رضوان الباعقيلي

 

يتوجه الناخبون الكبار في الخامس من أكتوبر الجاري إلى صناديق الاقتراع، لاختيار ممثليهم في مجلس المستشارين، مسدلين، بذلك، الستار على الشوط الأخير من الاستحقاقات الانتخابية التي شهدتها المملكة هذه السنة.

وبإجراء هذا الاقتراع ستكتمل تركيبة البرلمان المغربي وفق نظام المجلسين الذي كرسه دستور 2011، لتؤكد المملكة، مرة أخرى، أنها ماضية بثبات، رغم إكراهات جائحة كوفيد 19، في توطيد صرح المؤسسات الديمقراطية انسجاما مع أحكام الدستور التي تنص على أن مشروعية التمثيل الديمقراطي تستمد أساسها من الانتخابات الحرة والنزيهة والشفافة.

وقد أعطت الانتخابات التشريعية والجهوية والمحلية التي نظمها المغرب ،باستحقاق، في الثامن من شتنبر الدليل ،إن كان الأمر يحتاج إلى دليل، على علو كعب المملكة وقدرتها المتميزة على رفع التحديات الكبرى بتنظيم الانتخابات في موعدها العادي وفي ظروف تنظيمية محكمة بالرغم من الظرفية العصيبة التي يعيشها المغرب كما باقي بلدان العالم.

وتأتي انتخابات مجلس المستشارين في ظل مشهد سياسي وحزبي جديد، أفرزته نتائج اقتراع 8 شتنبر الذي انبثقت عنه أغلبية حكومية قوامها ثلاثة أحزاب ، (التجمع الوطني للأحرار ، والأصالة والمعاصرة والاستقلال) ، وهي الأحزاب ذاتها التي تصدرت نتائج انتخابات الغرف المهنية وانتخابات مجالس الجماعات والمقاطعات والجهات.

ومن المتوقع أن ترجح النتائج التي حصدتها الأحزاب الثلاثة في انتخابات الغرف المهنية والمجالس الترابية كفتها في الاستحقاق الانتخابي لمجلس المستشارين، إذا ما أخذنا بعين الاعتبار تمثيلية هذه الهيئات داخل المجلس.

ووفقا لهذه القراءة، فإن حيازة الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي الثلاثي للأغلبية في مجلس المستشارين، وبالتالي تكرار سيناريو مجلس النواب، وهو احتمال وارد وفقا للمعطيات سالفة الذكر، من شأنه إضفاء نجاعة أكبر على عمل الحكومة والمؤسسة التشريعية وتثمين وعقلنة الزمن التشريعي.

وكان قادة الأحزاب الثلاثة قد أكدوا بمناسبة الإعلان عن الأغلبية الحكومية على ضرورة” تعزيز التنسيق بين مكونات الحكومة على المستوى القطاعي، وكذا على صعيد تمثيليات الأحزاب المتحالفة على المستويين الجهوي والمحلي بما يتيح بلورة برنامج حكومي إصلاحي جامع، يأخذ بعين الاعتبار الالتزامات المتضمنة في البرامج الانتخابية ويسهم في استعادة الثقة في المؤسسات “.

وسيتم انتخاب الـ 120 عضوا الذين يشكلون مجلس المستشارين وفق القواعد والكيفيات التالية: اثنان وسبعون (72) عضوا يمثلون الجماعات الترابية وينتخبون على صعيد جهات المملكة، و20 عضوا يمثلون الغرف المهنية وثمانية أعضاء يمثلون المنظمات المهنية للمشغلين الأكثر تمثيلية، و20 عضوا تنتخبهم على الصعيد الوطني هيئة ناخبة مكونة من ممثلي المأجورين.

وتجري انتخابات أعضاء مجلس المستشارين وهي الثانية في كنف دستور المملكة لسنة 2011، عن طريق الاقتراع باللائحة وبالتمثيل النسبي على أساس قاعدة أكبر بقية ودون استعمال طريقة مزج الأصوات والتصويت التفاضلي.غير أن الانتخاب يباشر بالاقتراع الفردي وبالأغلبية النسبية في دورة واحدة إذا تعلق الأمر بانتخاب مستشار واحد في إطار هيئة ناخبة معينة.

وقد انطلقت الحملة الانتخابية برسم هذه الانتخابات في الساعة الأولى من يوم الثلاثاء 28 شتنبر وتتواصل إلى غاية الساعة الثانية عشرة (12) ليلا من يوم الإثنين 4 أكتوبر الجاري.

وبالنظر إلى كون مجلس المستشارين يعكس البعد الترابي والاقتصادي والاجتماعي داخل البرلمان المغربي ، ومن منطلق الصلاحيات التي يتمتع بها في مجال التشريع ومراقبة عمل العمل الحكومي والدبلوماسية البرلمانية، فإنه من الوجيه استحضار الرهانات والتحديات التي يواجهها المغرب والتي ستشكل دون شك صلب انشغالات المجلس على امتداد ولايته التشريعية.

ويأتي على رأس هذه الرهانات كسب المعركة من أجل قضية الوحدة الترابية للمملكة والتصدي للتداعيات السوسيو اقتصادية للأزمة الصحية الناجمة عن جائحة كوفيد 19 لاسيما من خلال مواكبة الورش الاجتماعي الكبير المتعلق بتعميم الحماية الاجتماعية والذي أعلن عنه صاحب الجلالة الملك محمد السادس في خطابه السامي بمناسبة عيد العرش، فضلا عن التنزيل الفعلي للنموذج التنموي الجديد وفق التصور والأهداف المسطرة في تقرير اللجنة الخاصة التي عينها الملك.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *