يخلد الصف التقدمي واليساري الممانع في التاسع والعشرون من كل عام منذ سنة 1965، ذكرى الوفاء للزعيم الاممي المهدي بن بركة ذالك الشهيد بلا قبر.

ووفاء لذكرى الشهيد، تعيد جريدة le12.ma عربية نشر حقائق نقطة ضوء شمعة البحث عن الحقيقة في قضية المهدي بن بركة ويتعلق الأمر  بكواليس اعتراف عميل “الكاب” السابق المدعو التونزي، أثناء بحث فريق بن زكري معه كما وثقها كتاب “كذلك كان” لمؤلفيه شوقي بنيوب ومبارك بودرقة،  حول ملابسات قضية المهدي بن بركة، التي كانت لعقود طوال سرا من أسرار الدولة، والبداية من هنا.

*محمد سليكي

أثناء مباشرة فريق هيئة بنزكري، التحري حول ملابسات قضية المهدي بنبركة، خاطب ياسين المنصوري، مدير المخابرات العسكري”لادجيد”، المعروف بخصاله الطيبة وإخلاصه للعرش، العميل السابق ميلود التونزي، قائلا بأنه بإذن من الملك محمد السادس، تم تنظيم هذا اللقاء، وعليه أن يدلي لأعضاء الهيئة بكل ما يعرفه حول قضية المهدي بن بركة، وهو اللقاء الذي استغرق حوالي ثلاثة ساعات.

إنطلق التونزي، بسرد حكاية التحاقه بجهاز الاستعلامات”الكاب 1″، والمهام والمسؤوليات التي أنيطت به، مبرزا أنها كانت تقتصر على المسائل التقنية.. في محاولة لتعويم النقاش… مما دفع بفريق الهيئة إلى استفساره، عن المهام التي ارتبط بها طيلة عمله بهذه المؤسسة، والتي لها علاقة فقط بقضية المهدي بن بركة.

أجاب التونزي، بكل بساطة، أنه لم يقم بأي شيء يمكن ذكره، فيما يخص قضية بن بركة، فووجه بأن الهيئة تتوفر على ملف كامل، من عائلة بن بركة، يتضمن الوثائق الرسمية الصادرة، عن المحاكمة والتحريات واستماع الشهود التي أجرتها السلطات الفرنسية في هذه القضية، وهو الملف الذي يؤكد بشكل قاطع، أنه كان أحد المساهمين الأساسيين في هذه القضية.

بعد تردد،… أجاب التونزي، انه يتذكر فعلا أنه ذات يوم من شهر أكتوبر 1965، أخبره رئيسه المباشر حسين جميل، أن المدير العام للأمن الوطني أحمد الدليمي، إتصل به هاتفيا، وطلب منه أن يلتحق بالمقر الرئيسي للإدارة بالرباط، حيث استقبله..

وصف الشتوكي

أخد الشتوكي، يصف بدقة متناهية الملابس التي كان يرتديها الدليمي، وأنه طلب منه مرافقته إلى بيت الجنرال اوفقير وزير الداخلية.. مضيفا أنه بعد مرور حوالي ساعة زمن، خرج الدليمي بمعية أوفقير إلى الشتوكي الذي كان أمام مسبح البيت، وصافحه قائلا وهو يرتب على كتفه: ”سيكلفك سي أحمد بمهمة، عليك أن تهتم بإنجازها بكل دقة”.

في طريق العودة ونحن في سيارة احمد الدليمي، يقول الشتوكي، انتظرت أن يفاجئني في الموضوع المهمة التي سأشرف على إنجازها، وبما أنه لم يقم بذلك بادرت بمفاتحته في الموضوع، فأجاب بأنه سيخبرني فيما بعد.

طالب الشتوكي من الدليمي، أن يطلعه ولو بصفة عامة، حول نوعية المهمة، بذريعة تحضير التجهيزات والوثائق والمعدات الضرورية، فأجاب إن الأمر يتعلق بتسجيل محتوى بعض اللقاءات والاجتماعات التي سيعقدها المهدي بن بركة في جنيف… قبل أن يسافر الشتوكي إلى هذه المدينة الأوروبية، حيث حجز بفندق صغير مجاور لمحطة القطار في انتظار التعليمات..

ليلة الاختفاء

مساء يوم 30 أكتوبر 1965، يقول التونزي، وأنا أتابع الأخبار، في قاعة الفندق عبر شاشة التلفزة، إذ بالمذيعة، تعلن عن اختفاء المهدي بن بركة بباريس، فاتصلت حالا بالإدارة المركزية مستفسرا، عن التعليمات التي علي القيام بها، فأخبروني، أن أبقى في عين المكان إلى حين ربط الاتصال بي من جديد، وبعد يومين، إتصلوا بي من الإدارة، وطلبوا مني العودة إلى المغرب..

ظل التونزي، يناور فريق الهيئة وينكر زيارته لباريس، واللقاء بالمتهم في قضية بن بركة الفرنسي انطوان لوبيز، وسفره إلى القاهرة صحبة فيليب برنيي و”جورج فيكون”، للقاء المهدي بخصوص الفيلم المفترض المعنون بـ”basta”. (كفى)

استمر اللقاء على هذا المنوال، وفريق الهيئة يخاطبه، في شأن التوصل إلى عنصر يفيد الكشف عن حقيقة إختفاء المهدي بن بركة، وكان السؤال الأخير: “هل كنت تسافر بجواز سفر مغربي تحت اسم العربي الشتوكي؟ فأجاب بنعم….

اعتُبرت فلته لسان، التونزي بكونه هو العربي الشتوكي، الحقيقة الوحيدة والكافية والكفيلة بتأكيد العديد من الوثائق، التي تتوفر عليها هيئة الإنصاف والمصالحة، والمحفوظة ضمن وثائق الدولة الفرنسية، التي تتحدث عن شخص ظل مجهولا لحد الساعة اسمه العربي الشتوكي…..

برمجت الهيئة، في إطار التعاطي مع هذا الملف، كل الشخصيات، التي ورد ذكرها في هذه القضية، كالجنرال القادري، والجنرال بن سليمان، والحسوني الممرض التابع لأجهزة الاستخبارات.

كان المرحوم إدريس بنزكري سعيدا بخبر موافقة السلطات العليا بالاستماع إلى كل ما من شأنه أن ينير تحريات الهيئة، في هذا الملف الحارق، وبالنتيجة باقي الملفات العالقة.. إذ كلف بودرقة بإعداد لائحة الأسئلة التي ينبغي طرحها..

مات العظمة

لم يتسن لإدريس بنزكري، أن يواصل مسيرة البحث عن أجوبة لتلك الأسئلة… بعدما باغته المرض الملعون الذي انتقل به إلى عفو الله…إذ حال الموت دون طرحها على بوبكر الحسوني، الممرض التابع لأجهزة الاستخبارات… بعدما كان يراهن الجميع على توفره على معلومات أساسية فيما يخص مصير المهدي بن بركة.

بيد أن المثير للانتباه، هو أنه بعد أسبوع من صدور كتاب “كذلك كان” الذي حط رقما قياسيا في المبيعات لمؤلفيه ( أمبارك بودقة وشوقي بنيوب)، ستعلن عائلة الزعيم اليساري المهدي بن بركة ومحاميها الفرنسي موريس بيتان، أن  عميل المخابرات السابق ميلود التونزي رفع دعوة قضائية ضدهما في فرنسا بتهمة التشهير ضده وربط اسمه،  بالشتوكي الاسم المستعار المذكور في ملفات التحقيق الفرنسية..

زعيم بلا قبر

رحل إذن إدريس بنزكري وأغلق ملف هيئة الإنصاف والمصالحة،  وظل ملف البحث عن الحقيقة في قضية بن بركة مفتوحا..  بعدما أدرج في قوائم منظمات حقوق الانسان.. ضمن مجهولي المصير بإعتباره “زعيم بلا قبر”..

 

 

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *