يونس الخراشي

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وصلى الله وسلم وبارك على الحبيب محمد. رأي رياضي جديد.

“ما خدامش”..

لم أجد شيئا أقوله للحارس الدولي السابق، عبد اللطيف العراقي، وهو يسألني: “هل من العدل أن يؤدي أولادي ثمن جرم يقال إنني اقترفته؟”.. وإذا هو يرد بسؤال جديد: “لنفترض، جدلا، أن ما يقال عني صحيح، فهل من العدل أن يؤدي أولادي ومن أتحمل مسؤوليتهم الثمن؟”..

قضية العراقي، التي مرت عليها شهور عديدة، دون أن نعرف تفاصيلها، وما إن كانت أثبتت في حقه “الخطأ الجسيم”، كان ينبغي لها أن تنتهي إلى عقاب واضح، يقف عند حد معين، بحيث لا يؤدي بالتبعية إلى النيل من أشخاص لا ذنب لهم ولا جريرة.

على كل حال، فإن للبريء الحق في الدفاع عن براءته، ويتمسك بها إلى أبد الآبدين. وهذه حال الحارس الدولي السابق عبد اللطيف العراقي، الذي يؤكد أنه لم يقترف أي جرم يستحق عليه عقابا، مشددا على أنه كان مستهدَفا في تلك المرحلة التي شهدت الواقعة، ويقول: “اِسألوا من كانوا قريبين مني، فهم يعرفونني جيدا. ومن يستشهد بالمكالمة المعلومة، فهي فارغة، ولا تحتوي على أي شيء يدينني”..

يجد المرء نفسه متعاطفا مع شخص مثل عبد اللطيف العراقي، الحارس الدولي السابق، وأحد أقطاب كرة القدم في المحمدية، ليس فقط لأنه تابعه مدافعا عن القميص الوطني في وقت من الأوقات، ويحرس عرين الأسود، بل لأنه لم يصمت إزاء ما وقع له ولم يطأطئ الرأس، بل واصل الدفاع عن نفسه ورفض الركون إلى وضعه الحالي، حيث هو بدون راتب شهري، “ما خدّام ما ردّامْ”.

لست في مكان “القاضي” الذي بحث “قضية العراقي” من كل جانب، فتثبت لديه ما ثبت، واتخذ الحكم الذي رآه يتناسب مع حجم التهمة المنسوبة إلى عبد اللطيف العراقي. غير أنني أجدني متعاطفا معه في وضعه الحالي، لا سيما أنه مسؤول عن أسرة ولديه التزامات ويحتاج من هو مسؤول عنهم إلى مصاريف يومية. وبالنتيجة، فإنني متعاطف مع أسرة قد تتهدم أركانها من الأساس، إن ظل الوضع على ما هو عليه.

ربما يحتاج منا قانون العقوبات، في إطار كرة القدم، إلى إعادة النظر في أمور كهذه، انطلاقا من حالات كحالة عبد اللطيف العراقي. فالقانون ليس قرآناً نزل من السماء، موحى به من لدن حكيم خبير. بل هو تخمينات بشرية، يتعين أن تظل تتطور وتنقح، بحسب تطور الحالات، وتجدد القضايا، وتغير الأزمان، وبروز معطيات جديدة لم تكن في الحسبان، وتَبين أنها تؤثر أو تتأثر بما صدر من أحكام في وقت سابق.

مع الأسف، هناك حالات كثيرة من هذا القبيل. ولعل ما يعيشه عبد اللطيف العراقي اليوم يمثل نموذجا سيئا لما هو أسوأ. ذلك أن بعض المظلومين لا يستطيعون الكلام ولا يعرفون طريقا للحديث عن حالاتهم، فيظلون غرقى في مشاكلهم اليومية، إلى أن يأتي من ينعيهم إلينا، ثم تبدأ التصريحات الغليظة، التي لا تسمن ولا تغني من جوع، تقول: “كان رجلا طيبا.. عرفناه لا يؤذي أحدا، ويساعد الناس.. الله يرحمو”.

الرحمة خُلقت للدنيا والآخرة. وإذ خلقها الله للدنيا، فقد أمر بتفعيلها بين الناس، حتى يرحم بعضهم بعضا. “ماشي بْ الله يرحمو”، بل “نْرحمو أنا، وأنت، وغيرْنا”، لعل الله يرحمنا جميعا…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *