جمال اسطيفي
لم تتأخر اللجنة التأديبية التابعة للجامعة الملكية المغربية لكرة القدم في إنزال عقوباتها على فريقَي مولودية وجدة ونهضة بركان عقب أعمال الشغب التي شهدتها المباراة وكذا تخريب مرافق الملعب والتي امتدّت إلى محيطه..
لقد عاقبت اللجنة التأديبية فريق مولودية وجدة بخمس مباريات “وِيكلو”، مع إلزامه لوحده بتحمّل خسائر الملعب، في الوقت الذي عاقبت فريق نهضة بركان بمباراتين بدون جمهور، دون أن يدفع الفريق أي سنتيم بخصوص خسائر الملعب.
أما غريبة الغرائب فهي أن اللجنة التأديبية سارعت إلى تقييم خسائر الملعب وحدّدتها في 67 مليون سنتيم، مع أن تقييم الخسائر يحتاج إلى وقت وتقارير في الموضوع من الجهات المختصة..
لقد كان المنطق يفرض أن يقتسم الفريقان معا أداء خسائر الملعب، لأن هناك صور فيديو واضحة لأنصار نهضة بركان وهم يخربون الملعب.
وقد تابعنا، في وقت سابق، ما وقع في مباراة فريقي الكوكب المراكشي وأولمبيك آسفي، وكيف ألزمت اللجنة التأديبية الأخير بأداء خسائر الملعب بعد الأضرار التي تسبب فيها جمهوره في ملعب مراكش الكبير.
فلماذا تغيّر منطق اللجنة التأديبية حين تعلق الأمر بفريق نهضة بركان؟ وألم يكن من العدل أن تشمل العقوبة الفريقين معا؟ علما بأن حتى عقوبة “الويكلو” لمباراتين مخففة جدا بالنسبة للفريق البركاني، بالنظر إلى الخسائر التي تسبب فيها جمهوره أيضا، والذي جاء بعضه مع الأسف الشديد بنية التخريب.. وما هو الأساس القانوني الذي بنت عليه اللجنة هذه العقوبة؟
ما نقوله ليس دفاعا عن فريق مولودية وجدة، فأنصار هذا الأخير كانوا بدورهم مستفزين، وقاموا بحركات سبقت المباراة ستظل وصمة عار، ناهيك عن تبادل الشعارات المسيئة بين الطرفين، والتي كان بعضها عنصريا ويخدش كبرياء وكرامة المدينتين..
لكنْ عندما يتعلق الأمر بمؤسسة الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، فالأمر لا يتعلق بضيعة، بإمكان أي كان أن يفعل فيها ما يشاء، بل إن الأمر يتعلق بمؤسسة يجب أن تحفظ حق الجميع وأن تتحلى بالعدل والموضوعية، وأن تكون للجانها الاستقلاليةُ التي تسمح لها باتخاذ القرارات السليمة، بدل “جبر الخواطر” و”المحاباة”، التي أصبحت تسيطر على المشهد الكروي، والتي تسببت في حالة من الفوضى والتسيب التي ستستمر، لأن ميزان العدل اختلّ داخل الجامعة، ولأن اللجان متحكَّم فيها وتصدر قراراتها حسب الأهواء والنزوات وموازين القوى داخل الجامعة، وليس حسب نصوص القانون..
إن الطريق الذي تمضي فيه الجامعة ليس سليما، لقد انفلتت خيوط التحكم في المشهد من يد رئيس الجامعة، ووصل الأمر إلى هوة سحيقة، ففي كل يوم أصبحنا نستفيق على اختلال جديد. وبدل أن تكون بعض الوقائع والأحداث أرضية للتصحيح وإعطاء الدروس والعبر، فإنها مع الأسف الشديد أصبحت مرجعا للتنصل من القانون، ولتسمين بعض وحوش التسيير، ممن حوّلوا المشهد إلى بلطجة وحرب عصابات…
