عن بي بي سي -بتصرف
تواصل انتقال عدوى إضرابات التجار من مدينة إلى أخرى رغم تراجع الحكومة عن نظام الفوترة الإلكترونية. ووصل إضراب التجار إلى مدينة كلميم (جنوب) وإلى عدد من المناطق المجاورة لها يوم 29 يناير الجاري احتجاجا على تطبيق نظام الفوترة الإلكترونية.
وقد شهدت أكبر شوارعها كلميم “شللا تاما” بعد أن قرر ممثلو هيئات التجار والحرف والمهن المختلفة تنفيذ إضراب عام أُقرّ في وقت سابق.
تجار كلميم يغلقون متاجرهم احتجاجا
وكانت مدن مغربية عدة قد شهدت إضرابات مماثلة منذ بداية الشهر الجاري، أدت إلى توقف الحركة التجارية تماما في عدة مدن.
دواعع إضراب التجار
قررت إدارة الضرائب في المغرب العمل بنظام الفوترة الرقمية في تحصيل الضرائب من المتاجر الكبرى والمتوسطة التي تدخل في خانة الاقتصاد غير المنظم من أجل التمكن من تحصيل الضرائب. ويهدف هذا الإجراء إلى الحد من التهرب الضريبي وتحسين ايرادات الدولة من الضرائب ومحاولة دمج قطاع التجارة غير المنظم والقضاء على الاحتيال التجاري.
ويشار هنا إلى أن الاقتصاد المغربي يشمل قطاعا غير منظم، يضم عددا كبيرا من المتاجر الصغيرة التي تعرف بـ”تجار القرب”، ومن بينها عدد كبير في المناطق القروية والنائية، وبالتالي يصعب اعتماد الفوترة العادية، فما بالك بالرقمية.
شلل تام في الحركة التجارية في كلميم
ويُعرف النظام المعتمد في الوقت الراهن لهذا الغرض بنظام الفوترة الورقية، الذي يسمح بالتهرب الضريبي.
ما الإجراءات الجديدة وما الهدف منها؟
يُلزَم تجار الجملة والمنتجون بالتعامل بفاتورة تحمل رقما معينا (رقم التعريف الموحد للمشتري والمنتج، إذ تتوفر كل مقاولة على رقم خاص بها). وعندما تتضمن الفاتورة الرقم الخاص بالمنتج وبالمشتري، يسهل على إدارة الضرائب معرفة أرباح الطرفين، وبالتالي فرض ضرائب، وفق هذه الفواتير.
واعتمدت الحكومة هذه الإجراءات للحد من عدم تصريح التجار أو المنتجين بالفواتير الحقيقية أو التصريح بمبالغ غير صحيحة.
أمّا تجار التقسيط فهم غير معنيين بهذه الاجراءات، لأنهم يتعاملون بنظام خاص بهم، أي أنهم يصرحون بحجم تعاملاتهم السنوية لإدارة الضرائب، وهي التي تحدد نسبة الضريبة المفروضة عليهم، لكنهم يتخوفون أن يأتي دورهم لاحقا ويُدرَجوا في نظام الفوترة.
وسيسهّل التعامل بالفاتورة الإلكترونية على إدارة الضرائب معرفة مختلف التعاملات التجارية، وبالتالي فرض ضرائب أكبر.
الدعوة إلى إضراب عامّ
كانت النقابة الوطنية للتجار والمهنيين قد دعت، قبل فترة، إلى إضراب عام، احتجاجا على ما سمته “القانون الضريبي المجحف الذي تحاول الحكومة جاهدة تطبيقه على التجار والمهنيين”، وفق بلاغ تم تعميمه على تجار الرباط.
وجاء في البلاغ “يعاني المهنيون من تداعيات التقشف وتدنّي القدرة الشرائية التي سببت ركودا اقتصاديا غير مسبوق”.
وعرفت مجموعة من المدن المغربية شللا تاما بعد احتجاج التجار على ما جاء في قانون المالية، ما دفع برئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، إلى المسارعة لمحاصرتها عبر الإعلان عن تعليق العمل بالمقتضيات المثيرة للجدل في القانون.
وقد حاولت الحكومة “طمأنة” التجار بإيقاف الإجراءات الضريبية التي أثارت غضبهم، وجرى التوقيع على اتفاق مشترك بين إدارتي الضرائب والجمارك والهيئات المهنية الأكثر تمثيلية لوضع حد للاحتقان الذي تسببت فيه الإجراءات الضريبية التي جاء بها قانون المالية لعام 2019.