le12.ma: وكالات
أفرغ الناس في جميع أنحاء أستراليا غبارهم من المكنسة الكهربائية في داخل أكياس ليتم تحليلها ضمن برنامج “داست سايف” أو DustSafe التابع لجامعة ماكاري في سيدني. والغبار هو عبارة عن جزيئات صلبة دقيقة جدا موجودة في الغلاف الجوي يقدر قطرها بأقل من 50 ميكرومتر، ويبلغ قطر الذرة الواحدة منه أقل من 1/1000 ملم.
غبار في كل مكان
يستقر الغبار على جميع الأسطح داخل المنازل والمباني وفي الأماكن الخارجية. وكشفت دراسة أجريت في جامعة كلورادو الأمريكية أن الغبار يحتوي في المتوسط على تسعة آلاف نوع مختلف من الجراثيم. واكتشف الباحثون أن أنواع البكتيريا والفطريات تتنوع بحسب المنطقة التي يقع فيها المنزل، ومن يعيشون فيه.
وبحسب الدراسة الأسترالية، تبين للخبراء أن الغبار يحتوي على آثار للمعادن، والعناصر المشعة، والجينات التي تجعل البكتيريا مقاومة للمضادات الحيوية، والبلاستيك الدقيق والمواد الكيميائية المشبعة بالفلور (PFAS) الموجودة في إسفنجة التنظيف والبقع والأقمشة والسجاد وبعض مواد التعبئة والتغليف وغيرها. فضلا عن الحشرات المتحللة وقطع الطعام والبلاستيك والتربة كذلك، فضلا عن الطهي والتدخين والمدافئ المفتوحة.
وتشير بعض التقديرات إلى أن ثلث الغبار الموجود في المنزل يأتي من مصادر توجد بداخله، بالإضافة إلى مصادر أخرى خارجية تصل عن طريق الهواء والملابس والحيوانات الأليفة والأحذية وما إلى ذلك.
الغبار والمواد الكيميائية
يحتوي الغبار على مجموعة كبيرة من المواد الكيميائية، بما في ذلك تلك المدرجة في اتفاقية ستوكهولم الخاصة بالملوثات العضوية الثابتة التابعة للأمم المتحدة، والتي ترتبط ببعض أنواع السرطان والعيوب الخلقية والجهاز المناعي والإنجابي، وقابلية أكبر للإصابة بالأمراض وتلف الجهاز العصبي.
وتتشكل المواد الكيميائية المستخدمة في المبيدات وفي الملابس والأثاث. وتُستخدم مثبطات اللهب السامة في عدد لا يحصى من المنتجات المنزلية، بما في ذلك بيجامات الأطفال.
ويحتوي الغبار أيضا على جزيئات بلاستيكية دقيقة من الملابس والتعبئة والسجاد والمفروشات، يتم استنشاقها وابتلاعها بسهولة، خاصة من قبل الأطفال الذين غالبا ما يضعون أيديهم في أفواههم.
كما تستخدم المواد الكيميائية المفلورة أو (PFAS) المعروفة باسم “المواد الكيميائية الدائمة”، في العديد من المنتجات المحلية بما في ذلك مستحضرات التجميل وبعض الأسطح غير اللاصقة.
غبار من خارج المنزل
يأتي حوالي ثلثي الغبار المنزلي من الخارج إذ تدخل جزيئات الغبار عن طريق الأحذية وتربة الحديقة والحيوانات الأليفة والسيارة الشخصية.
بالإضافة إلى ذلك، تساهم العواصف الترابية أو حتى الرياح العادية في نقل الغبار من التربة السطحية والأراضي الزراعية والمناطق الصحراوية. ونتيجة لذلك، نجد أطفالا تسوء حالتهم بسبب تعرضهم لمواد سامة في بعض المناطق بسبب انتقال الغبار من المناجم والمصانع القريبة من مسكنهم.
وكشفت الدراسة أن واحدا من كل خمسة أستراليين تقريبا يعاني من التهاب الأنف التحسسي (حمى القش) الناجم عن مسببات الحساسية المرتبطة بالغبار مثل عث الغبار، وحبوب اللقاح، ووبر الحيوانات الأليفة وجزيئات الجلد.
فوائد الغبار
بالرغم من كل شيء، لا يزال الغبار يشكل جزءا من الحياة اليومية، حتى عند إغلاق جميع النوافذ والأبواب، يتسلل الغبار من أفاريز الأسقف ومساحات العلية والشقوق.
ويساعد هذا الجسم الدقيق جدا في إزالة أطنان من الغازات السامة من الجو، إذ أكد بعض الباحثين أن الغبار الناتج من الأمطار يتحول إلى سماد للأرض فيعود بالنفع على الشجر والنباتات، حيث يقوم بنقل حبيبات اللقاح من العناصر الذكرية للزهرة إلى العناصر الأنثوية لتتم عملية التلقيح وتكوين الثمار.
ومن المدهش معرفة أن الغبار يساعد على تحسين مناعة الأطفال، حيث ينصح للأطفال باللعب في الخارج وممارسة أنشطة يدوية وتعرضهم للغبار حتى يعزز لديهم المناعة ضد أمراض الحساسية والربو. وقد أوضحت دراسات علمية حديثة أن الغبار يزيد من قدرة الطفل على مقاومة البكتيريا الضارة.
وللغبار أهمية كبيرة في إمداد أسطح البحار والمحيطات بالعناصر المهمة كالسيلكون والنحاس والزنك والفسفور والحديد، وهي عناصر مهمة لتكاثر وتغذية الكائنات الدقيقة النباتية البحرية مما يؤدي إلى التقليل من نسبة غاز ثاني أكسيد الكربون في الجو.