أكادير -ع. ب.

 

يعدّ الاحتفال باليوم العالمي للمرأة محطة سنوية مهمة ومناسبة للاحتفاء والاحتفال بإسهامات العنصر النسوي وإنجازاته في مختلف المجالات. ففيه يتم تكريم المرأة، لعدة اعتبارات، لعل أهمها الاعتراف بالأدوار الريادية للمرأة وحرصها على حسن تأدية مهامها وانخراطها الجاد والمسؤول في صنع القرار.

ويقتضي الاحتفال بنساء العالم في هذا اليوم جردا وتقييما لما تم إنجازه خلال هذه السنوات والانتقال من دولة الحق والقانون الى دولة المؤسسات؛ ولعل أهمها خلال الفترة الراهنة في ميدان القضاء إحداث “المجلس الأعلى للسلطة القضائية”. ولا يمكن أن نذكر هذه المؤسسة الدستورية المهمة دون أن يتبادر إلى أذهاننا اسم راسخ بين أروقته. سيدة أسهمت، إلى جانب زملائها، في ضمان استقلال السلطة القضائية، بعدما تركت بصمتها في قرارات محكمة الاستئناف في أكادير؛ في شخص الأستاذة ماجدة الداودي، رمز العلم والعطاء والكفاءة. يعرفها العامة بتواضع الكبار ومهنية المتمكنين من عدّتهم وأدواتهم.

ماجدة الداودي مرجع قضائية وخزانة علمية متنقلة؛ كاريزما حاضرة في ميدان العدالة بشهادة الجميع. تعمل بإصرار ونكران ذات وبكفاءة ومهنية عاليتين. كرّست في تعاملها الراقي نموذجا للمفهوم الجديد للسلطة القضائية، القائم الاستقلالية والإنصات. فاستحقت أن تُكرّم ويُحتفى بها، بعدما عملت جاهدةً، طيلة سنوات، لإعلاء كلمة الحق قصد ضمان استقلال السلطة القضائية.

في قلب العاصمة الإسماعيلية رأت ماجدة الداودي النور وفيها أمضت فترة غير يسيرة من عمرها. وفي مكناس أيضا تملكها ميول جارف لفضّ النزاعات وإنصاف المظلومين وزجر المخالفين.، ميول تحوّل إلى عشق متمكّن ثم إلى حلم ومنه إلى مشروع وبرنامج عمل..

بعد حصولها على شهادة البكالوريا لم تتردد ماجدة الداودي في الالتحاق بمدرجات كلية الحقوق. وهناك ربطت علاقة وطيدة بفصول القانون الجنائي ومواد القانون المدني. وبين أروقة الحرم الجامعي، أيضا، خبرت دروب المساطر والإجراءات وباقي فروع القانون، إلى أن توجت مسيرتها الجامعية بالحصول على الإجازة في القانون الخاص في 1991.

غادرت الداودي حرم كلية الحقوق وقد تسلحت بترسانة معرفية وقانونية واسعة أحسنت توظيفها من أجل تحقيق حلم حياتها الوحيد. واستطاعت أن تلتحق بالمعهد العالي للقضاء في الرباط. وهناك، اجتهدت في تعميق مداركها القانونية وإغناء مداركها وطعّمت بها حبها الكبير لمهنة القضاء، لتتوج مسيرتها الأكاديمية بتحقيق الحلم الذي تحول إلى مشروع حياتها.

بعد تخرجها مباشرة من المعهد العالي للقضاء في 1993، عُينت في سلك القضاء بابتدائية مكناس، ومنها إلى المحكمة الابتدائية لإنزكان في 2001، وهي المحكمة التي مكثت فيها إلى حدود 2013، تاريخ التحاقها بالعمل في استئنافية أكادير وفي ملفها المهني درجة استثنائية.

وما بين تعيينها الأول في ابتدائية مكناس وتبوئها منصب قاضية من الدرجة الاستثنائية في محكمة الاستئناف بأكادير، أمضت ماجدة الداودي عشرين سنة تقريبا في دراسة الملفات والنطق بالأحكام. فقد اشتغلت على قضايا منازعات الشغل وحوادثه والقضايا الجنحية، العادية والمدنية والمتنوع وجنح السير وغيرها من القضايا التي أكسبتها تجربة واطلاعا وخبرة في المجال.

هكذا، إذن، أمضت الأستاذة الداودي مدة غير يسيرة بين الملفات القضائية. ولم يكن المتقاضون يختلفون أمامها حول أمر أكثر من اختلافهم حول لحظة نطقها بالأحكام؛ حتى أن من اشتغلوا إلى جانبها يجزمون بأن تعابير وجوه المتقاضين تشي بذوي الحق من المعتدين عليه ومغتصبيه خلال اللحظات التي تسبق نطقها بالأحكام.. فترى أعناق أصحاب الحق تشرئبّ لهفة لسماع الحكم، فيما يعلو التجهّم والعبوس وجوه المدانين، لا لشيء إلا لكونهم يعرفون مدى نزاهة هذه المرأة وصرامتها في تطبيق القانون، حتى وُصفت بـ”القاضية الحديدية”..

سيدة من قيمة ماجدة الداودي لا يمكن إلا أن تستحق التكريم والتقدير والاعتراف في هذا اليوم العالمي للمرأة. فهنيئا للقضاء ولأهله هذا الاسم الوازن والمعطاء والمتميز. وكل عام والمرأة المغربية المتألقة والناجحة بألف خير وعطاء وتميز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *