ت ت
على غرار “مي الهرنونية” الشخصية التي ارتبطت ، في المخيال الشعبي المغربي، بـ “كثرة النكير”، و “التهرتيف”، أطل بنكيران مجددا، من خلال “لايف” مباشر، عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، لاَ ليناقش الأزمة التي يعيشها المواطن المغربي، جراء تداعيات “جائحة فيروس كورونا”، أو ليتوجه الى خصوم وأعداء المملكة، الذين يتربصون بها شرا من كل جانب، بل فقط لتصريف أحقاد شخصية، ومهاجمة من كان يصفهم، إلى حدود الأمس القريب بـ “ولاد الناس”.
ولعل الاستنتاج الوحيد، الذي سيخرج به المرء، من مشاهدته لهاته الخرجة “الغريبة”، هو أن كلام بنكيران أصبح يثير السخرية والاشمئزاز، أكثر من “إثارته” للجدل أو النقاش، أو أي شيء آخر، بالنظر إلى الكم الهائل من التراهات والسخافات، التي بات يتفوه بها، وإصراره “المقيت”، على مهاجمة الآخرين، بشكل عشوائي، ودون إستحضاره لأي وازع، بما في ذلك الوازع الديني الذي ينهى عن مثل هاته السلوكيات.
وبينما المغرب يتخبط في ظروف سياسية واقتصادية صعبة، ينبري “سّيهم بنكيران”، لتقليب “العْقود الراشية” كما يقول المغاربة، وترديد نفس الأسطوانة المشروخة التي مل الجميع من سماعها، حول إبعاده من حكومة 2016، التي عجز عن تشكيلها، في وقت لا زال يصر فيه، وبشكل غريب، على تحميل المسؤولية، في ذلك إلى “عزيز أخنوش” رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي لم يقم بالنهاية سوى بدوره كزعيم سياسي، مع ما يقتضيه ذلك، من دفاع عن مصالح حزبه.
ولعل هذا اللغو الفاضح لعبد الإله بنكيران، ومهاجمته “عزيز أخنوش” في كل مناسبة، وتعمده التقليل من شأنه ومن قدرته على رئاسة الحكومة، يحتاج إلى جيش من الأطباء النفسانيين، من أجل الانكباب على دراسة هذه الظاهرة، التي وإن لم يعلنوا عنها كحالة مرضية، فلا شك سيعتبرونها حالة غير مفهومة، أقرب ما تكون إلى الهلوسة.
وقبل الشروع في تفكيك “خرجة بنكيران”، التي ربما سيعتبرها البعض، الأولى من نوعها خلال هاته الحملة الانتخابية، بينما الحقيقة أن “الأمين العام السابق لحزب المصباح”، ضل حاضرا منذ بدايتها، من خلال توظيفه محسوبين على تياره، لاستهدف وتوجيه الضربات لعزيز أخنوش”، خاصة منهم “إدريس الازمي”، الذي تفوه بنفس الكلام ، الذي جاء على لسان بنكيران في خرجته لهذا اليوم، وهو ما يؤكد أن كلام “موسيو الديبشخي”، لم يكن سوى رجع صدى لزعيمه “بنكيران” تحت شعار “أعطيني فمك ناكل بيه الثومة”.
والواقع أن لا شيء يعكس نفاق، “عبدالإله بنكيران”، مول “المعاش ديال سبعة ديال المليون، الذي قال في رئيس حزب التجمع الوطني للاحرار ، ما لم يقله مالك في الخمر، سوى قصائد المديح التي كان يمطره بها، خلال مشاورات تشكيل الحكومة، عندما كان يسعى، إلى تشكيل أغلبيته الحكومية، واصفا إياه بـ “ولد الناس” و”الوطني الكبير”، في مقابل وصفه لأعضاء بيجيدي الذي كانوا يهاجمونه بـ “المداويخ” والصكوعة.
ولاشك أن حزب “الاحرار”، قد فطن حينها الى خطة بنكيران”، الذي لم يكن يبحث عن شراكة حقيقية مع باقي الأحزاب، بل كان يريد فقط أحزاب تابعه خاضعة له ، على شاكلة ما وقع في حكومته الأولى، قبل أن يعود اليوم حاملا شعار ” لاعوبي ولا حارومي”، على بعد يومين فقط من انطلاق العملية الانتخابية.
فما الذي يبحث عنه بنكيران وما الذي يريده ؟
الظاهر أن ما يريده بنكيران، وقد اعترف بذلك، بعظمة لسانه في خرجته لنهار اليوم، هو الاستمرار في “قهر المواطن المغربي”، و تمرير القرارات اللاشعبية، “بالضحك واللعب و”التكركير” والنكت، وهو ما أكد عليه بقوله “واش آسي اخنوش يلا وليتي رئيس حكومة غادي تقدر تحيّد ما تبقى من صندوق المقاصة ورفع الدعم عن المواد الأساسية” ..واش عندك “الكاريزما لهادشي”.
إذن فهو بذلك يُقر، بما اقترفه خلال توليه مهمة رئاسة الحكومة من جهة، كما يكشف للمغاربة عما ينتظرهم في حال إعادتهم التصويت لصالح حزب العدالة والتنمية، الذي في حال عودته الى الحكومة مجددا، سيجد المغاربة أنفسهم أمام قرارات لا تقل سوءً عن سابقتها، تستهدف ما تبقى من معيشهم اليومي، وتجعلهم يواجهون “غلاء البوطة” و “الدقيق” و”السكر”، التي ستتضاعف أثمنتها ،بعد استكمال عملية الاجهاز على صندوق المقاصة.
وقديما قال أحد الحكماء ” كالليل والنهار، والظلام والنور، لا يُحب أحدهما الآخر، فكذلك السفيه والعاقل، يتعارفان باختلافهما. وقد قيل في مَثل آخر : “بضدها تتميز الأشياء”.
ولاشك أن بنكيران بخرجته تلك، قدّم خدمة جليلة لحزب “التجمع الوطني للأحرار” خدمة، ومن خلاله الى عموم المغاربة، الذين باتوا الآن يعرفون جيدا، ما ينتظرهم في حال منحهم مجددا أصواتهم لحزب “الأباجدة”، الذي أثبت فشله على جميع الأصعدة، طيلة عشر سنوات من توليه قيادة الحكومة، وأنه قد آن الأوان، لإعطاء نفَس جديد لمواقع المسؤولية، واختيار الحزب التي تعهد للمغاربة بالزيادة في رواتبهم، ومحاربة الهشاشة، وتعميم التغطية الصحية، وتحسين أوضاعهم المعيشية.
وربّ ضارة نافعة، فبفضل هذا الخروج غير الموفق لصاحب “معاش سبعة ديال المليون”، بات واضحا اليوم للجميع، “المعدن” الحقيقي لعبدالاله بنكيران، الذي ظهر يائسا مفتقدا لماء وجهه.
كما تيقن المغاربة، الذين أمطروا “بثه المباشر” بسيل من التعليقات التي تنتقده وتنتقد حقبة العدالة والتنمية برمتها، أن “سّيهم بنزيدان” وبعدما “أكل عليه الدهر وشرب”، وتجاوزه التاريخ، أضحى فقط يتلهى بالسياسة، ولم يعد يمتهنها، مستمتعا بهواية ” دير العصا فالرويضة “، متبنيا قاعدة “عليّ وعلى أعدائي”، في حكاية “شمشون الجبار”.