعية لم تعد تسمح بالتباطؤ أو التراخي، ما يعني بالنسبة إلينا التحرك على كل المستويات، جهويا وقاريا ودوليا، من أجل استرداد الزخم الذي عرفته قضية فلسطين العادلة منذ سنوات، بفضل تضحيات أبنائها وتضامن حلفائها الطبيعيين، أي الشعوب العربية والإسلامية وكل الأحرار ومحبي السلام في العالم، على أن يبقى الهدف الذي لا تنازل عنه هو إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف، طبقا للقرارات الأممية ذات الصلة وتأكيد حق الشعب الفلسطيني في العودة ومقاومة الاحتلال والعدوان الخارجي”.
وفي السياق نفسه، قال بن شماش إن العالم من حولنا يشهد تقاطبات وتكتلات وتَشكّل تحالفات جديدة غير مسبوقة في تنوعها وكثافتها وتسارعها منذ منتصف القرن الماضي، مُضيفا أن “هذا الوضع يتطلب من اتحاد مجالس الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي أن تستحضر هذه التحولات من أجل سن الإستراتيجيات طويلة الأمد بهدف الحفاظ على الكيانات الإسلامية في عالم اليوم، استحضارا لما يقع في مناطق متعددة حيث يعيش مسلمون، مناطق تئنّ تحت وقع الأوبئة أو المجاعة أو الحرب الأهلية أو التدخل الخارجي أو التصفية على أساس ديني، كما هو الأمر، على سبيل المثال، في كشمير أو بورما أو اليمن أو سوريا”…
وأكد بن شماش أن “هذا الوضع يستوجب، أكثر من أي وقت مضى، دعم وتقوية وتطوير علاقات التنسيق والتعاون بين دولنا على جميع مستويات التفكير والاستباق والقرار، درءا لكل الآثار المحتملة لهذه التحولات التي تكون في الغالب نتيجة سياسات القوى الكبرى في عالم اليوم”.