صبري الحو *

أصدرت المحكمة الأوروبية للعدل حكما بإلغاء البروتوكول 1و4 المرتبط بالشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي بخصوص الاتفاق الفلاحي واتفاق الصيد البحري. وبالرغم من كون القرار ابتدائيا، ولم يكتسب بعد حجيته وصفته الإلزامية، وكون المغرب ليس طرفا فيه، فإننا ارتأينا رصد بعض مظاهر سوء الفهم والخرق القانوني التي تعتريه.

فقرار محكمة العدل الأوروبية يسير ضد التيار العام أمميا ودوليا وجهويا وإقليميا وأوروبيا في دعم وتعزيز المقاربة السياسية في نزاع الصحراء المغربية من خلال البحث عن حل سياسي واقعي وعملي.

ويعتبر القرار تأثيرا غير مباشر في مسار بحث الأمم المتحدة عن هذا الحل، في نفس الوقت الذي يمس باتفاق الشراكة بين المغرب وأوروبا التي لم يوجه إليها أي طعن في وقتها وحينها، وتحصنت هذه الطعون الفرعية.

أولا: بإصدار القضاء الأوروبي لقرار إلغاء اتفاق الصيد البحري والزراعي بين المغرب والاتحاد الأوروبي، يكون هذا القضاء تجاوز كل الضوابط القضائية المتعلقة بالصفة والأهلية.

ثانيا: إذ إن البوليساريو لا تتمتع بالصفة في اللجوء إلى القضاء وفقا لقرار نفس المحكمة سنة 2016، فهي لا تستمد أوراق وجودها القانوني من إحدى الدول المعترف بها دولية.

ثالثا: لا يعترف بها الاتحاد الأوروبي ولا الأمم المتحدة ولا منظمة دول عدم الانحياز وغيرها كدولة.

رابعا: استغلال الثروات الطبيعية في الصحراء محكوم بقواعد القانون الدولي وبالرأي الاستشاري لهانس كوريل في فبراير 2002، الذي يشترط فقط أن تنفق في تنمية الإقليم ولصالح الساكنة.

خامسا: اشتراط موافقة البوليساريو لصحة الاتفاقات هو فرض لأمر غير موجود واقعا وقانونا.

سادسا: القرار القضائي يمنح التمثيلية للبوليساريو على حساب ساكنة الصحراء وممثليهم في البرلمان والجهة والمجالس الترابية الأخرى.

سابعا: هو بمثابة اتخاذ لموقف سياسي واضح ومسبق متحيز وغير حيادي لصالح البوليساريو. واتخاذ نظير هذا الموقف يعني أن هنالك قصورا في الفهم والتنسيق بين أجهزة وآليات الاتحاد الأوروبي؛ مجلس أوروبا، المفوضية والبرلمان.

ثامنا: البرلمان الأوروبي بصفته الجهة التي تعكس إرادة الأمة الأوروبية صادق على الاتفاقيات، ويشرع القوانين، فكيف لجهة قضائية( المحكمة الأوروبية) تسهر على احترام هذه الإرادة أن تلغي اتفاقا صادق عليه البرلمان الأوروبي.

تاسعا: اتفاقية لشبونة المحددة ليسر عمل الأجهزة هو الفيصل في اختصاص المحكمة الأوروبية، وإصدار ها لقرار بإلغاء اتفاق تم وصادق عليه برلمانها في غياب قواعد قانونية أوروبية تحرم اللجوء إلى ذلك الاتفاق؛ يعتبر اعتداءا على اختصاص البرلمان الأوروبي، وبالتبعية إرادة الأمة الأوروبية .

عاشرا: القضاء الأوروبي لا يحترم هذه الإرادة في ظل عدم وجود قاعدة أوروبية أو دولية تمنح الصفة للبوليساريو وتقصي ساكنة الصحراء. بل إن الدول اعضاء الاتحاد الأوروبي لا تعترف بهذه التمثيلية للبوليساريو.

إحدى عشر: هذا القرار يعكس اختلافا في الفهم داخل غرف محكمة العدل الأوروبية؛ وبالضبط بين قضاة أوروبا الشرقية وشمال أوروبا ودول الوسط والجنوب الأوروبي. وهذا القرار مظهر من ذلك التنافس والصراع.

اثنى عشر: القرار شأن أوروبي محض لأن المغرب ليس طرفا فيه، فهو ليس طرفا أصليا، ولا مدخلا، ولا متدخلا في الدعوى رغم الإمكانية القانونية له في النظام الداخلي للمحكمة. واختار عدم التدخل وحسنا فعل. فالحقوق المغربية ذات شرعية تاريخية ورجحان قانوني ورضاء شعبي، لا يمكن تركها هوى قناعة قاض او قضاة مهما بلغ حيادهم ونزاهتهم.

والقاعدة القانونية والفقهية والقضائية تقول؛ إن القرارات والأحكام لا تلزم إلا من كان طرفا فيها. تبعا لنسبية أثرها.

على سبيل الخاتمة والتوصية: على أوروبا أن تعالج مشاكل أجهزتها، وأن تمارس الطعون بما فيه الاستئناف أمام المحكمة الأوروبية كجهة استئنافية لتصحيح هذا القرار المجحف وغير القانوني ولتضمن الاستقرار لعلاقاتها الاستراتيجية مع المغرب.

وهو التزام يؤول عليها وعلى عاتقها، فالقرار صادر عن آليتها القضائية. وعليها أن تظهر للمغرب وبالملموس حرصها على شراكتها معه بقدر وعلى غرار الحرص المغربي.

 

*محامي بمكناس وخبير في القانون الدولي، الهجرة ونزاع الصحراء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *