*عبد الواحد درويش

وهو يحتفل بعيد ميلاده الستين يوم 05 غشت الماضي، وعوض أن يخلد لتقاعد مريح يتمتع فيه بالمناضر الطبيعية الخلابة لمدينة “نيس” الفرنسية حيث يقطن منذ عقود، قرر علي أزوكاغ، (باعلوان بالنسبة لأصدقاءه ورفاقه)، أن يلبي نداء الوطن ويعود لبلدته الأصلية بتنغير حيث قرر الترشح للانتخابات الجماعية المرتقبة يوم 08 شتنبر الجاري بجماعة “تودغى العليا”.

في محاداة الطريق المؤدي إلى “مضايق تودغى” العالمية، يوجد “إغرم نايت سنان”. هذا القصر، هو من واحد من أقدم قصور واحة تودغا وقد ذكر في مراجع تاريخية عريقة كواحد من أقدم التجمعات السكانية بالجنوب الشرقي الذي يمتد فيه الاستقرار البشري لأكثر من 3000 سنة (المراجع: البكري، ليون الإفريقي، مارمول، سيكونزاك، الناصري، بوبير..).

هنا عاش علي طفولته في أحضان قبائل عرفت على مدى التاريخ بشراسة مقاومتها لمختلف أشكال الغزو والظلم والاستبداد.

لقد كان والد علي، المرحوم الحاج عبو أزوكاغ، من الرعيل الأول للمقاومة بمدينة الرباط، وكان من أقرب المقربين للمرحوم المهدي بنبركة. ولأسباب مرتبط بحساسية منصبه كموظف في إحدى السفارات الأجنبية بالرباط، ولارتباطاته السياسية في الاتحاد الوطني للقوات الشعبية، تعرض الأب “عبو أزوكاغ” لضغوطات كثيرة جعلته يختار “منفى اضطراريا” قاده وعائلته للعودة للاستقرار مجددا في بلدته ب “إغرم نايت سنان” في الضاحية الشمالية لواحة تودغى بتنغير ..

كان ذلك أوائل ستينيات القرن الماضي ..

هكذا، كتب للطفل علي أن يعيش حياته الأولى وسط زخم الأحداث السياسية التي عرفتها تنغير، خاصة مع ترشح المقاوم الراحل “سيدي حمو أوباعلي” في انتخابات 1963 وما تلى ذلك من تطورات إنتهت بأحداث “03 مارس 1973” في ما يعرف بزمن “سنوات الرصاص” ..

لم يكتب لعلي أزوكاغ أن يكمل دراسته الجامعية بجامعة القاضي عياض بمراكش، فقرر هو وأخوه مصطفى أواخر تمانينيات القرن الماضي الهجرة لخارج الوطن ..

بعد تربع الملك محمد السادس على العرش، وبعد الآفاق الواعدة التي أطلقها “العهد الجديد” لاسيما بعد إرساء “هيأة الإنصاف والمصالحة” وتعويض الضحايا عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان أثناء “سنوات الرصاص”، استعاد علي وباقي أفراد عائلته ورفاقه الثقة مجددا في إمكانية بناء وطن ديمقراطي حاضن لسائر أبناءه، خاصة منهم أحفاد من قادوا “الجهاد الأصغر” والمنخرطون اليوم بعزم وإيمان في “الجهاد الأكبر” وراء قائد البلاد، جلالة الملك محمد السادس، وارث سر جده المغفور له جلالة الملك محمد الخامس، طيب الله ثراه ..

عودة علي أزوكاغ ورفاقه من مغاربة العالم وقرارهم اليوم المشاركة في الاستحقاقات الانتخابية العامة ليوم 08 شتنبر الجاري هو أسمى تعبير عن تمسك مغاربة المهجر بوطنهم الأم وبمقدساتهم الوطنية، وانخراطهم الواعي والمسؤول في معركة التشييد والبناء، معركة ترسيخ الاختيارات الديمقراطية، معركة الدود عن الوحدة الترابية، معركة تحقيق أهداف النموذج التنموي الجديد ..

هذه، اليوم، هي رسالة علي أزوكاغ ورفاقه من مغاربة العالم .. لمن يهمه الأمر ..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *