*محمد بوحمام

 

نفاجأ من حين لآخر بخلط كبير بين الإبداع والواقع، كمكون أساس للشعر أو النثر أو الصورة، لدرجة محاولة النيل من شخص هذا الكاتب أو ذاك، بغض النظر عن جنسه، وإن كانت الكاتبات أكثر عرضة وتعرضا لتهجمات قدحية، مثلما حصل لرواية “المنكوح” للروائية اللبنانية نسرين النقوزي، من خلال قراءات جافة من خلال العنوان فقط، من دون قراءة الرواية، حيث اعتبره البعض صادما ومستفزا، وتسويقيا، مما أثار جدلا واسعا قدم لها خدمة كبيرة كروائية، أكثر مما أساء إليها كإنسانة، وكمدونة جريئة اختارت أسلوبها الخاص والجريء، في التعاطي مع شخصياتها إبداعيا. وهذا اختيار لا يمكن أن ننازع فيه مهما بلغت درجة الاختلاف، أو إصدار أحكام قيمة على العمل الروائي ككل، من خلال العنوان أو الغلاف، وإن كانا محور بعض الدراسات الجادة، في إطارهما الدلالي، الذي قد يكون مخادعا، ولا يعكس مضامين النص. ولذلك يبقى النص الإبداعي، كلا غير قابل للتجزيء أو الشخصنة، لأي سبب من الأسباب.

فرب ضارة نافعة، كما يقال، فسرعان ما خبت جذوة تلك التهجمات، واستدرجت فضول العديدين، للبحث عن “المنكوح”، في بعض المعارض والمكتبات العربية.

في هذه الأيام تتعرض الشاعرة وفاء بوعتور لحملة شرسة انطلاقا من عنوان ديوانها “نهديات السيدة واو”، و تصدر صورتها الشخصية للغلاف، بنهدين بارزين، كاختيار شخصي، لا يمكن أن نحصره في البعد الجنسي، كما ذهب العديد من قادة هذه الحملة وأغلبهم من النساء، وبعض التعليقات التي تجاوزت ذلك إلى محاولة الاستفزاز والنيل من الشاعرة، كشخص، لأن في ذلك تجنيا فادحا على الديوان كإنتاج إبداعي، له ما له وعليه ما عليه، وهذا يحيلنا طبعا على سلطة الجنس في الأعمال الإبداعية سواء كمكتوب أو كصورة، وأي تشيىء لمكوناته سيقود إلى تأويلات سطحية، من إملاء القصدية أو استهداف ماكر لشخص الكاتب أو الكاتبة.

صحيح أن عناوين وأغلفة الكتب، لا تخلو من حمولة ووظائف دلالية، ولكن لا ينبغي إخراجها من سياقها العام إلى النيل من خصوصية أصحابها أو إسقاطها على حياتهم الشخصية…

*كاتب مغربي      

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *