قال عزيز أخنوش، وزير الفلاحة والصيد البحري، إن حزب التجمع الوطني للأحرار يضع اليوم نصب عينيه هدفا واضحا هو الفوز بالانتخابات التشريعية لعام 2021 وقيادة الحكومة.

وأكد  اخنوش أن حزبه “مؤهل لاحتلال الصدارة في الاستحقاقات التشريعية المقبلة، وسيحصل على الأصوات حتى من داخل حزب العدالة والتنمية نفسه”.

وبخصوص علاقته بحزب العدالة والتنمية، قال أخنوش إنه يعتزّ بصداقته بسعد الدين العثماني، “الذي عليه أن يعرف أن حزب التجمع الوطني للأحرار سيدعمه كرئيس للحكومة في تنفيذ مهامه إلى النهاية، وأن هناك تضامنا داخل الحكومة، ووزراء الأحرار يدعمون رئيس الحكومة، في ظل احترام متبادل بين وزرائنا”.

في المقابل، قال أخنوش إن “ما يؤاخذ على البيجيدي هو عناده ومحاولته فرض اختياراته”، موضحا في تعليقه على “الخرجات” الأخيرة لعبد الإله بنكيران، الأمين العام السابق للعدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، أنه يحترم جميع رؤساء الحكومات الذين عمل معهم، وأنه “احتراما لبنكيران لن أرد عليه، رغم من أن هجماته ضدي لا تستند إلا إلى الأكاذيب”.

وحول من كان يقف وراء “حملة” المقاطعة لسنة 2018، قال أخنوش إنه لا يدري هل حزب العدالة والتنمية هو الذي كان وراء الحملة أم لا، لكنّ “الأمر الواضح أنه كان هناك استياء اجتماعي تم استغلاله جيدا، مع وجود مناورات سياسية”.

في هذا الحوار، الذي تنشره صحيفة ” le12.ma “، ترجمته الكاملة نقلا عن مجلة “جون أفريك” نتعرف أيضا حول رأي عزيز أخنوش، رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار،  ووزير الفلاحة والصيد البحري، بخصوص عدد من القضايا، مثل علاقة حزبه بالعدالة والتنمية، و”الهجومات” المتبادلة بين قيادات الحزبين، والتصريحات “النارية” لعبد الإله بنكيران، إضافة إلى تأثير ذلك على العمل الحكومي، وطموحات حزبه في الانتخابات التشريعية المقبلة، وكذلك عن مشاريعه لشخصية والاستثمارية.

 ترجمة: مصطفى قسيوي

-جون أفريك: صادق برلمان ستراسبورغ في 16 يناير الماضي، على الاتفاقات المبرمة بين الاتحاد الأوربي والمغرب بشأن الفلاحة والصيد البحري، التي تشمل الأقاليم الجنوبية للمغرب التي نازعت بشأنها جبهة البوليساريو.. إنه انتصار بالنسبة إليك. ما الجانب الذي توليتَ في هذه المشاورات؟

*عزيز أخنوش: في الواقع هي معركة كبيرة خاضها المغرب وانتصر فيها. وقد عملت فرق من وزارة الفلاحة والصيد البحري، جنبا إلى جنب مع فرق وزارة الخارجية والداخلية، للرد على طلبات من السلطات الأوربية لضمان استفادة السكان المحليين. وقد أجرينا مشاورات تشمل غرف الفلاحة وموانئ الصيد وكذلك المجالس الجماعية، بحيث يمكن للجميع إبداء رأيهم بشأن هذه الاتفاقات مع الاتحاد الأوربي. وقد انخرط منتخبو الأقاليم الجنوبية في البرلمان، بدورهم، في هذه “المعركة” لإقناع البرلمانيين الأوربيين، والذين يتفهمون جيدا إشكالات قضية أقاليمنا الجنوبية.

-ج. أ: أعلنت جبهة البوليساريو رغبتها في اللجوء، مرة أخرى، إلى محكمة العدل الأوربية. هل استطاعت الوصول إلى تحديد جولة جديدة؟

*أخنوش: البوليساريو تناور فقط وتحاول استعراض قوتها الزائفة، من خلال التشويش لعرقلة التنمية الاجتماعية والاقتصادية المتبناة لصالح ساكنة الأقاليم الجنوبية. لكن المغرب ماض في طريقه رغم ذلك. فاستثماراتنا موجودة على أرض الواقع، وهي متجلية لشركائنا الأوربيين وغيرهم.. فمع روسيا، على سبيل المثال، فإن اتفاق الصيد البحري الذي يشمل حتى الكويرة لا زال ساريا وسيمتد إلى 2020. كما أن الاستعدادات لتجديده متواصلة وتسير في الطريق الصحيح. وقد تحدثت بخصوصها مع نظيري الروسي، الذي شارك معنا مؤخرا في معرض “أليوتيس” في أكادير وكذلك الشأن بالنسبة إلى 16 وزيرا أجنبيا.

-ج. أ: ما هي إنجازاتكم على رأس الوزارة التي تقلدتم مسؤولية إدارتها منذ 12 سنة؟

*أخنوش: لقد شهد قطاع الصيد البحري تغييرات كثيرة. وأسهم وضع “مخطط أليوتيس” في حماية ثرواتنا السمكية وكذلك في رفع إنتاجيتها. وقد أقنعنا الصيادين باحترام فترات الراحة البيولوجية، لضمان الصيد المستدام، وإخضاعها لاختيار الحاويات القياسية ولمستودعات الأسماك.. لقد كان عملنا على المدى الطويل. واليوم، فإن النتائج واضحة للعيان؛ فقد تضاعف سعر قارب صيد صغير واحد عشر مرات، بعدما كان ثمنه يتراوح ما بين 50 ألف درهم و60 ألفا فقط. وقد تم رفع مدخول القطاع، لكنْ يجب أن نظل متيقظين، خاصة في ما يتعلق بمسألة حماية الموارد.

-ج. أ: يهدف مخطط “المغرب الأخضر” إلى زيادة الإنتاج الإجمالي الفلاحي ما بين 2008 و2020.. هل تَحقّق هذا الهدف؟

*أخنوش: لسنا بعيدين عن بلوغ هذا الهدف. فالناتج المحلي الإجمالي في القطاع الفلاحي ارتفع إلى 67%خلال العقد الماضي، ليصل إلى 125 مليار درهم. فقد تقدم في المتوسط السنوي بنسبة 5.25%، بعدما عرف الاقتصاد الوطني نموا بنسبة 3.2%. وساهم القطاع في رفع الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بـ15%. ولم يمنع التحديث من خلق 250 ألف منصب شغل. كما تم تحسين الأمن الغذائي للمغرب، فنحن الآن حققنا الاكتفاء الذاتي في قطاع الفواكه والخضر والحليب واللحوم ونغطي حوالي 50% من احتياجاتنا من الحبوب والسكر.. وهناك مؤشرات أخرى لتوضيح النمو الذي شهده هذا القطاع، إذ أن صادراتنا انتقلت من 15 مليار درهم إلى 33 مليارا، والاستثمارات التي تم الانكباب عليها وصلت إلى 104 ملايير درهم، 60% منها تأتي من القطاع الخاص.

-ج. أ: لكنْ يبقى تطلعكم إلى خلق طبقة وسطى فلاحية مجرّدَ أمنية…

*أخنوش: مسألة خلق طبقة وسطى في العالم القروي تدخل في صلب إستراتيجية نشعر أحيانا بأننا أضعنا في تنزيلها بعض الوقت، بسبب حسابات سياسية ضيقة.. فبعض الأحزاب ضيّعت علينا سنتين، متجاهلة دورها في الوساطة والالتفات إلى ااحتقان الاجتماعي الذي يشهده المغرب.

-ج. أ: هل يمكن تفادي حراك مثل حراك الريف، الذي وقع مؤخرا؟

*أخنوش: لقد كانت لحراك الريف أسباب متعددة، لكن السبب الرئيسي كان نتاج مشكل أجندة سياسية، إذ كان هناك، بدون شك، تأخر في رد الفعل من طرف الحكومة الأخيرة .فقد زامنت هذه الأحداث مع فترة جمود ما بعد الانتخابات، ما عقّد الأمور، ما دام أن الشعبوية لا تجدي في الواقع.. وكان واجبا على الأحزاب السياسية أن تؤدي دورها في خدمة وتأطير المواطنين حتى يمكن تفادي خروجهم إلى الشارع.. إنه لأمر مخز أن يحقق المغرب تقدّما كبيرا وتجد رغم ذلك اختلالات وإخفاقات كبيرة في قطاعات التعليم والصحة والشغل وغيرها…

-ج. أ: هل حزب التجمع الوطني للأحرار مؤهل لتحمّل مسؤولية تسيير هذه القطاعات الحساسة؟

*أخنوش: ولمَ لا؟ فإذا كان لدينا رجال ونساء قادرون على ذلك فأكيد أننا سنتحمل هذه المسؤوليات. ورغم ذلك ة، فهذا لا يعني أنه ينبغي النظر إلى هذه القطاعات الرئيسية من منظور حزبيّ. على سبيل المثال، اليوم نحن راضون عن عمل وزير التربية، سعيد أمزازي، رغم أنه ليس من حزبنا، إذ أنه عضو في حزب الحركة الشعبية. نحن ندعم إجراءاته الإصلاحية، وهو في طريقه الصحيح لإصلاح منظومة التعليم. ومنذ الصيف الماضي شعرنا بأن هناك نهجا مختلفا في إجراء الإصلاح الحاسم للتعليم.

-ج. أ: منذ عدة شهور، طغت على الساحة السياسية اختلافاتك الشخصية مع البيجيدي.. ماذا عن مبدأ التضامن الحكومي في هذا السياق؟

*أخنوش: الاختلاف بيننا وبين حزب العدالة والتنمية أمر عادي، لأننا لا نتبنى الإيديولوجيا نفسَها، ب ما يجمعنا هو برنامج حكوميّ علينا تطبيقه. والتضامن الحكومي قائم، ووزراؤنا هم في الحكومة لمواكبة عمل رئيس الحكومة وترسيخه، في ظل الاحترام المتبادل بين وزرائنا.

-ج. أ: لكن سعد الدين العثماني صرّح مؤخرا بأن هناك طرفا داخل الحكومة يعزو إلى نفسه كل ما الإنجازات الإيجابية ويعلّق إخفاقاته على الآخرين.. وهذه التصريحات تستهدف حزبكم بوضوح…

*أخنوش: التجمع الوطني للأحرار طرف في الأغلبية الحكومية، لكنه أيضا حزب لديه مناضلوه ومواقفه. في الحكومة هناك نقاشات ومحادثات وهناك، أيضا، بعض المواضيع القطاعية يشتغل عليها الوزير المختص مع رئيس الحكومة؛ لكن حزبنا أحيانًا يعبر عن استيائه العميق من النتائج السلبية لبعض التدابير الحكومية. فعندما لا نوافق على إجراءات ما، فمن واجبنا التعبير عمّا نفكر فيه، في إطار العمل البنّاء، وأن نطالب باتخاذ إجراءات تصحيحية إذا كانت الحكومة خاطئة.

-ج. أ: تبقى الحقيقة أن رئيس الحكومة كان يتحدث في سياق تذمر التجار، بسبب فرض الضريبة على القيمة المضافة، وهو مشروع قانون يعزى إلى حزبكم الوقوف وراءه، وإلى وزارة الصناعة التجارة، التي يتولى حزبكم مسؤولية تسييرها…

*أخنوش: الإجراء الضريبي الذي أثار استنكار وعدم رضا التجار تم إدراجه قانون المالية.. والمشروع وُضع بعد التشاور مع المشغّلين وبعد ذلك، قُدّم إلى المناقشة والتشاور قبل التوقيع عليه من قبَل رئيس الحكومة ، ثم عُرض على البرلمان. وبشأن مشروع الميزانية الأخير، على سبيل المثال، عقدت الحكومة ما لا يقل عن أربع حلقات دراسية. المسؤولية إذن جماعية. لقد كان التجمّع الوطني للأحرار على علم بالمشروع ويتحمل جزءاً من المسؤولية في قضية التجار، في الوقت الذي تتهرب أحزاب أخرى من الاعتراف بمسؤوليتها في هذه القضية.. لكننا في التجمع الوطني للأحرار يمكننا أن ننتقد أي عمل حكومي، بل ننتقد حتى عمل وزراء في حزبنا.

ج. أ: تقصد أن عزيز أخنوش -رئيس الحزب يمكن أن ينتقد عزيز أخنوش -الوزير.. أليس كذلك؟ أليس هناك بعض التناقض هنا؟

*أخنوش: حزب التجمع يعبّر عن اختلافه في قرار ساهم فيه عدة مسؤولين. نحن لا نفعل مثل حزب العدالة والتنمية، الذي يقضي نهاية الأسبوع في انتقاد حكومة يسيّرها!.. التجمع اليوم يعبر فقط عن آرائه ويطالب بمراجعة القرارات التي تتطلب ذلك عند الضرورة؛lوكل ذلك في إطار التضامن الحكومي.

-ج. أ: إذا فهمنا جيدا، فإن حزب العدالة والتنمية والتجمع ينتقدان بعضهما البعض خلال عطلة نهاية الأسبوع ويتصافحان يوم الخميس في مجلس الحكومة؟

*أخنوش: “أحبك، لا أحبك”، لازمة تقليدية بين الأحزاب السياسية المتنافسة.. لكننا نعرف كيف نعمل مع حزب العدالة والتنمية وهم يعرفون كيفية العمل معنا. هناك احترام متبادَل بين وزرائنا، وكل شيء يسير على ما يرام في مجلس الحكومة. نحن نتحرك إلى الأمام في النهاية  فالأهم هو الوطن والمشاريع التي ننجزها لفائدة المغاربة.

-ج. أ: من الصعب تصديقك تماما، لا سيما أن صقور العدالة والتنمية هاجموا -بحدة- وزير حزبكم، رشيد الطالبي العلمي، حينما تحدث عن أجندة خفية للبيجيدي وسعيه إلى إغراق الإدارة بأتباعه…

*أخنوش: قضية هجوم صقور البيجيدي، كما سميتموها، تم التداول بشأنها في المكتب السياسي للحزب وبُلّغت التعليمات إلى كل المناطق لمهاجمتنا. فمنذ تشكيل الحكومة، لم يكن التجمع، أبدا، أول من يهاجم. نحن فقط نقوم برد الفعل تجاه الهجمات التي يتعرض لها حزبنا ونحاول صد محاولات زعزعة تماسكه، والتي يظن معارضونا أنها قادرة على كبح مسيرتنا. لكننا سنواصل طريقنا بكل ثقة. صدّقني، يمكن أن نكون أكثر قوة وتأثيرا بكثير.

-ج. أ: هل يمكن أن يستمر هذا التعايش الغريب مع حزب العدالة والتنمية حتى 2021؟

*أخنوش: القرار الأول والأخير لجلالة الملك، فجلالته هو رئيس الدولة. كما أن الأمر يبقى معلقا على النية الحسنة للجميع لضمان حسن سير الحكومة. أظن أنه ليس هناك سبب للتغير. نحن هنا لتوحيد الجهود ومواكبة عمل رئيس الحكومة، ووزراؤنا يشتغلون في هذا الاتجاه حتى نهاية عمر الحكومة أو حتى يقرر جلالة الملك عزلهم عن أداء مهامهم الوزارية. وبخلاف من كل هذا، لديّ علاقات ودية مع سعد الدين العثماني، فهو صديق قبل كل شيء، وسيسانده حزبنا في إنجاح مهمته وقيادة الحكومة حتى نهاية ولايتها.

-ج. أ:لا يدّخر رئيس الوزراء السابق، عبد الإله بنكيران، جهدا في مهاجمتكم. ما رأيك في تأثيره داخل حزب العدالة والتنمية؟

*أخنوش: أنا شخصيا، أحترم جميع رؤساء الحكومات الذين عملت إلى جانبهم. واحتراما لعبد الاله بنكيران لن أرد عليه، حتى لو كانت هجماته ضدي تستند فقط إلى الأكاذيب. فحينما أعود إلى المنزل في الليل، بعد فترة عمل طويلة، أنسى كل السبّ والقذف والانتقادات التي لا تستند إلى أساس.. أستعرض ما قمت به وما استطعت حله من مشاكل تهمّ المغاربة. لكن ازدواجية الخطاب داخل حزب العدالة والتنمية تطرح إشكالا لدى الرأي العامّ. فنحن، الأحزاب السياسية، نعرف أننا نشتغل إلى جانب سعد الدين العثماني، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، وهو كذلك الرجل القوي في الحزب. فمعه  اخترنا الاشتغال في الحكومة. لكنّ الرأي العام غالبا ما يتساءل حول ازدواجية الخطاب ومن يتولى القيادة داخل هذا الحزب.

-ج. أ: ما شكواك الرئيسية من البيجيدي؟ هل هي توظيف الدين في السياسية أم نشرُه الشعبوية؟

*أخنوش: ليس لدي أي مركب نقص أو مشكل في ما يتعلق بالدين.. فكلنا مسلمون وكلنا متساوون في الدين والقانون. يمكنهم السعي إلى استغلال الدين بقدَر ما يريدون، فلن يضمنوا بذلك نقطا للفوز.. أنا فقط أعاتب البيجيدي على أمر واحد، هو العناد في فرض اختياراته.. فعندما نتفق معه يكون كل شيء على ما يرام. ولكنْ بمجرد ما نُبدي عدم موافقتنا، تُستعمَل ضدنا كل الوسائل للمس بتماسك حزبنا. لكننا لا نهتمّ لذلك كثيرا، وسنواصل تقديم رأينا بحرّية في ما يتعلق بالتسيير الحكومي.

-ج. أ: كيف تفسر تقدم العدالة والتنمية من انتخابات إلى أخرى؟

*أخنوش: في الانتخابات التشريعية الأخيرة لعام 2016، احتلّ حزبا العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة الصدارة، على حساب باقي الأحزاب الأخرى، لكنّ التجمّع يحاول اليوم أن يكون حاضرا في الساحة، ونحن على اتصال مباشر مع المواطنين وننصت إليهم ونعمل على توضيح مواقفنا بشأن القضايا التي تشغل المغاربة.

-ج. أ.: هل ترى أن حزب العدالة والتنمية كان وراء حملة المقاطعة لسنة 2018 التي استهدفت، من بين شركات أخرى، واحدة من الشركات التابعة لمجموعة عائلة أخنوش؟

*أخنوش: لا أعرف، ولكنْ ما هو واضح أنه كان هناك استياء اجتماعيّ تم استغلاله جيدا، مع وجود مناورات سياسية.. فلو كانت هذه الحملة تستهدف شخصي فقط، كنت سأتحملها لوحدي ويكون تأثيرها أقلَّ ضررا.. لكنها أثرت على الاقتصاد المغربي وخلقت شكوكا لدى المستثمرين، المغاربة والأجانب. ولحسن الحظ أن النسيج الاقتصادي أظهر مرونة في التعامل مع الأزمة  وخرجنا أقوى من ذلك الاختبار..

-ج. أ: استغرق البيجدي أكثر من عشرين عاما في بناء قاعدته الانتخابية.. كم من الوقت سيستغرق الأمر بالنسبة إلى حزب التجمع؟

*أخنوش: حزب التجمع يحمل رصيدا نضاليا يمتد أربعين سنة تقريبا.. وبالتأكيد كانت للحزب نتائج مخيبة للآمال خلال الانتخابات الأخيرة، لكننا نؤمن بالسياسة كمشروع لتحسين الحياة اليومية للمغاربة. وقد تبنيا، في إطار مشروعنا السياسي، مسار الثقة لإعادة الثقة للعمل السياسي. فإذا كان الحزب اليوم يتعرض للهجومات فهذا راجع لتواجده القوي في الساحة ولقدرته على تحقيق النتائج. وإجراء التغيير أصبح واضحا ومخيفا لبعض أعداء التغيير.

-ج. أ: هدفك إذن هو الفوز في الانتخابات التشريعية لسنة 2021؟

*أخنوش: طبعا، كل حزب يسعى إلى ذلك ولديه طموح الفوز في الانتخابات. لكنّ هذا ليس هدفَنا الوحيد. فنحن نريد، قبل كل شيء، أن نسهم في خلق تحسّن ملموس في الحياة اليومية للمغاربة.

-ج. أ: سبق للتجمع أن أعلن أنه سيذهب للانتخابات بغض النظر عن أي تحالف.. لماذا؟

*أخنوش: من الأصح أن تتم التحالفات بعد الانتخابات وليس قبلها. وبخصوص هذه النقطة، نحن لا نزال منفتحين على جميع الأحزاب. ليست لدينا مشاكل مع حزب الاستقلال ولا مع الأصالة والمعاصرة ولا مع الإتحاد الاشتراكي، ولا حتى مع حزب العدالة والتنمية!.. كل شيء يتوقف على النتائج للفوز في انتخابات 2021.

ج. أ: خلال استعدادكم لهذه الاستحقاقات، هل تخططون للاعتماد على ناخبي الأصالة والمعاصرة، ثاني قوة سياسية في البلاد؟

*أخنوش: لدينا علاقات متميزة مع البام، رغم أننا قد عشنا بعض الاضطرابات في مرحلة ما. لدينا ناخبون للمستقبل، وسنذهب للبحث عن ناخبين آخرين حيثما كانوا، بمن في ذلك من هم داخل حزب العدالة والتنمية، الذين يقدّرون عملنا ويحترمونه. لكن الكتلة الناخبة الحقيقية هي الفئة الممتنعة عن التصويت، إذ أنه من بين 21 مليون مغربي في سن التصويت، هناك فقط 7 ملايين من يذهبون إلى صناديق الاقتراع، في حين يمتنع 14 مليون مغربي.. فهؤلاء هم من يجب إقناعهم؛ونحن داخل التجمع الوطني للأحرار نعمل على ذلك.

-ج. أ: كيف تخططون للقيام بذلك؟

*أخنوش: أنا الآن في ثالث جولة لي عبر مناطق المملكة. وأتذكر أنه في أول اجتماع عقدته في مدينة الداخلة، بصفتي رئيسا للحزب، قبل عامين، لم يكن هناك أكثر من 100 مشارك. بالأمس، وفي المدينة المدينة ذاته، حضر ما يقرب من 5 آلاف شخص في الاجتماع.. التجمع لديه اليوم 120 ألف منخرط، وهدفنا هو بلوغ 200 ألف منخرط في المدى القصير.. وهذا أساس كبير للمستقبل. خلال جولاتنا الإقليمية، يمكننا أن نرى الأمل ورغبة المغاربة في تكوين قادة وأطر وقادرة على القيادة وتحقيق التغيير.

-ج. أ: هل ستقدم ترشحك؟

*أخنوش: ربّما، لكن لم أتخذ قراري حتى الآن.

-ج. أ: فاجأ وصولك إلى رئاسة حزب التجمّع، في أكتوبر 2016، الجميع. من طلب منك القيام بذلك، هل الملك شخصيا؟

*أخنوش: لنكن واضحين: المرة الوحيدة التي طلب فيها مني جلالة الملك رسميا شغل منصب سياسي كانت في 2011، لكي أبقى على رأس وزارة الفلاحة والصيد البحري. وعبد الإله بنكيران، الذي كان رئيس الحكومة آنذاك، لا يستطيع أن ينكر أن تلك كانت رغبتَه الشخصية أيضا. لكن لا يجب أن ننسى أنني قبلت البقاء في الوزارة فقط لأنها كانت إرادة جلالة الملك،الذي يُشرّفني العمل إلى جانب جلالته ولإتمام مشروعين مهمّين للغاية،، وهما “مخطط المغرب الأخضر” و”أليوتيس”.

لقد وجدت نفسي مجبرا على تعليق عضويتي في التجمع في فترة ما، آنذاك لم يكن الحزب عضوا في الحكومة. لكن عودتي إلى الحزب، في 2016، كانت بسبب النتائج التي حصدها الحزب في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وكذلك بسبب القرار الشجاع لصلاح الدين مزوار، الذي كان رئيسا للحزب، وتحمّله نتائج الانتخابات وقدّم استقالته. بعد ذلك طلب مني قادةالحزب تحمّل المسؤولية لإحداث التغيير المطلوب، فقبلت المهمة.

-ج. أ: يرى المتتبعون أن القصر يحاول أن يقوم مع التجمّع  بما فشل فيه مع البام، أي مواجهة العدالة والتنمية.. هل لديك القراءة نفسُها؟

*أخنوش: لا، لا تروِي قصصا.. معظم الأحزاب السياسية تسعى إلى التقرب من القصر الملكي، لأنه لا يوجد أي دعم ومساندة أفضل من دعم القصر. إلى جانب هذا، فالبيجيدي هو من استغلّ اسم جلالته أكثر في خطاباته.. ونحن في التجمّع نريد أن تكون لنا مكانة خاصة في القصر، لكنْ ليس وحدنا. جميع الأحزاب لها مكانتها لدى جلالة الملك. ولهذا السبب تبدو توبيخات القصر للأحزاب، في حال فشلها في أداء مهامها، وكذلك الشأن بالنسبة إلى تشجيعهم ومساندتهم في حال الرضا عن نجاح مشاريعها وبرامجها.

-ج. أ: أنت واحد من أقرب الوزراء إلى الملك.. كيف هي علاقاتك مع صاحب الجلالة؟

*أخنوش: الرأي العام هو المؤهل للحكم على هذه العلاقة. أنا شخصياً يُشرّفني أن أعمل إلى جانب جلالته من أجل تحقيق طموحات جلالته في التنمية الاقتصادية والاجتماعية في البلاد. وعلاقتي بملكنا جيدة.

-ج. أ: ومع مستشاره، فؤاد علي الهمة؟

*أخنوش: لدينا علاقات جيدة جدا في إطار مهام كل واحد منا. فإذا واجهتنا مشاكل تحتاج إلى التوجيهات النيرة لصاحب الجلالة،  فإننا نتوجه إلى مستشاره فؤاد عالي الهمة قصد طلب الاستشارة الرشيدة لجلالة الملك.

-ج. أ: أنت وزير وقائد حزبي، لكنك تمتلك ثروة كبيرة في المغرب. وهي التي تجرّ عليكم انتقادات خصومكم.. بماذا ترد على تهمة من قبيل زواج السياسة بالمال؟

*أخنوش: الذين يقولون مثل هذا الكلام ويتحدثون عما يسمونه التواطؤ كانوا يعرفون أنني رجل أعمال عندما طلبوا مني الانضمام إلى الحكومة في 2007 وقالوا إنهم فخورون بوجودي في الفريق الحكومي.. لا أعرف ما الذي تغير الآن!..

فبعد أول تعيين لي كوزير قدّمت استقالتي من منصبي كمدير في جميع الشركات ذات الطبيعة التجارية. وأتذكر أن عباس الفاسي، رئيس الوزراء آنذاك، اتصل بي لتهنئتي على هذا القرار. وأنا الآن فخور بكوني رجل أعمال وفخور بأنني تمكنت من الحفاظ على تحديث وتطوير شركات للعائلة عمرها ستون سنة. لقد قدتُ مجموعة من 10 آلاف موظف، استثمرتُ وخلقت الثروة.. هذا هو نجاحي كرجل أعمال رائد. أما في مهمتي الوزارية فأنا على يقين من نجاحي وتوفقي في تسيير قطاع الفلاحة وتطوير قدرات القطاع الخاص. ولا يجب أن ننسى أنه كانت لدي، أيضا، مهام سياسة في السابق. فقد كنت عضو مجلس جماعي محلي في قرية صغيرة، ثم عضوا في مجلس مقاطعة، فنائبَ رئيس جماعة مستقلا، وليس عضوا في الحركة الشعبية، كما يقال أحيانا.

-ج. أ: ظهر اسمك كثالث أغنى رجل في المملكة وفي الرتبة الخامسة عشرة في إفريقيا.. ألم يكن لهذا تأثير على انخراطك ومركزك السياسي؟

*أخنوش: يجب تفسير ترتيب “فوربس”، الذي أشرت إليه، فهو لا يعني السيولة المالية، بل أصول مجموعة عائلية تشكلت قبل ستين عاما، والتي شهدت تطورا طبيعيا. ويشمل مجموعة من الشركات، بعض منها مدرجة في سوق الأوراق المالية، مع الاستثمارات وتدفقها النقدي، وحتى ديونها. ومنذ دخولي الحكومة لم أعد مسؤولاً في هذه الشركات ولا مديرها،حتى لا يقول البعض إنني أستغلّ منصبي السياسي لتحقيق مزيد من الأرباح لشركات العائلة..

-ج. أ: زوجتك، أيضا، سيدة أعمال. هل تستغلّ وضعك الحكومي في نشاطها التجاري؟

*أخنوش: لا أرى كيف ترون الأمور! فقرار الاستثمار ومبادرة إطلاق بناء “موروكو مثلا، اتخذته قبل أن أصبح وزيرا.

-ج. أ: هل صحيح، كما قيل، أن نمو مجموعة عائلتك كان خلال التسعينيات بفضل التقرب من إدريس بصري، وزير الداخلية في عهد الحسن الثاني؟

*أخنوش: إنها مجرد إشاعات خاطئة تماما. فوالدي كان من قدماء الحركة الوطنية وكان يقود حزبا سياسيا وكانت له علاقات مع جميع القادة السياسيين الآخرين في باقي الأحزاب. وقد تطورت تجارتنا وأعمالنا دون أي صلة بأي سياسيّ في ذلك الوقت.

-ج. أ: هل صحيح أنك لا تتلقى أي راتب عن منصبك الوزاري؟

*أخنوش: تماما، أنا لم أتقاضَ أي راتب شهري كوزير.

-ج. أ: وماذا عن مصاريف التنقلات؟

*أخنوش: أنا غالبا ما أقوم برحلات خاصة، كما أعتمد على بعض المتعاونين معي. فأنا أحاول، قدْر المستطاع، تفادي الصعوبات والإجراءات الإدارية التي تعوق السرعة والكفاءة المطلوبة من فريق عملي، وأنا لا أكلف ميزانية الدولة الكثير، رغم أن لدينا مجموعة عائلية تعدّ مساهما رئيسيا في تزويد خزينة الدولة من عائدات الضرائب.

-ج. أ: لدى الرأي العام تصوّر عن التجمع الوطني للأحرار كحزب لرجال الأعمال والأعيان.. كيف تعملون من أجل تغيير هذه الصّورة؟

*أخنوش: صحيح أن تاريخ حزبنا يعترف بانخراط رجال أعمال آمنوا بأفكاره وبمشروعه السياسي. لكن مشروعنا السياسي مفتوح أمام جميع طبقات المجتمع، لأن هذا هو الدور الحقيقي لأي حزب سياسي. التجمع يقوم الآن بإجراء تحول إستراتيجي، من خلال إعادة تنظيمه. لدينا اليوم منظمة نسائية، وأيضًا منظمة شبابية فيها حوالي 30 ألف عضو، أغلبهم من الطلبة، ومن هم بعيدون عن الطبقة الغنية. كقاعدة عامة، المغاربة يحبّون الناس الناجحين، على عكس ما يروّج الشعبويون. وبدل انتقاد رجال الأعمال الذين ينخرطون في السياسة، أليس من الأفضل الحذر من أولئك الذين يدخلون السياسة ليصبحوا رجال أعمال؟!.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *