في نهار عيد الأضحى تختفي القطط من البيوت، وقد ظل هذا لغزا محيرا، وعندما كنا نسأل الكبار عن السبب كانوا يقولون أنا القطط تذهب إلى الحج في هذا اليوم. 

والحال أن هذه الظاهرة لديها تفسير علمي يرتبط بارتفاع نسبة الأدرينالين الحيواني في الهواء بسبب الهلع الذي يصيب الخرفان ساعة الذبح، إذ لا يحترم كثيرون السنة النبوية في هذا الباب والتي تحث على إخفاء السكين عن الأضحية وعدم ذبح خروف أمام خروف آخر. 

والقطط بحاسة شمها الدقيقة تستشعر بسبب الهواء المشبع بالأدرينالين أن خطرا يحدق بها فتبحث عن أمكنة للاختباء فيها إلى أن تزول هذه الرائحة من الهواء والتي بزوالها يزول إحساسها الغريزي بالخطر. 

هذا شرح علمي سبق أن قرأته حول اختفاء القطط يوم العيد وأقنعني إلى حد ما. 

لكن الظاهرة التي تحدث كل انتخابات ولا أجد لها تفسيرا علميا هي اختفاء المئات من المستشارين في ظروف غامضة أيامًا قليلة على اجتماعات انتخاب مجالس الجماعات. 

والآن في هذه الساعة التي أحدثكم فيها هناك مدن وأحياء يتساءل سكانها عن لغز اختفاء مستشاريهم الذين صوتوا عليهم في الانتخابات، والذين تبخروا فجأة وأغلقوا هواتفهم ولا يعرف أحد وجهتهم وكأن الأرض انشقت وابتلعتهم. 

التفسير العلمي الوحيد لهذه الظاهرة هو أن هذا الإحتجاز الطوعي من فئة خمسة نجوم بغرف الفنادق والمنتجعات وقبو الفيلات والضيعات هو الطريقة الوحيدة لدى بعض الطامعين في رئاسة المجالس لتحقيق هذا الهدف. 

ولو أن مخرج السلسلة التلفزيونية الأمريكية الشهيرة “الطيور تختفي لكي تموت” لازال حيا وجاء إلى المغرب لكان أخرج سلسلة جديدة ستحطم كل أرقام المشاهدات عنوانها “المستشارون يختفون لكي يصوتوا”. 

في سنوات الرصاص كانت الدولة تختطف السياسيين وتحتجزهم بسبب مواقفهم واليوم أصبح بعض السياسيين هم من يختطفون ويحتجزون رفاقهم السياسيين بإرادتهم 

وعن طواعية، فيتكفلون بأكلهم وشربهم ونشاطهم “السياسي” إلى غاية حلول ساعة التصويت فيأتون بهم مثل الدجاج المكتف إلى مقر المجلس لكي يصوتوا على مختطفهم وينصبوهم رؤساء عليهم. 

لذلك لا تستغربوا إذا لاحظتم اختفاء بعض مستشاريكم الفائزين في الانتخابات الجماعية، فالأمر لا يعدو أن يكون اختفاء غير قسري أملته الضرورة السياسية، فأغلبهم وقعوا شيكات على بياض لخاطفيهم ولا يستطيعون الظهور للعلن قبل موعد التصويت على معالي رئيس المجلس البلدي خوفا من أن يتابعهم بتهمة إصدار شيك بدون رصيد والانتهاء خلف القضبان. 

رشيد نيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *