*جواد مكرم
يبدو أن حزب العدالة والتنمية فقد البوصلة، نحو إعادة بناء الحزب وإحترام مقررات الهيئات التقريرية، ذلك ما تؤكده العديد من مؤشرات الارتباك التي باتت تعيش عليها قيادة الحزب التي تراجعت عن إستقالتها الجماعية عند سقوط 8شتنبر وضبابية الرؤية بخصوص استحقاقات الحزب الداخلية (المجلس الوطني والمؤتمر الوطني).
ولم يعد خافياً على أحد أن مزاعم الديمقراطية الداخلية، وأخلاق العمل الحزبي داخل حزب اسلاموية، لم تكن سوى مغالطة كبرى، سرعان ما إفتضح زيفها مع إنحراف سكة قطار التغيير داخل البيحيدي، نحو القطع مع عودة الشيوخ والمؤسسين والمستوزرين، للمسك من جديد بمقود حزب بات سير على شفا جرف هار.
لذلك ليس غريبا أن يخرج عبد العال حامي الدين أحد كبار حراس المعبد بيت«الطاعة» في قيادة البيحيدي بتدوينة في جوف الليل، عنوانها ب « الديموقراطية أخلاق قبل أن تكون مساطر ».
حامي الدين، الذي بات ربما يرى بأنه خارج حسابات «المكولسين» سيقول :«ليس من عادتي التعليق بطريقة مباشرة على الاختلالات التي ألاحظها داخل التنظيم الحزبي الذي أنتمي إليه، وكنت أعتقد ولا أزال أن المكان الطبيعي لإدارة الاختلاف هو مؤسسات الحزب وأجهزته التقريرية الداخلية، وهي وحدها كفيلة بتدبير الآراء والتقديرات المختلفة..».
وفي فضح صارخ لحقيقة التقية والطهرانية التي يزعمها التنظيم أكد حامي الدين «لكن حينما يتم المس بالضوابط الأخلاقية والدوس على القواعد المتعارف عليها فينبغي التنبيه إلى مخاطر هذه الأساليب وانعكاساتها على الديموقراطية الداخلية لحزب من قبيل حزب العدالة والتنمية، كما أن هناك عامل آخر دفعني للكتابة وسيدفعني مستقبلا هو الحاجة إلى مواجهة اختلالاتنا بالوضوح اللازم الذي يبدو ضروريا بعدما ظهر لي أن موانع الحياء والصمت لا تزيد البعض إلا إصرارا على المضي في اعتماد أساليب ثبت فشلها بكل ما تحمل الكلمة من معنى..».
وتابع «ومع ذلك فإني سأكتفي بالتلميح تجنبا للوضوح الفاضح الذي يمكن أن نلجأ له اضطرارا في مناسبات قادمة..»
وسيقول حامي الدبين بصريح العبارة:«فليس من أخلاق القيادة في شيء أن تحمل هاتفك وتشرع في تركيب أرقام من تعرف من أعضاء المجلس الوطني لتعبئتهم حول فكرة معينة، بدعوى أن حساسيتها تمنعك من قولها في جلسة عامة، وليس من الديموقراطية في شيء أن تشرع في التعبئة القبلية لأسماء معينة ضدا في أسماء أخرى بحجة الحفاظ على المصلحة العامة وعلى وحدة ومصلحة الحزب..»
وبتعبير إستنكاري للوضع القائم في حزب العدالة والتنمية، وما يعتمل في الكواليس بعيدا عن أنظار الاتباع والموردين يقول حامي الدين الذي كان الى وقت قريب ماسكاً بخيوط اللعبة داخل البيحيدي « كفى..باراكا..».
ووسط إتهامه بالافتقاد الى الشجاعة في فضح المعنيون بالاسماء والصفات ومحاولة الضغط القبلي لكسب منافع ما هو بعدي خلص حامي الدين إلى إستعمال لغة الوعيد في مخاطبة من يهمهم الأمر بقوله :« في تدوينة قادمة سأشرح المخاطر التي تهدد المصلحة العامة بالفعل إذا تراجع حزب العدالة والتنمية عن القيام بدوره الحقيقي في هذه البلاد».