*د. حنان أتركين
صدم الخطاب الملكي للذكرى 46 لملحمة المسيرة الخضراء، بعباراته، وبمضمونه، وبرسائله “كابرانات” العسكرتارية الجزائرية ودُميتها فيقصر “المرادية“؛ لقد اعتقد من لا يعرف المغرب، تاريخه، ملوكه وأخلاقهم، أن المغرب سينجر إلى خطاب السفاهة والحطة والحرب، وأتاهمالجواب كله رفعة وطموح وإباء وحزم واعتزاز.
لقد زاوج الخطاب الموجهة مضامينه إلى أطراف عدة، ما بين تثمين المكتسبات، وعرض الحقائق، والدعوة إلى اليقظة والحزم، في تأكيد جديدعلى “الممكن” القادر لوحده على كفالة استقرار المنطقة وتنميتها، بلغة منتقاة، لا تحمل غلا ولا حقدا ولا ضغينة لأحد، لكنها، في المقابل،حرصت على التذكير بقواعد اللعب في: “عدم النقاش و التفاوض على الصحراء“، و“أننا ننتظر من شركائنا، مواقف أكثر جرأة ووضوحا“،و“أن المغرب لن يقوم مع أصحاب المواقف الغامضة أو المزدوجة بأي خطوة اقتصادية أو تجارية…”.
فقرات معدودة، وزمن قصير استغرقه خطاب، غطى على كل ما أنتجته “البروباغندا” المعادية، فتهاوى بنائها، كما تهاوت “جمهورية الرمال“،ولأن الكبير يبقى كبيرا، أبى جلالة الملك إلا أن يختم قوله بالتعبير “لشعوبنا المغاربية الخمسة، عن متمنياتنا الصادقة، بالمزيد من التقدموالازدهار، في ظل الوحدة والاستقرار“، إنه الجواب الإنساني لخطاب الكراهية والمعاداة، للخطاب الذي لا يفتر في دق طبول الحرب، وتغذيةالعداوة بالإشاعات وافتعال الأحداث، لكن هل يفهم ذوو الأحذية الثقيلة، خريجي المدرسة الاستعمارية، أو من يسميهم الشعب الجزائريالثائر “العصابة“، هذه اللغة وهذه الرسالة؟.
لقد أرادت العسكرية الجزائرية، أن تشوه لحظة احتفال شعب بملحمته التاريخية، لحظة تجديد الوطنية المغربية وشرعية التعاقد بين الملكوالشعب، بافتعال حادثة “الشاحنتين“، لكن ككل سحر ينقلب على الساحر، أتى الجواب صاعقا من فرحان حق نائب المتحدث باسم الأمينالعام، فبماذا ستفكر “العبقرية العسكرية” مستقبلا؟.
عاب الرئيس تبون على الإعلام الغربي، أنه ينظر إلى الجزائر بأنها كوريا الشمالية، لكنه الجزائر الأسيرة في يد ثكنات الجيش، هي كورياالشمالية، ويتفقان في كونهما الدولتان اللتين تغلقان حدودهما مع جيرانهما، وفيها فقط تشاهد طوابير البحث عن “البطاطا“، وفيها تسخرمقدرات الشعبين لخدمة برامج التسلح، وفيهما معا يسود الجوع والخوف من المستقبل…
لهذا أسي تبون تقارن الجزائر الأسيرة بكوريا الشمالية…
*برلمانية مغربية