*طلحة جبريل

في يوم ما من أيام هذه السنة الصعبة ، رجح لي أن أكف عن الكتابة، و اقتصر على القراءة .إذ تولد لدي انطباع أن الكتابة أصبحت تدور حول نفسها، لأن معظم الناس لا تقرأ، وإذا قرأت لا تستوعب، وإذا استوعبت لا تتذكر، واذا تذكرت لا تهتم. 

كان ظني أنني خلال سنوات طويلة كتبت ما فيه الكفاية، لما يجري لنا وما يدور حولنا، وربما حان الوقت أن يقتصر الأمر على كتابة الكتب إذ وجدت متسعاً. كنت خلال الفترة الأخيرة ولأسباب أعرفها جيداً، أشعر بشيء من الإحباط، وهو أمر لا اداريه. 

في شأن الكتابة كنت ألاحظ أن المطلوب هو الإثارة  والجدل، وفي بعض الأحيان حتى الجدال والجعجعة، وليس تدفق المعلومات وتحليلها، كما هي مهمة الصحافي  ودور الصحافة.

كما أنني فضلت ألا تتكرر الأفكار الى حد يقول فيه الناس، ما هذا الذي يكتبه فلان؟

بشأن الكتابة كنت قد وضعت لنفسي حدوداً هذه الحدود تجعل من السؤال : لماذا لا يكتب فلان؟ أفضل بكثير من أن يسأل الناس: ما هذا الذي يكتبه فلان؟.  تلك وجهة نظر قلتها وكتبتها أكثر من مرة .

 خلال سنوات طويلة من ممارسة المهنة، هي الآن أزيد من أربعة عقود، اعتقدت وما زلت  أن الصحافي  يفترض ألا يمارس رقابة ذاتية تدفع بأفكاره إلى منطقة الظل.

لم أكن في يوم ما آمل أن تتحول الكتابة إلى هتافات وسط حشود، بل كنت أطمح ، ومازلت، أن تكون الكتابة حواراً مع نخبة اعتماداً على معلومات، وليس شعارات.

 كان رأيي دوماً أن الصحافي يجب أن يتفادى البقاء في الماضي، وظني  بكل وضوح  أن الماضي لا يصنع  الحاضر،لأن ذلك يظلم الماضي دون مبرر والحاضر بدون معنى.

إن عظمة الكلمة المكتوبة انها مكتوبة، لذلك أقول إن ما كتب موجود على الورق وفي الفضاء الإليكتروني، لمن يريد أن يستوثق. وأعتقد أن الصحافي تأتيه لحظات في حياته عليه أن يقف دون تردد ليجعل صوته مسموعاً ومفهوماً من خلال ما يكتب أو ما يقول ، ثم ليكن بعدها ما يكون، وإذا لم يحدث “الفهم” عليه أن يتوقف. خاصة أن هدف الصحافي من الكتابة كما هو ثابت ” ليس أن يقر حقاً أو أن يمحو باطلاً فذلك دور القديسين وليس دور الصحافيين”.

أختم وأقول لنفسي، لن أغير مكاني قط وهو الصحافة، أو موقفي وتحديداً رفض الأنظمة الشمولية.

 أقول  لك أيها القارئ  العزيز: لا أعد بشيء إذا ارتأيت أن أكتب، سوى الحرص على الكتابة كما أفهمها، واحرص  أيضاً على تدفق المعلومات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *