توفيق الناصري

 

تفاجأ المغاربة بارتفاع صاروخي في أسعار عدد من المواد الاستهلاكية خلال الأيام الأخيرة، في غمرة الانشغال بالانتخابات.

ويتعلق الأمر أساسا بالطحين، والقمح، وزيت المائدة، والشاي وبعض القطاني، والتي سجلت معظمها زيادة تعد الخامسة من نوعها في ظرف أشهر قليلة، دون أن تبادر الشركات إلى بسط أي تبرير، أو توزيع أي ملصقات توضح للزبناء الأسباب التي تقف وراء رفع السعر.

وطرحت هذه الزيادات الكثير من علامات الاستفهام لدى الباعة بالتقسيط وأصحاب محلات البقالة وكذا المواطن البسيط الذي أصبحت قدرته الشرائية مهددة.

غلاء يكوي الجيوب

جولة صغيرة داخل السوق الأسبوعي لمدينة تمارة، لتسمع الباعة يهتفون بأثمنة البضائع.

عبد الرحيم غبور، خمسيني، يعمل حمالا بنفس السوق. يشكو مثل غيره من ذوي الدخل المحدود من ارتفاع الأسعار الذي أحدث ثقبا في جيبه.

وهو يهب لوضع بعض حبات البطاطس في كيس، قال في تصريح ل”سكاي نيوز عربية”، أنا لم أكن يوما أتهافت على اللحم، لأن ثمنه ليس في المتناول. ما لم أفهمه، هو أن قوت المساكين من خضر وعدس وطحين وشاي، عرف ارتفاعا كبيرا. فماذا سأطعم أبنائي؟”

من جانبه قال ادريس، بائع خضار بسوق السبت، إن الزبائن كانوا في السابق يشترون الخضار بزيادة عما يحتاجونه، وأصبحوا الآن بسبب الزيادة في الأثمان، يكتفون بما يسدّ حاجة الأسبوع، مؤكداً أن يومي السبت والأحد يعرفان رواجاً بحكم العطلة الأسبوعية.

أما عبد الصمد، وهو موظف دخله متوسط، فأشد ما يخيفه هو “ارتفاع الأسعار خلال هذا الشهر، ويؤكد أنها ستكون محنة مالية مضاعفة ترهق ميزانية الأسر، خصوصا أننا على مشارف الدخول المدرسي وما يرافقه من مصاريف”.

حماية المستهلك

في تعليقه على الارتفاع الصاروخي، في أسعار بعض المواد الغذائية، حدر أحمد بيوض، مستشار في مجال الاستهلاك وحماية المستهلك، من استمرار وتيرة ارتفاع الأسعار، مشيرا إلى أنها تضرب القدرة الشرائية للطبقات الهشة.

وعبر بيوض في حديث مع “سكاي نيوز عربية” عن استنكاره لهذه الزيادات، مؤكدا أن الغلاء يعزى لجشع بعض الشركات التي تحاول تدارك ما فاتها خلال الأزمة الصحية.

كما حمل الخبير المسؤولية للحكومة المنتهية ولايتها، التي سنّت قانون حرية المنافسة، دون أن تسهر على تنفيذه كاملا، بما يضمن حقوق المستهلك ويحميه من لهيب الأسعار.

ووفقا للمادة الثانية من القانون 104.12، فإن أسعار السلع والمنتجات والخدمات تُحدد عن طريق المنافسة الحرة، عدا السلع والمنتجات والخدمات التي تحدد قائمتها بنص تنظيمي بعد استشارة مجلس المنافسة.

وأكد بيوض في السياق ذاته أن مجلس المنافسة مطالب هو الآخر بالتعامل بصرامة مع الخروق التي تمس جيب المواطن.

كما نبه المستشار في الاستهلاك، إلى خلو البرامج الانتخابية للأحزاب من خطة واضحة لحماية المواطن من تطاول الشركات وسعيها للربح السريع.

“غلاء” كان منتظرا

وتوقعت المندوبية السامية للتخطيط وهي مؤسسة تابعة للحكومة، في تقرير لها صدر في مارس الماضي، ارتفاعا في أسعار الاستهلاك ابتداء من شهر أغسطس، متأثرة على الخصوص بزيادة أسعار المنتجات الغذائية، لا سيما الفواكه والخضروات وزيوت المائدة.

وأوضحت المندوبية، في المذكرة ذاتها، أن هذا الارتفاع يعزى إلى تعاقب سنتين من الجفاف على التوالي، وكذلك لارتفاع أسعار المواد الخام الزراعية في السوق الدولية، ليرتفع معدل التضخم بشكل طفيف خلال سنة 2020، محققا نموا بنسبة 0.7 في المئة، عوض 0.2 في المئة خلال 2019.

وزيادة على ذلك، كشفت المؤسسة بخصوص الارتفاع الذي عرفته أسعار زيوت المائدة بالمغرب، أن ذلك راجع لارتفاع أسعار المواد الخام في السوق الدولية، كما ارتفعت أسعار الصويا والذرة بنسب مرتفعة، وهو الارتفاع الذي طال القمح، وقد يطال اللحوم الحمراء والبيضاء والبيض، حيث إن 87 في المئة من أعلاف الحيوانات والتسمين تتكون من الذرة والشعير والصويا، ومعظمها تستورد من الخارج.

سكاي نيوز عربية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *