م. الحروشي
بعد 15عاما على تطبيقها، دعا حزب الأصالة والمعاصرة إلى مراجعة مدونة الأسرة، وذلك على خلفية الثغرات والاختلالات التي كشفت عنها تنفيذ بنودها. وتأتي دعوة (البام) إلى مراجعة مدونة الأسرة في سياق مواكبة الدعوات التي أطلقتها العديد من هيآت المجتمع المدني والحقوقي والإطارات المدافعة عن المرأة والطفولة، القاضية بمعالجة الثغرات التي أبان عنها واقع الممارسة.
فتح ملف مدونة الأسرة
وأكد (البام)، عبر فريقيه بمجلسي النواب والمستشارين، الأربعاء، عن تطلعه إلى أن تُعيد الحكومة فتح ملف مدونة الأسرة لمعالجة الاختلالات التي تتضمنها، استجابة لمطالب العديد من الإطارات الجماعية ذات الاختصاص أو الاهتمام بقضايا المرأة والطفولة والعلاقات الأسرية، بحسب ما ورد في مداخلة محمد اشرورو، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة بمجلس النواب.
وأكد اشرورو، في اليوم الدراسي الذي نظمه فريقا (البام) بالبرلمان حول (حصيلة 15 سنة من تفعيل مدونة الأسرة)، أن الفريقين يوجدان في قلب النبض المجتمعي المطالب بفتح ورش إصلاح شامل للقانون الجنائي وقوانين المسطرة الجنائية والمدنية، وإعادة النظر في بلورة وتنفيذ السياسات العمومية المستجيبة للنوع الاجتماعي بتصور شمولي وتشاوري واعتمادا على المعايير الأممية لحقوق النساء وتحديد المفاهيم والاختيارات الاستراتيجية بشكل واضح.
اشرورو يدعو لمواجهة خطاب العنف
ودعا اشرورو إلى ضرورة مواجهة خطاب العنف الرمزي الذي يلحق النساء، والنهوض بدور التربية والإعلام من أجل تغيير العقليات والسلوكيات ومحاربة الصور النمطية. ونبه إلى التأخر الحاصل في هيكلة هيأة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز رغم التنصيص الدستوري عليها و صدور القانون الخاص بها.
وجدد اشرورو انتقاده لخطة العمل الوطنية في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان بسبب اعتبارها مطلب مراجعة مدونة الأسرة من القضايا الخلافية وهو ما اعتبره سببا في تأجيل استفادة النساء من الدستور إلى ما بعد سنة 2021، ويعرقل استفادة النساء من باقي الحقوق المدنية والسياسية، ويكرس عدم تكافؤ الفرص بين مكونات الأسرة.
وشكل اليوم الدراسي الذي نظمه فريقا (البام) بالبرلمان، مناسبة لتقديم الشبكة الوطنية لمراكز الاستماع للنساء ضحايا العنف (أناروز)، مذكرتها (من أجل مدونة أسرة شاملة لحقوق كل أفراد الأسرة)، التي جددت من خلالها دعوتها إلى مراجعة مدونة الأسرة، بما يكرس حقوق الأسرة ويضمن حماية وحقوق المرأة.
وانتقدت المذكرة تكريس المدونة للصورة النمطية للأسرة واختزالها للعلاقة الزوجية في العملية الجنسية فحسب، وعدم ضمانها للتوازن العادل بين طرفي العلاقة الزوجية وعدم تكريسها للمساواة بينهما، كما انتقدت تكريس المدونة لتزويج القاصرات وتعدد الزوجات.
خبراء وتعديل مدونة الاسرة
وفي هذا الصدد، أبرزت زكية البغدادي، رئيسة شبكة “أناروز”، أن المؤسسة الدستورية هو المكان المناسب لتقييم ومناقشة اختلالات مدونة الأسرة من الناحية التشريعية، وذلك من أجل صياغة تصور موحد لإصلاح جذري للمدونة، مشددة أن الشبكة تراهن على السلطة التشريعية لتبني ورش الإصلاح وفق تصور يستحضر مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة كما هو منصوص عليه في الدستور والترافع عنه.
و قدم الحسين الراجي، محام بهيئة مراكش، مذكرة للشبكة تطالب بالتعديل الشامل لمقتضيات مدونة الأسرة، التي أبان واقع تطبيقها عن وجود ثغرات تشريعية واختلالات في التعاطي مع تدبير القضايا الأسرية بالشكل الذي يضمن المساواة الفعلية بين أطراف الأسرة، موضحا أن مرد ذلك بالأساس لما تحمل النصوص القانونية نفسها من تناقضات ومعيقات ساهمت في تعثر إجراءاتها وتفعيلها.
واستعرض علال البصراوي، عضو المكتب التنفيذي لنقابة المحامين بالمغرب، في مداخلة تحت عنوان “حقوق المرأة بين المدونة والمواثيق الدولية”، وفق ما أورده موقع”بام.ما”، ما تحقق من تقدم في مدونة الأسرة مقارنة بمدونة الأحوال الشخصية من جهة، وعلى مدى مراعاة التشريع الجديد للقانون الدولي لحقوق الإنسان من جهة أخرى، مؤكدا أن المغرب اختار منذ الاستقلال خيار الشرعية الدولية والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان.
وأكدت الباحثة الجامعية فريدة بناني، في مداخلة لها حول “تحيين/ مراجعة/ إصلاح تغيير جذري لمدونة الأسرة”، أن المدونة لا يلزمها تحيين أو مراجعة أو إصلاح بل تغيير جذري، الذي أصبح ضرورة وليس اختيارا، مبرزة أن المدونة جاءت بالعديد من المكتسبات إلا أن أغلبها ذو طابع معنوي يفرغها من مضمونها، هذا الأخير الذي بات في حاجة إلى الاجتهاد من أجل إقرار مدونة أسرة تقوم على مبدأ المساواة.