محمد أسليم

إذا نسخ “طالب العلم” شيئا من كتب العلوم الشرعية فينبغي أن يكون على طهارة، مستقبلَ القبلة، طاهر البدن والثياب، بحبر طاهر.

ويبتدئ كلّ كتاب بكتابة “بسم الله الرحمن الرحيم”، فإن كان الكتاب مبدوءا فيه بخطبة تتضمن حمدَ الله تعالى والصلاة على رسوله صلى الله عليه وسلم كتبها بعد البسملة، وإلا كتب هو ذلك بعدها، ثم كتب ما في الكتاب (…).

وكلما كتب اسم النبي صلى الله عليه وسلم كتب عليه بعدُ: الصلاة عليه والسلام، ويُصلي هو عليه بلسانه أيضا (…) ولا يَختصرُ الصلاةَ في الكتابة -ولو وقعت في السطر مرارا- كما يفعل بعضُ المحرومين المتخلفين فيكتبُ: صلع، أو صم، أو صلسلم، وكل ذلك غير لائق بحقه”…
بدر الدين الشافعي، تذكرة السامع والمتكلم في أدب العالم والمتعلم، بيروت، دار البشائر الإسلامية، الطبعة الثالثة، 2012، ص. 129 -130.
***
“ومن حقه (الوراق) ألا يكتب شيئا من الكتب المضلَّة؛ ككتب أهل البدع والأهواء؛ وكذلك لا يكتب الكتب التي لا ينفع الله تعالى بها؛ كسيرة عنترة وغيرها من الموضوعات المختلفة التي تضيع الزمان، وليس للدين بها حاجة؛ وكذلك كتب أهل المجون، وما وضعوه في أصناف الجماع، وصفات الخمور وغير ذلك مما يهيِّجُ المحرَّمات. فنحن نحذر النساخ منها؛ فإن الدنيا تغرّهم. وغالبا مُستكتِب هذه الأشياء يعطى من الأجرة أكثر مما يعطيه مستكتب كتب العلم. فينبغي للناسخ ألا يبيع دينه بدنياه.

ومن النساخ من لا يتقي الله تعالى ويكتب عن عجلة؛ ويحذف من أثناء الكتاب شيئا؛ رغبة في إنجازه إذا كان قد استُؤجر على نسخه جُملة. وهذا خائن لله تعالى في تضييع العلم، وجعل الكلام بعضه غير مرتبط ببعض، ولمصنف الكتاب في بتره تصنيفه وللذي استأجره في سرقته منه هذا القدر”.
تاج الدين السبكي، مُعيدُ النعم ومُبيدُ النِّقم، بيروت، مؤسسة الكتب الثقافية، ط. 1، 1986، ص. 101-102.
***

“وتعاطى [محمد بن علي بن صلاح الحريري، ولد بالقاهرة عام 780 هـ] التجارة في الكتب وصار ذا براعة تامة في معرفتها وخبرة زائدة بخطوط العلماء والمصنفين، بحيث إنه يشتري الكتاب بالثمن اليسير ممن لا يعلمه، ثم يكتب عليه بخطه أنه خط فلان، فيروج.

وقد يكون ذلك غلطا لمشابهته له، بل وربما يتعمد لأنه لم يكن بعمدة حتى أنه ربما يقع له الكتاب المخروم، فيوالي بين أوراقه أو كراريسه بكلام يزيده من عنده أو بتكرير تلك الكلمة بحيث يتوهم الواقف عليه قبل التأمل تاما. وقد يكون الخرم من آخر الكتاب، فيلحق ما يوهم به تمامه. ولما مات وُجد عنده من الكتب ما يفوق الوصف مما لم يكن في الظن أنه عنده”.
شمس الدين السخاوي، الضوء اللامع لأهل القرن التاسع، بيروت، دار الجيل، بدون تاريخ، ص. 148.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *